المصور صالح الدغاري Saleh AL Degari ..
فنان التصوير المفاهيمي وسريالي الصورة السعوية ..
بقلم المصور : فريد ظفور
- بدأ الخريف يحمل في طياته نسائم البرودة ويتسلل من بين فتحات النوافذ..والأشجار تتسابق أوراقها الصفراء في السقوط مع رقصات الهواء ..والياسمين الشامي يتساقط ليفرش ويغطي الشوارع والطرقات ببياضه الجميل ورائحته الزكية ..وتحت سماوات تشرين ..وعلى وقع ضوء القمر الذي يفترش الطرقات بإضوائه الناعمة ..ليعانق ضيفنا المبدع السعودي الفنان التجريدي والذي يرسم بالصورة كاريكاتيره وفكرته ليعبر عنها بفنه المفاهيمي الإبداعي..فتعالوا معنا نرحب بالفنان العالمي المتألق المصور السعودي..صالح الدغاري..
– في جو مدلهم بالغيوم المعرفية والثقافية ومشبع بالمطر الحداثوي المتجدد فنياً ..فقد كانت لوحاته الإنطباعية الواقعية المبتكرة للذود عن حياض فنه والإستبسال في رفع شأو أفكاره وتجسيدها في بوتقة عمل فني فيه المضون المعبر عنه بالشكل الناتج..كتعبير عن المشهد الرائع..عبر وجوه وقبعات وأقنعة ..مبهمة ومتكررة ..وفقط واحدة مختلفة بوجهها الأبيض المفعم بالأمل وبالتمرد والتفاؤل والإشراقة الجدية..فالتعبير البصري هنا بسيط في ظاهرة ..ولكن الصورة أو لنقل اللوحة الضوئية أعطى فيها فناننا المبدع صالح بعداً عميقاً وجعلته يمثل موقفاً يسود فيه السلام والتفاؤل والإنسجام بين عناصر التكوين من عناصر كونية وحيوية وإنسانية..عبر عنها المبدع بإقتدار..فبدت اللوحة على الرغم من واقعيتها رامزة بقوة إلى المعنى المجرد بين الرجل وتحرر المرأة من العبودية وسطوة العنصر الذكوري عليها..بحيث يغمر طبيعة التكوين الجامدة والمتحركة..والتركيز على عناصر الطبيعة في الحب..ويجعل بعض أعماله تلتف ببعض الغموض المحبب الذي لا يعطي التفسير المباشر..بل يبعد عن التقرير والتفسير إلى الرمز لتقوم عناصره الموجودة في الصورة بالدور الأساسي..وبذلك يدع الفنان للمتلقي والمشاهد تأويل ما يعنيه إبراز هذه العناصر..فهو لايقحم على تفكيرك وضعاً معيناً وإنما يتركك ..ولك الحرية في قراءة الصورة الفنية وبالطريقة التي تحلو لك..ففي البعض يتحول المحب في الصورة إلى عنصر رمزي لايكاد يبين أو يظهر وكأنما أذابته الحسرة والهجران فبدأ شبحاً وهيكلاً يستجدي أسراب الطيور الطائرة كوسيلة يصل بها إلى عشيقته الماثلة في الأفق البعيد..
في زيه الخليجي عزة وإبتهال وغزل ودلال..وتمرد على فن الحال..سحرُ فنه جذاب فلا تذبحوه على مقصلة التعذيب بأنه فن المحال..ولا ترشقوه بتلك الدعابات ببرامج التعديلات من الفوتوشوب وغيره..بل عاملوه كأي فنان عربي أو عالمي وطأت قدماه وعملت يده وبصيرته وبصره في إنتاج فكرة فنية خرجت للملآ بالفن المفاهيمي..أم أن زمار الحي لايطرب والمزار القريب لايشفي..الحق كل الحق بأن الفنان صالح بكل المقاييس والمعطيات فاق أقرانه بتقديم فنه بأفكاره الراقية والجديدة والمتميزة عمن سبقوه..
- وفي عجالة لمعرفة الفن المفاهيمي و المسمى أحيانًا بالمذهب التصوري وقد نشأ في كنف ظروف موضوعية وذاتية تحت مسمى التحدي كردة فعل نفسية وإجتماعية وفنية على الحربين العالميتين الأولى والثانية، وكنتيجة التطور العلمي والتكنولوجي وثورة المعلومات، وكذلك أثر الحركات الفنية الحداثوية التي ظهرت في مطلع القرن العشرين مثل السريالية، والتعبيرية التجريدية، من محاولات الفنان مارسيل دوشامب في العقد الثاني من القرن الماضي ، وأيضاً الحركة الدادية الجديدة، وكذلك دور الفرنسي ايف كلين، والإيطالي مانزوني ..وكان نشاطهما بمثابة صلة الوصل” مابين الدادية في مختلف مراحلها والفن المفاهيمي الراهن..والذي إنتشر في الستينات والسبعينيات من القرن المنصرم..وتعود التسمية إلى كون الفكرة هي فن المفهوم أو التعبير أو التجريد الضوئي وهي الأداة التي تصنع الفن .. بحيث ترتفع وتعلو فيه الفكرة على العمل الفني الضوئي ذاته فتُصبح عملية إبداعية مثل الفلسفة التي يُحددها الجدل والمنطق عبر وضع التساؤلات ، وتُطرح القضية الهامة حول وظيفة الفن البصري وعلاقته بالمشاهد والمتلقي، وينتج عن ذلك توظيفنا للمدرك البصري بالتناغم مع شتى الحواس الإنسانية الأخرى من بصر وتذوق وسمع وعمل عقلي وحركي.. وبات الواقع المجال الأساسي للمقابلة الجمالية بالتحول إلى المككنة والآلة والتكنولوجيا الحديثة بحيث إختفت بصمة الفنان كلياً ..ليتحول بذلك الفن من مضمون Content إلى مفهوم Concept ..أي تحَّرر من القيود الاجتماعية والثقافية و الطرق التقليدية الخاصة بالعمل الفني الذي ينتج ليباع في السوق..
