الدكتور عبد الرحمن الزراعي ..
صيادٌ ماهرٌ في إقتناص الفرص ..
وقد زَادَّ في الطنبور الضوئي نغماً إبداعياً..
بقلم المصور : فريد ظفور
– يئن ظهر الأرض الفوتوغراية وبطنها تحت وطأة بُناتها وروادها..وترتعد الأشجار المعرفية من وقع ضربات أقلامهم وديافراجمات كاميراتهم..فرحين مستبشرين يرقصون ويغنون وينشدون النشيد الضوئي العالمي الذي يجمع عشاق الصورة بالمحبة والإبداع..فهاهي عقارب الزمن تشير لدخولنا عتبة الليل المحمل نسائم لطيفة تشرينية تحمل عبق الورود والرياحين المعرفية والياسمين الدمشقي لترحب بضيفنا الفنان الضوئي والناقد والأستاذ ..الدكتور عبد الرحمن الزراعي ..فهلموا رحبوا معنا به..
– إن إصرارنا على واقعية الهدف الضوئي العربي ..ليس فقط مقولة إيمانية أو ضرورة حياتيه تمليها ظروف التنمية القطرية المخفقة والتحديات الخارجية المتزايدة ..وإنما هو إصرار نابع من قراءة عملية للواقع الفوتوغرافي الفني العربي الذي يتلهف كل شيء فيه إلى العمل الجماعي ليقدم إمكانات لا متناهية من إجل تنفيذها أو حتى الشروع بذلك..بالرغم من أن الظواهر توحي بالمزيد من التشتت والتشرذم والتنابذ بين العرب الواقعين في إسار المؤسسات المرسومة أو المرتجلة..التي خسرت الكثير من بريقها لفشل التنميات الفنية القطرية وسوء الإدارات..وإن تجنب مثل هذا المصير الفني الضوئي الكالح رهن بتوافق بعض الإرادات والمؤسسات والأفراد والمسابقات والجوائز..على فعل فردي يحصل في كل قطر وبلد على إنفراد..ورغم تلك السوداوية التي غيمت على الواقع الضوئي العربي…نشأ إتحاد المصورين العرب ونشأت بعض الجوائزة التي أضحت رقماً صعباً ومحجة لكل عشاق الفن الضوئي..كما هي عليه جائزة حمدان بن محمد للتصوير الضوئي في دبي..وأيضاً بعض المسابقات في البلدان العربية كما في السعودية والكويت والإردن وفلسطين ومصر والمغرب العربي..وغيرها..وكلها بوارق أمل تصب في بوتقة تشكيل ثقافة الصورة الفوتوغرافية و وعي فني بأهمية الصورة وفلسفتها فلذلك إنبرى الكثير من الزملاء وقدموا أنفسهم على مذبح التضحية الفنية الضوئية ..لتعليم الناشئة وهواة وعشاق التصوير أصول ومباديء الفن الضوئي..نذكر منهم ما يقدمه من جهد تعليمي الأستاذ يحيى مساد في المواهب الفوتوغرافية العربية عبر النت..وغيره من بعض الزملاء الأساتذة بالدول العربية..ونذكر منهم الأستاذ عبد الرحمن الزراعي الذي شكل لبنة مبدعة في بناء صرح التصوير..فهو الذي يسعى جاهداً لتبسيط المفاهيم وتقديمها عبر وجبة فنية سهلة الهضم على طلبة العلم الضوئي ..علاوة على بحوثه النقدية ودروسه وورش عمله في الجامعة وغيرها..فله كل التقدير والشكر لما يقدمه في صفحته في السيشول ميديا عبر الشبكة العنبوتية من مواقع التواصل الإجتماعي الذي قربت المسافات وعرفتنا بالكثير من المواهب والمصورين المغمرين الذين لايحبون الأضواء..كل ذلك لعبته مواقع التواصل الإجتماعي كالفيس بوك والأنستغرام وتويتر وغيره ..لنتعرف على أسماء وصور كثيرة فيها الغث وفيها الثمين..
- يودُّ المبدع الدكتور عبد الرحمن الزراعي ..إستخدام قدراته ومواهبه الفنية والفكرية والضوئية للتعليم ونشر ثقافة الصورة وللمشاركة في أعمال الخلق والإبداع عند المصورين المميزين..وتلك لعمري هي وظيفة النقد الفني الفوتوغرافي ..وتشتد أهمية هذه الوظيفة عندما نعلم أن أثر الفن والأدب يتغير عندما يتغير فهمنا لهما ..فبأي عين على الناقد الدكتور عبد الرحمن أن ينظر إلى الفن والأدب..وفهمنا للطبيعة البشرية ..للإنسان الذي يختلف عن سائر الكائنات الحية..وهكذا الحال مع الفن والأدب…لهما صفات خاصة بهما والأخرى عامة..وللفهم الفني لابد من إحاطتنا بالنوعين..والنقد ليس علماً..وإنما هو أساس رؤية يستعان عليها بشتى ضروب وصنوف المعرفة ..والنظرة العلمية الصرفة والصارمة تظلم الفن لامحالة..لأن العلم يتجاهل الصفات الغير مشتركة بعينات النوع….ويصبح ثمن التحويل الكمي هو الجهل بالتفرد ..بيد أن الميزة الرئيسية للفن هي التفرد..بل هو جوهرة معرفة بالمفرد ..معرفة بما يجعل الشيء أو الصورة هو إياه..فالعالم يكتب عن الصفات المشتركة في المرأة و عن الخوف وينقل فكرة ما..وأما الفنان يكتب عن المرأة وعن الخوف ويبدع رؤية متميزة ومشاعر متفردة.. والنقد ليس نظرية..لأن النظرية تغتصب العرش من الفن..
