معرض «19» الفوتوغرافي .. تكوينات مبتكرة تُفسِّر الشخصيات “رمزيًّا”
المعرض الذي يستوحي أعماله من الرواية التاريخية «1919» للكاتب الجماهيري الشاب أحمد مراد، مغامرة فوتوغرافية فريدة، ورحلة بصرية جريئة وخاصة، سافرت خلالها المصورة شيماء علاء، في رحلة عكسية للزمن، رجعت فيها ما يقرب من تسعين سنة تقريبا، لتلتقي شخصيات الرواية، وتستلهم منهم لوحات معرضها وصوره، التي اقتربت من الخمسين صورة. صور المعرض تستوحي شخصيات الرواية التي تدور أحداثها التاريخية قبيل وفي أعقاب الثورة المصرية الأشهر التي قامت في تلك السنة، شخصيات تعود بجذورها إلى الواقع والتاريخ: أحمد كيرة، نازلي، عبد القادر، دولت فهمي، وورد .. شخصيات طُمست مَلامحها بين ثنايا تاريخنا المجهول، أبطال قاوموا مُحتلًا إنجليزيًّا شرسًا استعمر مصر بجيش لا قِبَل لهم به، ليحَفروا بدمائهم بطولات غَابت عن ذاكرة الأجيال.
في مَعرض “19” تجاهد شيماء علاء الزمن لتوقفه وتثبته لحظيًّا مُستخدمة الاتجاه التعبيري في تصوير لَحظات فارقة مَرَّت بحياة هