الفنانة رفاه عرابي Rafah Arabi ..
مصورة سورية ..ساحرة الضوء ..آسرة اللون.. أتعبتنا لكنها أمتعتنا ..شيء فوق التشكيل وأعلى من التصوير..
بقلم المصور : فريد ظفور
- ريح لونية حولنا تزمجر بالألوان ..تمتطي جموع أشعة العشق الطيفية..لتلتقط غصن الحب الفوتوغرافي المغمس بعرق جبين التشكيل ..إمرأة تعجن بفرشاة الضوء قمح الفن المعرفي ..لتصنع لنا منه رغيف فوتوغرافي بصري..حمصته على تنور عشق الفوتوغرافيا ..ثم تمتطي صهوة سحاب البوح الفني الضوئي ..واليد لاتطال سدرة المنتهى..فيبقى الحلم وتبقى الأغنية الفيروزية الصادحة..
- ونحن نحمل باقات من الفل والقرنفل والنرجس والجوري والخزامى و الياسمين الشامين لنقدمها للمصورة والفنانة رفاه عرابي ..
- قصة حبها الضوئية عمرها كعمر الورود..بدأت بالإتجاه المعاكس للفن ..أرادت أن تكون مختلفة عن أقرانها من المصورين والمصورات ..الكل يصور الواقع وهي تصور الخيال ..الكل يشتري الكاميرا ليصور الأشخاص والطبيعة وهي تصور الأحلام والماورائيات..لها فلسفتها الخاصة ومفهومها للتكوين المختلف واللون عندها هو سمفونية فوق ضوئية..تعزف على سلم تدرجاته الرمادية واللونية بآلات لم نعهدها وبطرق مبتكرة ..أخرجتنا عن المألوف وتركتنا في بحر فنها حيارى ..وربما غرق البعض في لجج البحر التشكيلي وقذفته أمواجها المعرفية والرمزية ..لقد قدمت سيميوطيقا وهيرمينوطيقا ..فهما يتعاملان مع ماينتجه البشر من وسائل لتحويل محيطهم إلى محيط إنساني أي محيط ذا دلالة ورمز..والإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالمعرفة التي تخص لوحاتها الضوئية الفنية تخص علم الإبستمولوجيا الذي يبحث في إمكانية النفس الواعية معرفة العالم الذي يحيط بها..وتتناول الإبستمولوجيا كل مايتعلق بما هو خارج النفس البشرية من أشياء طبيعية أو حضارية فالإبستمولوجيا أو نظرية المعرفة هي الباب الأول الذي ندخل منه إلى فهم أعمالها الضوئية التشكيلية..وبلغة عفوية تارة وحاذقة وخبيثة أحياناً ..دروبها متعبة وإكتشاف نهاياته متعبة وقد لاتوصلك برَّ الأمان وربما تصلك إلى المجهول..قاع محيطها في فلسفة الصورة بحاجة لبحارة وغواصين من نوع مختلف ..كشافاتنا الضوئية أعيتها طرقها وتحايلها في إنتاجها للصورة..أمطارها غزيرة وعواصفها رعدية وحرارة ألوانها بكل الفصول مرتفعة ..تريد من الألوان كل الدلالات وكل الحروف والأبجديات ..تريد من أعمالها لغة واحدة ..لغة عالمية بسيطة يفهمها كل شعوب العالم وتدخل القلوب بدون جواز سفر..ولكن سلطاتها الأمنية على حدودها المعرفية وفي مطارات أعمالها حاذقة وصعبة وحصيفة المران في التفتيش والتنقيب ..وقلة قليلة من يتجاوز خطوطها الحمراء..وحدها سيدة الضوء واللون ..وحتى تدخل عوالمها بحاجة لدورات بكل فنون ومدارس التصوير والتشكيل..وبعدها سوف تعطيك وبتقطير وبالقطارة ألف باء رمزيتها ومفاتيح فنها الضوئي..فهي مدرسة بحد ذاتها ..تشمر عن ساعديها وتلقي في شباكها التشكيلوضوئية لتصطاد فرسان الفن ونقاده بسنارتها وبألوانها وأشعتها الطيفية..
