الفنان هادي النجار Hadi Al-Najjar ..
ربان سفينة الفوتوغرافيا العراقية.. أعماله تشكل همزة وصل بين الماضي الجميل والحاضر الجليل..
بقلم المصور: فريد ظفور
- نعزف بالكلمات على أوتار النجوم الفوتوغرافية وندندن بصورهم الأحادية واللونية التي عزفتها قيثارة عدستهم الضوئية بإيقاع ديافراجم كاميراتهم..وها نحن نهيم بفنك ونحّنُ لإبداعاتك البصرية بعشق الهواة وتفحص المحترفين..وهانحن نفرش الطرقات والحارات والأزقة الدمشقية بعبق الفل والجوري وألوانه وأكمام من الياسمين المندلق من شرفات بيوتها العتيقة ..التي تهلهل وترحب بضيفنا الكبير الأستاذ الفنان.. هادي النجار ..
- بينما نحن على مشارف ربوع فنان أصيل يقطن في بلد عريق لاحت لنا من بعيد كتلة من الضياء الحضاري أشبه بشمس الثقافة المتوهجة وسط ليل مظلم ..فتحوله إلى نهار معرفي بصري..وكان هذا الضياء ناتج عن إرث حضاري معرفي منذ آلاف السنين من حضارات مابين النهرين للآشوريين والبابلين..وغيرهم ..وماذا عسانا أن نقول عن الآثار والتحف والأساطير والثقافات والعبادات والإرث الفني الذي نهل من معينه الفنان هادي النجار وكان بمثابة همزة وصل بين جيل عاصر وتتلمذ على يد الرواد ..في مجال التصوير عرف المصور السينمائي خاجيك كيفوركيان، وهو من أوائل الرواد في مجال التصوير السينمائي ومن الرواد القلائل في تقنية التصوير في العراق والوطن العربي، والمصور الصحفي الرائد (امري لوسينيان) شيخ المصورين الصحفيين العراقيين الذي صور ملوك وزعماء العراق وارشف جزءاً كبيراً من تاريخ العراق، والمصورين الفوتوغرافيين المعروفين ارشاك (صاحب ستوديو ارشاك) وجان (صاحب ستوديو بابل) ومصور الآثار (كوفاديس ماركاريان) وغيرهم..ولعل بعض الأسماء من الذاكرة..كالمصور الاهلي في الحيدرخانة الذي أرشف لنا تاريخ بغداد بصوره . وستوديو بابل لصاحبه المرحوم جان ,وستوديو قرطبة – في شارع النضال منذ الخمسينات للمصور الصحفي امري سليم , والفنان المصور حازم باك والمصور آكوب خال المصور الفنان مراد الداغستاني . كوفاديس ماكريان ,سامي النصراوي,احمد القباني,جاسم الزبيدي, فؤاد شاكر والمرحوم المصور الصحفي رشاد غازي وآخرين غيرهم .. وكذلك وجوده بين جيل يعج بالشباب والحيوية والإبداع ..والذي بحق يفاجأنا كل يوم بمبدع ينال جائزة محلية عراقية أو عربية أو عالمية ولا أدل على مدى تطور وتقدم الفوتوغرافيا في هذا البلد الحزين الجريح التي رزخت على صدره الحروب منذ سنين ..وأوصلت المواطنين إلى الدرك الأسفل من الصلف في العيش والعذاب والحرمان والفقر والجوع..ورغم تلك السوداوية المأساوية كانت هناك بقع الضوء متواجده بإستمرار والأمل بغد أفضل..فمنذ أيام كان معرض منتدى الفوتوغرافي الخامس ..احتفاءاً بالذكرى الخامسة لتأسيس منتدى فن الفوتغراف الذي افتتحه الاستاذ صباح الجماسي رئيس اتحاد المصورين العرب فرع العراق – الموافق 15 / 12 / 2017 بالمعرض السنوي الخامس للصورة الفوتغرافية بمشاركة واسعة للمصورين من مختلف المحافظات العراقية حيث شارك اكثر من الــ 124 مصورا تنوعت اعمالهم بين محاور البورتريه و الانسان والعمل و الطبيعة و البيئة و الطفولة و الحياة اليومية و قد تم عرض الــ 75 لوحة فوتغرافية ملونة و بالأسود و الابيض وقد اختياتها لجنة الفرز من الاساتذة ( عبد الرضا عناد – ايوب يوسف – رياض داخل – حسن شبوط – حسين نجم ) وبالإضافة عرضت خمس أعمال فوتغرافية للإستاد صباح الجماسي..
