يتعجب بعضنا من دفع ملايين الدولارات لاقتناء لوحة تشكيلية لأحد الفنانين التشكيليين العالميين، كما أن متحف اللوفر الفرنسي يتميز عن كل متاحف العالم باقتنائه للوحة الموناليزا التي يقف زوار المعرض بالطابور للمرور أمامها والوقوف للحظات من أجل تأملها.. والعثور على لوحة ضائعة لفنان شهير يصبح حدثا عالميا.. ولكن ماذا عن الفن التشكيلي في الكويت والمنطقة، وإلى أي حد هناك إقبال على اقتناء ما ترسمه ريشة فنانينا التشكيليين، وهل يعتبر اقتناء اللوحات الفنية في زمن الاستهلاك ترفا ام ضروة، وهل مازالت زيارة المعارض التشكيلية مقتصرة على النخبة؟، هذا ما سنعرفه من خلال ما رواه لنا عدد من التشكيليين الخليجيين في هذا التحقيق.
ريادة كويتية
– يشير الفنان التشكيلي السعودي زمان جاسم الى ان مشاركاته في المعارض الجماعية فاقت 200 معرض على مدى أكثر من 25 عاما من الفن، كاشفا عن انه اكتشف خلال هذه السنوات أن لكل فرد هواياته الخاصة التي يحب ان يصرف عليها، لكن اقتناء الأعمال الفنية لا يمكن إدراجه ضمن السلوك الاستهلاكي الشائع، حيث للأعمال الفنية التشكيلية أهلها وناسها وهواة اقتنائها الذين ينظرون للقيمة الفنية للوحة قبل القيمة المادية، حتى أن زوار المعارض غالبا من المتخصصين، وينتمون لطبقة معينة قادرة على اقتناء التحف الفنية، ويؤكد ان الكويت رائدة في الفن التشكيلي، وقد خطت خطوات كبيرة في هذا المجال قبل دول مجلس التعاون الخليجي، وما ينقصنا جميعا أن يكون الفن جزءاً من النشاط السياحي مما يساعد على انتشاره وتوفير مورد للبلد، كما هو الحال مع متاحف أوروبا، فمتحف اللوفر زواره من كل أنحاء العالم وليس من فرنسا فقط.
تجارة مربحة
بدوره، يؤكد الفنان التشكيلي أحمد الغانم أن الشعب الكويتي ذواق ويميز العمل الفني ويقدره بصورة كبيرة، والناس دائما يبحثون عما يعبر عن مكنوناتهم ويفضلون مسايرة الجديد في كل انواع الفنون، وكل عمل له سوقه ومقتنوه، الكل يستطيع اقتناء أي عمل فني لأن الاسعار متفاوتة وتناسب الجميع. وكل شخص يميل إلى الفن الذي يفهمه من خلال اللوحة التي يشعر أنها تخاطبه فيقبل عليها. ويضيف: من خلال تجربتي أقول إن تجارة الأعمال الفنية التشكيلية مربحة، حيث أبيع اغلب اعمالي، ولدي محل لبيع الأعمال الفنية والإقبال كبير على اقتناء اللوحات.
تقدير الإبداع
وترى الفنانة التشكيلية البحرينية الشيخة مروة آل خليفة ان الفن لا يقارن بالمظاهر والكماليات، مشيرة الى ان الهواة الذين يقتنون اللوحات الفنية موجودون في كل مكان حول العالم، وهم فئة تقدر قيمة الإبداع الملموس في الأعمال الفنية، خاصة التي تحمل توقيع أشهر الرسامين العالميين، فنرى ان اغلب لوحاتهم مازالت تتوارث عبر الزمن في المزادات العالمية، ويتهافت المهتمون على اقتنائها تقديرا لقيمتها العالية، أما عن السلع الاستهلاكية من الحقائب والأحذية والملابس الباهظة الثمن، فتضيف: تذهب قيمتها بمجرد شرائك لها، لان موضتها لن تستمر لفترة طويلة، واعربت آل خليفة عن انبهارها بالحضور الكثيف من قبل الكويتيين في المعارض التشكيلية، واهتمامهم بتفاصيل الاعمال الفنية وتفاعلهم معها.
وعي وثقافة
وتؤكد د. فائقة الحسن، وهي فنانة تشكيلية من البحرين، أن الفن التشكيلي بات يحظى باهتمام كبير من مختلف الفئات، مع انتشار الميديا والانترنت التي خلقت نوعا من الوعي بالاهتمام باللوحة الفنية، حتى اذا دخلت الى بيت ولم تجد فيه لوحة تشعر أن البيت ينقصه شيء، فهذه اللوحات تعطي منظرا جماليا للمكان، ووجودها بات مقياسا لمدى وعي أهله وثقافتهم. وتضيف: المتلقي يصله الاحساس من الفنان فيقبل على شراء عمله فيكون بينه وبين اللوحة علاقة نفسية فيحب اقتناءها، وتشير الى أن الفنانين العرب كثر وما ينقصنا عن الغرب حاجتنا للمزيد من صالات العرض، ففي البحرين لا يتناسب عدد الصالات مع عدد الفنانين التشكيليين.
ثقافات مجتمعية
توضح البطلة الرياضية بلسم الايوب أن لكل شخص ميوله المختلفة فيما يخص اقتناء الاشياء الباهظة، فمنهم من تدفعه هذه الميول لشراء حقيبة او حذاء او فستان أو سيارة، وهناك من يدفع مبلغا كبيرا لاقتناء قطعة اثرية او لوحة فنية، لافتة الى ان للفن التشكيلي جمهوره ومتابعيه ومحبيه ومتذوقيه ومن لهم شغف في اقتناء اللوحات، وأوضحت أن النظرة للوحة تختلف بين فرد وآخر، فقد أراها بشكل يختلف عما يراها غيري. وبالنسبة لي أتذوق الرسوم وأحب اللوحة التي تجسد قصة أو حكاية، والتي تعبر عن قضية ومسألة اجتماعية، وقد اقتنيت لوحة تصويرية للمصورة والفنانة فرح سالم، وهي تعبر عن إنهاء العنف ضد المرأة. وفقا لما نشر بصحيفة القبس