Saad Hashmi | HIPA
فوتوغرافيا
الوجوه .. مرايا الحضارات البشرية
جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي
هل بمقدور أي مصور النجاح في منطقة “البورتريه” ؟ هل تدركون حجم الجرأة والشجاعة المطلوبين لاقتحام مملكة تصوير وجوه الناس ؟ كم من المهارات والمواهب والعمق والبديهة والحس البصري المثقّف اللمّاح تكفي ليمتطي المصور صهوة عدسته ويعلن استعداده لهذا التحدي المخيف!
تتساءلون عن الهالة الـمُفخّمة التي وضعناها حول “البورتريه”! هل تعتقدون أن وضع وجوه الناس داخل إطارات الصورة الفوتوغرافية أمرٌ سهل ؟ وبعيداً عن التصوير هل تتخيّلون نسبة الناس التي تجد صعوبة في النظر في أعين أناسٍ لا يعرفونهم ؟ وبعودةٍ إلى التصوير هل لديكم فكرة عن عدد المصورين الذين يحاولون يومياً إنتاج أعمال تُصنّف ضمن دائرة “البورتريه” ولا يُكتب لهم النجاح ؟ وكأن هذه الدائرة تتمتّع بكبرياءٍ من نوعٍ خاص بحيث تختار فقط القادرين على إفراغ كؤوس إبداعاتهم الأخرى والتتلمذِ منذ الصفر على قوانينها وأمزجتها الغامضة.
منذ نشأة الكاميرا وبزوغ فجر الصورة أثبت بعض المبدعين في “البورتريه” حضورهم بأن نقلوا لنا قصصاً متفاوتةً في طولها وغرابتها ودرجة حرارتها لقبائل وشعوب وحضارات وأفراد وجماعات، من خلال تعابير وجوههم وملامح نظراتهم والرسائل المشفّرة الـمُخبّأة في أبعاد ابتسامةٍ أو جبينٍ مُقطّب أو وجهٍ مكفهر أو ملامح حادة تتحدّى من يطمح بتغييرها.
إن المتلقي الذي يجيد قراءة “البورتريه” ويداوم على متابعة مستجداته يجزم بأن المشاعر والانطباعات الإنسانية عصيّةٌ على الحصر وأن الغوص في أسرار طلاسمها أمرٌ غايةٌ في التشويق والرهبة في آنٍ معاً. التفسيرات لا تنتهي لكننا نقف عند عبارة خطّها أحد الصحافيين يقول فيها: لا شيء يخترق مشاعر الإنسان ويُلهب عواطفه وانفعالاته أكثر من الصور الناقلة لحرارة مشاعر أخيه الإنسان. “البورتريه” سلاحٌ صامتٌ ذو نفوذٍ ناعمٍ وتاريخٍ حافلٍ بصنع المعجزات والانتصار لإنسانية الإنسان.
فلاش:
“البورتريه” الخاص بشخص .. بمثابة سيرة ذاتية بصرية تختصر حالته الراهنة ..