- ومن أبرز وأهم فناني و ممثلي “الاتجاه المفاهيمي” الفنان المينيمالى:بارنيت نيومان.. وجاكسون بولوك .. وجوزيف كوزوث Joseph Kosuth – ودانيال بورين Daniel Buren – و جوزيف بويز Joseph Beuys – وثاومان – ولونغ – وكوزت- وفوستل ..
- ويتضمن الفن المفاهيمي العديد من الممارسات والاتجاهات الفنية مثل” فن الجسد، فن الأرض، فن اللغة، وجميعها تذهب إلى قطع الصلة مع الموروث والتخلص من اشكال الفن التقليدية .. وهو يقوم أساسا على ترجمة الفنان فكرته باستخدام أي وسيط يراه مناسبا للتعبير .. والفكرة هي الهدف الحقيقي للفن بدلا من اتجاهات الفن الأخرى ..ويفيدنا هذا النوع من الفن بكونه أكثر إنسانية وله وظيفة اجتماعية وتعليمية، لأنها تعطي المشاهد المعلومات، وتختلف عن طبيعة الفن البصري المورفولوجي الذي يقدم شيئا جميلأ أو قبيحا بصريا.. وبذلك يمثل العمل المفاهيمي مرحلة من النشاط العقلي بين الفكرة والنتاج النهائي للعمل البصري التشكيلي وهي المرحلة التي تشكل الجزء الهام في عملية الاتجاه المفاهيمي ..حيث يستخدم فيه الفنان الوسائط المادية بمفهوم لامادي لتحقيق أفكاره الفنية الضوئية و حيث يعتبر الفكرة هي الحجر الأساس لعمله ..
- ويعتبر الفن المفاهيمي أسئلة عن طبيعة ما يفهم من الفن.. لأن الفن وجد بالطبيعة كـمفهوم ..والفن مجال لتأمل العقلاني النقدي أو لتحويل فكرة ما وجعلها ملموسة ..حدسية وليس نظرية ..بالتركيز على الفكر الخالص بخروجه عن الفن ..وكان يعتمد احيانا المحاكاة الساخرة ..بينما تقف العاطفة للتعبير على الجانب الاخر ..و يمثل مرحلة من النشاط ما بين الفكرة والنتاج النهائي للعمل الضوئي البصري التشكيلي..ويعتبر إعادة تعريفه للفن بجوهره لا وظائفه ولا نفعية له فهو مجرد من الغايات وقد أعاد الاعتبار للمضمون الفني وبذلك همش الشكل على حساب المضمون والواقع هو المجال الاساسي لأي مقاربة جمالية ..و يصبح احيانا فيزيقيا (ماديا) تماماً..
- ومجمل القول بأن فناننا المتألق المبدع صالح الدغاري ..قد طاف بنا عوالم الفلسفة الضوئية في قراءة الصورة..وفي الماورائيات عالم السحر الفني والتألق بالفكرة والمضمون عبر الناتج الفني الذي قدمه من أعمال بعد أن حلق مع الفنانين العالميين في أجوائهم الإبداعية العالية..وعاد من هذه الرحلة الفنية الضوئية التشكيلية بإبداع رفيع المستوى ..يتميز من خلال اللوحات الفوتوغرافية بالجمال والعمق ويتسامى في الغرض والتعبير عن فنة المفاهيمي ويضيف بذلك إلى الفن الراقي والفن السعودي والعربي أعمالاً مميزة ببصمة جمالية ساحرة أخاذة..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الفنان السعودي : صالح الدغاري ــــــــــــــــــــــــــ
الدغاري خلال تقديمه المحاضرة
الفوتوغرافي الدغاري يشرح التصوير المفاهيمي بصفوى
طالب الفوتوغرافي صالح الدغاري بضرورة العروج من الفكر التقليدي للفكر الإبداعي من خلال تطويع الذات والبحث الدائم عن الأفكار المتجددة التي تتضمن المرونة والقدرة على الابتكار والاختراع، وذلك خلال محاضرة (التصوير المفاهيمي) في مقر جماعة «ضوء وظل» للتصوير الضوئي بصفوى. وتطرق الدغاري لأهمية ما يدعو له الفن المفاهيمي الذي يُعنى بالتجرد من الصور التقليدية التي تدعو للملل والسعي نحو توظيف الخيال وإحالة الأفكار إلى واقع ملموس ومفهوم معين ووارد بين الناس في صورة.
من جهته، ذكر رئيس جماعة ضوء وظل عبدالله السعيد إن الهدف من المحاضرة هو التكثيف والاستزادة من المعلومات عن هذا المجال للمهتمين.