- إن إنفجار قنبلتها الفنية هز أركان الفن التشكيلي بكامله ووضع المنطقة التشكيلية والضوئية على حافة حالة فنية ماقبل الثورة ..وللأسف الشديد فقد تعاملنا مع الإبداع الضوئي عندها من منطق رد الفعل وليس الفعل..مع أن الإبداع والتجديد والتحدي موجود دائماً ..والقنبلة موقوتة دائماً وإنفجارها الإبداعي مرهون بالظروف العالمية والحداثوية ..ومن الأكيد أنه في صيرورة التغيرات الفنية التي لازالت تهز أوروبا ويأخذ التشكيل مكانة لابأس بها بين الفنون والأفكار والوقائع التي كانت لمدة طويلة موضوع نقد بل ونفي وتقزز والتي يعاد لها اليوم نوع من الإعتبار..والنموج الأكثر دلالة على ذلك مانراه وتشاهده أعيننا من أعمال فنانتنا رفاه عرابي من لغة بصرية تشكيلية ضوئية بروح عصرية وبأفق مختلف وبمنهجية جديدة لم نألفها ونحتاج لوقت حتى نتعافى من صدمة التجديد فيها..وإن مايسمى بإعادة المركزية للفن التشكيلي لم تشمل إلا نوع من التفاصيل أعيدت صياغتها ..وإن الخيارات الكبرى السابقة لازالت ثابته في جوهرها الفني…
- إن سعي الفنانة رفاه عرابي للعمل بموجب المفاهيم الفنية القديمة الأنفة الذكر..إن هو لتقديم جواب صالح على حالي التشكيل والتصوير..وتحدياتهما ومع الأسف الشديد أن القادر على ربح معركة التشكيل مؤهل لربح معركة التصوير أيضاً ..وحين تصر الفنانة على التطبيع بينهما فإن ذلك يجب أن لايفهم بشكل خاطيء أو مجزوء ..وما كانت الفنانة رفاه أن تسعى إلى كومنولث فني لو لم تضمن لفكرتها ولنفسها موقع ريادي ومركزي..وعلى أهمية إمتلاك المفاهيم الصحيحة والرؤية الفنية البعيدة فإن ذلك ليس كافياً وإن كان ضرورياً لصياغة تجربة تشكيلية ضوئية متطورة من جانب ثان فإن المفاهيم عند رفاه لم تبقى في النطاق النظري بل دخلت إلى حيز التطبيق العملي ولا نخالف الحقيقة لو قلنا أنها قد قطعت شوطاً فنياً متقدماً على صعيد تجربتها الجديدة..فهي مناسبة فريدة وعزيزة نرى فيها خطوة هامة لتلمس واقع ضوئي يتناسب مع المهام الملقاة على عاتق النقاد والصحافة في وقت يقتضي إعادة تشكيل المفاهيم الفنية ..خاصة ونحن نشاهد إنهيار عالم قديم كان في زمن تصوير الفيلم باللون الأحادي أوالملون ..وإنبلاج أفق جديد من خلال ثورة المعلوماتيه وعصر الأنترنت والثورة الرقمية وعالم كاميرات وموبايلات الديجيتال والصورة الرقمية..
- إن كل شيء يدعو للألم لأن كثرة النار الملتهبة من ربيعنا العربي قد أحرقت جزءاً من بلداننا وهي لاتزال تجري سريعة لتطال الأطراف البعيدة من الخارطة العربية..بينما يقفز العالم قفزات هائلة في إتجاه التطورات والإختراعات في مناحي العلم والتقدم والفن ومدارسه الجديدة وآخرها الفن المفاهيمي في التصوير..وكذلك كل شيء لايدعو إلى التفاؤل فالثورة العلمية أخذت ترسم بقوة مسارات مصائر البشرية في بدايات هذا القرن ..وتموت مصطلحات وتنشأ مصطلحات أخرى مؤذنة بإبتداء زمن للحضارة الرقمية حضارة الديجيتال ..
- وهنا نصل إلى محطتنا الأخيرة لنسلط الضوء على موهبة فنية نادرة قدمت وتقدم رؤى بصرية تشكيلية بروح عصرية متفردة لم يسبقها عليها أحد..ومن هنا ندلف للقول بأن المصورة والفنانة التشكيلية الضوئية..تستحق التقدير وتسليط الضوء عليها وعلى تجاربها الفنية الضوء تشيلية المتفردة .. وتكريمها بالشكل المستحق ليكون ذلك حافزاً مهما في متابعة مسيرتها الفنية المتمايزة فالفنانة رفاه مصورة سورية .. أتعبتنا بفهم أعمالها و لكنها أمتعتنا بفرجة فلسفية بصرية وجمالية راقية ..فأعمالها شيء فوق التشكيل وأعلى من التصوير..
ـــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الفنانة رفاه عرابي ــــــــــــــــــ
لِلحُبِّ طُرُقٌ أُخرَى
أخبِطْ شجرةً بِيدِكَ ولا تقُلْ لهَا شيئاً على الإِطلاقِ
أعبُرْ تحتَ الجِسرِ دُونَ تنفُّسٍ وراءَ سِربٍ من الفراشاتِ
وإن نظرتَ من النّافِذةِ فألفِيتَ فتاةٌ تهِمُّ بِإلقاءِ بيضٍ عليكَ
فأغلِقْ النّافِذةَ وتكوّمَ على سرِيرِكَ مُحنّطاً
لِلحُبِّ طُرُقٌ أُخرَى كثيِرةٌ جدّاً
إن جرّبتَهَا فحوِلَهَا إلى أسرارٍ حربِيّةٍ وأحرُسْهَا بِكتائِبِ الموتَى
ثم أنسَى أنّهَا حدثتْ معكَ.
عدسة