منذ أحد عشر عاما قدم الفنان التشكيلي العراقي: سيف الكيلاني من بغداد إلى دمشق، سيف المهندس المدني الذي ضحى بالهندسة المدنية كرمى لعيون الفن، جاء سيف الكيلاني من بغداد إلى الشام، وقلبه موزع بين بغداد ودمشق كما قال لي.
جاء سيف حاملا معه ما تبقى لديه من لوحاته الفنية وثمة أحلام وحزن دفين مما حدث للبلاد ولما يزل يحدث، جاء سيف من العراق حاملاً معه أحلاما بلا ضفاف، عن مستقبل جميل لفضاء لوحته، التي تعكس إنسانيته وذائقته الفنية العالية الحس الإنساني الراقي.
تشكّل لوحات سيف بمجملها أو لنقل في البعض الأكبر منها سيمفونية الإنسان العربي المقهور الذي يعاني من ويلات الخراب والدمار الذي يندس معنا حتى في مخادعنا كون لوحاته تعبر عن تلك اللحظة التي يتشظى بها الحلم إلى عالم من الخراب.
تتنوع لوحاته بين الواقعية والانطباعية وفي موضوعات الطبيعة الصامتة والبورتريه إضافة إلى تركيزه على الألوان المائية باعتبارها أكثر صلة برؤيته الفنية النابعة عن معايشته لبيئة الرافدين.
أقام معرضا فرديا في صالة بيت الرؤى بدمشق، أواخر العام 2010. ومعرض فردي ثاني في صالة المعارض في المركز الثقافي العربي (أبو رمانة – 2013)… اسماه تحية لصمود سورية، وهو ما يؤكد حب وعشق سيف لسورية. وله كتاب (الساحر السومري)، الذي تمت الموافقة على طباعته من قبل وزارة الإعلام السورية.
الفنان الكيلاني سيف ينقلنا بكثير من الحب والشفافية إلى عوالم فيها الكثير من الفضاءات حتى انه يجعلنا ننطلق إلى خارج تلك الفضاءات. ألوانه تنحاز كثيراً للدفء والحنين الجميل وبكثير من الجرأة يهندس الكيلاني خطوط لوحته وبثقة عالية يقدم جماليات الحياة عبر مفاتن امرأة أو يصور الشموخ عبر نخلة عراقية تتحدى الدمار وتصر على طفولة اللون وبهائه.
يدعونا الفنان الكيلاني إلى الغوص في عوالمه الفنية عبر التركيز على بداهة اللون وأصالته وتصوير الموضوع من خلال مرجعياته الفكرية.
تجربة الكيلاني متميزة ومميزة ليس على صعيد الفن التشكيلي العراقي المشهود له بالريادة والأهمية فيه مثلما هو حال الفن التشكيلي في سورية فحسب حيث تمتد تجربة هذا الفنان على مستوى العالم العربي وأعماله مقتناة في عدد من البلدان الأوروبية والعربية والكثير منها في سورية فمن بلاد الرافدين بلاد سومر وعشتار جاء الكيلاني إلى الشام وهو ابن البصرة والزائر الدائم لتمثال السياب والمولع بالشعر إلى جانب عشقه الأول للفن التشكيلي والذاهب كثيرا إلى تلك الثقافة الفنية العالمية والموروث العربي بكل تجلياته ليقدم لنا بصمته الخاصة به ولوحته التي لا تشبه أحدا سواه. وتتناغم التدرجات اللونية في لوحاته لتشكل هارموني لوني تسيده اللون الأحمر بكل نزفه وحزنه الذي يستلب القلب والروح ليعيد تكوين حالات إنسانية يسكنها شغف عجيب بالحزن حيث نجد أيضا ذاك الوقار للون الأزرق الذي تقاطع مع الأحمر لحد التماهي بل شكل مع الأحمر ثنائيا لونيا خلق حالة من التوازن قي شمولية كل لوحة من لوحاته عبر ذائقة فنية بصرية وفكرية تدعونا لمزيد من التأمل.
أعمال الكيلاني تتمحور حول ثلاثية الطبيعة المرأة والورود، وتحاكي الوجدان والذائقة الجمعية وتحمل رسالة وفكر وفن وذوق وأصالة، حيث انه لقب بفنان الجداول والأنهار في العراق الشقيق فمن شغف روحه يبدع لنا لوحات تحكي قلق النخيل وشوق الأنهار للزوارق والورود والحياة لعل لوحاته ترسم لنا ببوح خاص خبزا للفقراء والعشاق الذين ناموا على رصيف القهر والانتظار… لوحات الفنان سيف بكليتها وباشتغالها تتركز بمجملها على ثالوث الطبيعة والمرأة والورود ضمن رؤية فنية خاصة تجمع بين الجمال وانعكاساته اللونية.
ولا تنتمي هذه الأعمال إلى مدرسة فنية معينة بقدر ما تنتمي لخصوصيتها على صعيد التقنيات والأدوات المستخدمة ولخصوصية الظرف الذي تعيشه سورية حالياً ،عن ذلك يقول الكيلاني ،تحية لصمود سورية الحبيبة ولأهلها
وعن مواضيع لوحاته يقول الفنان سيف: في كل أعمالي اتجه للإنسان والإنسانية فرسالتي هي الوقوف إلى جانب الإنسان أينما كان لأن الفن الحقيقي هو الذي ينبع من ذات الإنسان ويتجه إليه.. لست واعظا ولا مخلصا للألم بقدر ما أنا فنان يحمل رسالة فنية إنسانية إبداعية تسعى لتقديم الفن النبيل الهادف وفق صياغات فنية جديدة ذات محتوى فكري عميق وجماليات بصرية بأسلوب فني يقترب من الذائقة الجماعية للمتلقي.
وأضاف فنان بلاد الرافدين انه في معرضه الجديد يقدم تجربة جديدة بالإضافة لتجاربه الفنية القديمة التي أنجزها بين بغداد ودمشق وهي أعمال منفذة بالزيت على القماش والباستيل على الورق إضافة للمائي والغواش وغيرها من المواد الأخرى التي تخدم العمل الفني.
وعن الجمهور السوري وخصوصيته قال الكيلاني: “لاشك أن السوريين يتمتعون بذائقة فنية عالية المستوى وبحس جمالي أنيق فهم جمهور مثقف وواع ومحب للفن ويفتح قلبه للفنان والمبدع العربي من أي بلد عربي.
البعث ميديا || خاص – أحمد عساف