- العملية النقدية لاتبدأ بجمع المعلومات وإسنتتاج الأحكام منها..ولكنها تبدأ بطرح الأسئلة مُشكلة قبل رؤية العمل الضوئي أو قراءة العمل الأدبي..أي تبدأ برؤية الناقد الفني الضوئي..وبعدها تعرض الرؤية على المنهج وتقابله على الإفتراضات المعاكسة والنظريات الفنية والأدبية..ومن ثم على تحليل المعلومات..لأن الرؤية الفنية النقدية هي بداية النقد وجوهره..وهي التي تميز النقد الحقيقي الراقي عن المزيف ..وهي فعل حدسي تشكلها التحليلات والمقارنات بين أعمال المصور وبقية المصورين..وأيضاً الثقافة البصرية الفنية وغير الفنية..وتتوقف على حساسية الناقد وتفتحه على التطور وكل جديد وعلى المجهول..
- ويعتبر فن النقد كأي فن ..لايمكن تعلمه مباشرة ..وإنما يؤتى إليه على نحو مباشر ..مثلما ينبغي على المصور والفنان تعلم عدداً من الأشياء قبل أن يشرع في الفن نفسه..فمثلاً المؤلف الموسيقي يبدأ بالتدريب على السلم الموسيقي وبعدها على العزف على بعض الآلات ومن ثم يدرس الفن وتاريخه.. ثم يبدأ التأليف الموسيقي ..وأيضاً المصور يبدأ بالتعلم على استعمال الكاميرا وعلى كيفية تصوير الفيلم وطباعته وتحميض وتكبير الصور ..كما كان في السابق ..أما الآن فيتعلم على كاميرات الديجيتال وكيفية إستعمالها وعلى الإضاءة وعلى الفلاتر وكروت الذاكرة وبرامج التعديل كالفوتوشوب وفكرة عن اللون الأحادي وعن الألوان وعن أنواع التصوير وعن تاريخه التصوير ومدارسه وأنواعه ..وكذلك الناقد لايبدأ النقد قبل أن يتعلم الكثير من المعارف فهو يدرس الأداب والتاريخ والفن والفلسفة والمنطق وأصول البحث العلمي والعلوم الإجتماعية والإنسانية وفلسفة الصورة….ولا يمارس النقد دون الإلمام من النظرية والمنهج النقديين ..والناقد الذي لايعرف في النقد غير النقد والإعتراض فهو ليس بناقد..ولكن الناقد الفني الحقيقي هو المسيطر على النظرية وعلى الممارسة العملية..وتندمج معرفه ونتائجه النظرية والعملية ..ونتائج ممارسته في كل عمل ضوئي ..هي واحد ..هي حدسه وماهية السيطرة على أي فن..
- وهكذا كانت عين فناننا الأستاذ عبد الرحمن هي قدرته على النفاذ إلى الحقيقة الضوئية بعمق وإنسانية أشد مما تستطيعه عين الحكمة..فعين الناقد هي القدرة على رؤية الأشياء بحنو نابع من أعماق الحياة..وعين عبد الرحمن تعني التبصر النفاذ الذي يرى النشاط الضوئي النابض للحياة وكل وجوه الكون..لتجسيده في النفس ..وإستخدام هذه القوة الحيوية الناشطة لفهم حقائق الحياة البصرية الفنية الضوئية عند المصورين..
- طوبى لفناننا الدكتور عبد الرحمن الزراعي..ولكل مشعل نور أنار درب الفوتوغرافيا عربياً وعالمياً..فأنتم راية من رايات الفن الضوئي الخالدة ..التي ستكتب في سفر وسجل الأساتذة الخالدين والمعطائين للأجيال أبجدية الصورة والكاميرا وتقنياتها..فلكم أعظم آيات التقدير والإحترام ..ولكل من زرع بذرة معرفة بصرية في أرضنا المعرفية الفنية..وأسماؤكم ستبقى حية وسيسجها تاريخ التصوير أغنية خالدة يرددها الأجيال للأبد..
- أساتذتنا ومعلمونا نبادلهم الوفاء بالوفاء لأن أعمالهم الضوئية الفنية أمانة في أعناقنا فهم من رسم لنا النهج والطريق القويم إلى الفوتوغرافيا..هم من خط درب المجد بالصبر والأناة والتضحية بالغالي والرخيص للذود عن حياض الفن الضوئي ولرفع شأو راية التصوير خفاقة فوق ذورى التلال المعرفية الفنية.وستبقى أسماؤهم وتضحياته أوسمة شرف تزين صدورنا…وهم من يستحون التقدير والتكريم وتسليط الضوء على إنجازاتهم المحلية والعالمية..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الدكتور ــــــــــــــــــــــــ