- وهذا لم يأت من فراغ لولا وجود مجموعة من النخب المثقفة والرواد وهمزات الوصل بين الجيلين لرفع ودفع تلك المواهب وتشجيعها والأخذ بيدها إلى بَرّ الأمان وشاطيء الإستجمام المعرفي الضوئي..ولعل الأستاذ هادي واحد ممن قدموا الكثير والكثير لنصرة هذا الجيل ولرفع شأنه ودفع مسيرة تطوره نحو الأفق الأفضل والمستقبل الزاخر بالأمجاد والمعرفة والتقنية والتي أصبحت متاحة للجميع في كل بيت بعد أن كانت في السابق حكراً على طبقة أو مجموعة مايسمونهم شيوخ الكار..وليس من السهل إمكانية إحتضان وتفهم مطالب وتحقيق أماني وتطلعات هذا الجيل الذكي والشجاع والجريء على كل شيء حتى على أهله وأساتذته..أي أنه ذكي ومقدام ولا يخاف التجريب ولكن عيبه لايحترم الأكبر منه ..هذا ليس في التصوير فحسب بل بكل مرافق الحياة العربية التي تعيشها شعوبنا في كل أسرة..
- يعتبر تصوير التراث والفلكلور والآثار والمرافق والعتبات الدينية المقدسة وغيرها..من أقدر الآثار الفنية والأدبية على التعبير عن حالة المواطنين والتي تمثل الأخلاق وتصور العادات وترسم خلجات النفوس لأنها تحمل مضامين حياة البشر ضمن أريافهم ومدنهم بزمان ما ومكان ما..وتشكل الصور الفوتوغرافية سجلهم المعاش يومياً ..وتعزز تواصلهم عن طريق ممارسة نشاطاتهم بحرفهم ومهنهم وأعمالهم في الفلاحة وغيرها ..لتمتين روحهم المتشابكة ضمن خيوط إنسانية شفافة تربط بينهم وبين مايحيط بهم من بيئة وطبيعة جميلة وتغيرات وأحداث وويلات وحروب..والعراق يزخر بهذا التراث الأصيل ..حيث يوثق المصورين ويرسمون ملامح البيئة الفريدة التي نشأوا وتربوا فيها..وهذا يؤكده ويركز عليه المصورين لوجود قيمة حضارية وثقافة مرتبطة بالجذور ..زخرت بها البلدات والأرياف والمدن المتنوعة المناخات ..وهذا دفع بالمصورين للتقصي والبحث عن التراث العابق برائحة الأصالة والتقاليد العريقة المختلط فيها القديم مع الحديث ..ويبقى أن نقول بأن الفنان هادي النجار غطى وشمل كافة مجالات التصوير الحياتية البيئية والتراثسة وفن البورترية والطبيعة وغيرها وقدم أفكاراً كبيرة وبسيطة بنبرة نبيلة وحميميمة ..فجاءت أعماله صادقة بشموليتها ومعانيها وتدرجاتها وتكوينها الفني والتقني الرفيع..مما جعله عصياً على التغيير الشامل رغم تبدل الظروف التقنية وتحدياتها للقديم..فبقي نصفه مع الماضي الجميل زمن الأبيض والأسود والفيلم وتحميضه وطبع الصور وتكبيرها وأيضاً زمن الفيلم الملون..ومن ثم ركب موجة الديجيتال والتصوير الرقمي..وأصبخ من فرسانها..ولاضير من التنويه بأن فناننا أستاذاً لمادة التصوير وله العديد من المقالات وعضو ورئيس الكثير من لجان التحكيم و المعارض ورئيس الجمعية العراقية للتصوير ومدرس لمادة التصوير السينمائي والتصوير الفوتوغرافي والإضاءة في معهد الفنون الجميلة وشارك في العديد من المعارض المحلية والعالمية..وحصل على الكثير من الجوائز..
- من هنا ندلف للقول بأن الفنان والأستاذ القدير هادي النجار الذي قدم الكثير وضحى بالغالي والنفيث في خدمة الفن الضوئي الثابت والمتحرك ليقدم الدروس والورش والمحاضرات ويرعى شؤون الفنانين بخبرته وتجاربه الضوئية التي نافت عن الـ 33 عاماً..ولعل مايسجل له ولبقية الزملاء ذلك التطور والتجمع الفوتوغرافي العراقي الذي يضم نخبة من المبدعين الذين تألقوا ورفعوا راية الفن الضوئي العراقي فوق روابي وقمم الفن الفوتوغرافي بالعالم..وأعمال الفنان هادي النجار حلقة إتصال و تشكل همزة وصل بين الماضي الجميل والحاضر المتطور و الجليل ..من هنا نتقدم بالتحية والتقدير والإحترام لهذه القامة الضوئية ولربان سفينة الفوتوغرافية العراقية التي ستظل مشعل هداية للجيل وللهواة وعشاق فن التصوير في المستقبل..
- ـــــــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الفنان ـــــــــــــــــــــــــــــــ