قراءة فنية نقدية في محور الطبيعة الصامته لصورة الزميل ( احمد العزاوي )
المجتمعات الشرقية بطبيعتها مجتمعات انفعالية تتاثر بالمشاهد والمدارس البصرية التعبيرية اكثر من تأثرها بالمدارس الاخرى بشكل عام . وهكذا يكون الحال بالنسبة للقراءات والنقد على حساب باقي المدارس الفنية البصرية .
ومن هذا المنطلق , ومن باب الانصاف . احاول ان اقدم قراءة نقدية لصورة كلاسيكية للطبيعة الصامتة بعدسة الزميل المصور (( احمد العزاوي ))
العمل بطبيعته وشكله ينتمي الى محور التصوير الفوتوغرافي للطبيعة الصامتة ( Still liefe photogrphy )
وهو الذي يعتمد في بنيته على تصوير الجمادات أو النباتات خارج بيئتها التقليدية . بمعنى اكثر وضوحا تصوير الاشكال الجامدة الغير حية في وضع ثابت داخل الاستوديو والتحكم بأسلوب وطريقة اخراجها وتسليط الضوء المناسب عليها لاظهار جمالياتها او لتوصيل فكرة معينة ما من خلالها ….
تعتمد صورة الزميل ( احمد العزاوي ) على عدة مفردات منتقاة بعناية فائقة في تكوين مشهدية المكان وأخراجها بطريقة تتوافق مع الموضوع المراد تصويره .
تجهيز خلفية مناسبة بملمسها او شكلها ولونها . مع ارضية او قاعدة تستند عليها الاشكال ( منضدة ) تتوافق وتنسجم في المشهد العام وتشكل ايضا عزلا مناسبا مع الخلفية من خلال اللون …
المفردات الاخرى . انائين احدهما مخروطي طولي داكن اللون والآخر عرضي شبه دائري بلون بني فاتح كلاهما ذا ملمس خشن يوحي بالقدم والتعتيق .
زهرة عباد الشمس بلونها الاصفر البرتقالي وهي من اهم المفردات التي انتقاها المصور . وضعها في الاناء الطولي اعلى المشهد لمنحها القيمة الشكلية الاكبر وابرازها في التكوين . اما الاناء الآخر فلقد جمع المصور فيه بعض الفواكه بألوان مختلفة . الرمانة وفاكهة الكيوي والبرتقالة ولكل فاكهة لونها المستقل بأستثناء البرتقالة التي تناغم لونها وتناظرت مع زهرة عباد الشمس .
لقد اشتغل المصور على اللون والضوء بالدرجة الاساس وهما اهم عنصرين لتكوين الصورة في محور الطبيعة الصامتة .
لقد اعتمد على اللون الفاقع الذي يميل للبنفسجي المعتم في خلفية المشهد وذلك لعزل الموضوع عن الخلفية ومنحه القيمة الاكثر والاهم وركز على الالوان الحارة بالذات في في الزهرة والبرتقالة . لاعطائهما المركزية في الكادر وهما يمثلان عنصر الابهار لعين المتلفي . ولكي يجعل العين عند المشاهد تتنقل بينهما من غير الخروج عن المشهد . ولقد ركز ايضا على القيمة الجمالية في المشهد عامة من خلال الالوان المختلفة في الفواكه …
اعتمد المصور على الانشاء الذي يقترب بشكله من الحرف ( L ) ولكن معكوس . فألاناء العمودي يستند على قاعدة منبسطة من جهة اليسار والاناء شبه الدائري هو بمثابة القبان الذي يستند عليه الشكل الطولي …
أما بالنسبة للانارة والضوء . فلقد اعتمد المصور على اكثر من مصدر . لاخراج الصورة بهذه الجمالية والتناغم .
المصدر الرئيسي هو من جهة اعلى اليمين بأتجاه الموضوع والذي كانت اهميته من خلال العزل الذي شكله بالنسبة للاناء الطولي وزهرة عباد الشمس عن الخلفية . والمصدر الثاني من جهة اليسار بشكل مستقيم تقريبا وأقل حدة بأتجاه الموضوع وهو الذي عزل الأناء الصغير وما يحتويه عن الخلفية وحدد شكله . والمصدر الثالث من اسفل المنضدة بأتجاه الخلفية ليمنح الخلفية البنفسجية الغامقة تدرجا جماليا ويظهر تفاصيل اللون فيها …
اما عن ملاحظتي :
فقط اعتقد ان الكادر بشكل عام بحاجة الى متنفس اكبر اي ان المشهد هنا مقرب اكثر مما يجب , كان بالامكان التقاط الصورة ابعد من ذلك بقليل وخصوصا من الاعلى والجهة اليمنى ….
مع خالص تقديري واحترامي .
انور الدرويش
فنان تشكيلي / مصور فوتوغرافي / ناقد فني