100عنوان وأنتم بخير
التاريخ: أغسطس ٣١
اليوم .. تعودُ بي الذكرى للأول من يوليو عام 2012، تاريخ نشر مقال “ماهو ضوؤك” في هذه الزاوية، والذي كتبتُ خلاله عن العلاقة بين الضوء والتركيب النفسي للإنسان وعلاقته الوطيدة بتشكيل الحالة المزاجية والإبداعية. اليوم .. وأنا أكتب لكم أعزائي القراء المقال رقم 100 في هذه الزاوية، أرى شريطاً سينمائياً يدورُ أمامي حاملاً عشرات المشاهدات والأحداث والتطوّرت التي رافقت رحلة قلمي طوال 100 أسبوع تفاعلتُ خلالها معكم. دعوني أعترف هنا أني تعلّمتُ منكم أضعاف ماقدّمته لكم، وأن نسبة كبيرة من أفكاري التي ناقشتها معكم استنبطّها من واقعكم ورسائلكم، من الحالة الفنية والإبداعية التي تعيشونها، من بوح آلامكم وآمالكم معاً. كانت رحلة مفعمة بالحماس والتشويق والفائدة المتبادلة، تجوّلتُ خلالها بين عشرات القضايا، فكتبتُ عن “ثورة فنية نحو الداخل” حيث الحاجة الكبيرة لتقدير المخزون الحضاري والثقافي والتراثي، والاستقلال بالشخصية الفنية والتناول الفني بدلاً من الاقتباس والذوبان. تناولتُ الصور كجهازٍ كاشف للكذب، حيث الصورة سفيرة عفوية لحقيقة أصحابها، كتبتُ عن “عراك العدسات” وعن “الذائقة الفنية” للأجيال الصاعدة، ناقشتُ معكم وبكم “حقوق الصورة وواجباتها” والمناخ الإبداعي العام في الوطن العربي. تحدّثتُ عن ثقافة التدريب وثقافة الفوز وأسراره، وعن الحاجة الماسة لمنهجيةٍ عربيةٍ مستقلة في التصوير الضوئي، وغيرها من القضايا التي لا يتسع المجال لحصرها هنا. اليوم بالنسبة لي هو يوم الإطلالة المئوية، يومٌ أحتفل به معكم بالفارق الكبير الذي ألمسه في مستوى الوعي البصري وفي أداء المصور العربي، الذي تطوّر من حيث الفكر والطاقة والشخصية الفنية ومزاحمة الآخرين على منصات التتويج العربية والدولية. مهما كانت سلبيات الواقع إلا أنها لن تحجب عن الأنظار النقلات النوعية الإيجابية في صناعة التصوير الضوئي في الوطن العربي. حتى على مستوى التقدير العام للصورة والمصور، والوعي بأهمية هذا الدور في الحياة العامة وليس الفنية والثقافية فقط. هناك توجّه عام نحو تعلّم أبجديات التصوير والبدء في صياغة علاقةٍ خاصةٍ مع المفهوم الجَمَالي من خلال عدسات الكاميرا. من أراد أن يقيس اتساع حجم الصورة في الحياة اليومية فليلاحظ وسائل الإعلام الاجتماعي، ونوعية التواصل البشري عبر الأجهزة الذكية، سيجد أن الصورة أصبحت ملكة متوّجة على خيارات التعبير الإنساني ومدارات الإبداع الفني الذي لا يعترف بحدودٍ للنهاية. هذه الزاوية لم تكن لتلقى هذا النجاح إلا بكم .. هذه الرسائل المائة لم تُكتب إلا لأجلكم .. هذه نافذتكم .. وكما ساهمتم في صناعة عناوينها، أطلبُ منكم الاستمرار في تغذيتها بالقضايا التي تشغل بالكم .. لنصعد بالفارق الذي صنعناه سوياً إلى آفاقٍ جديدة.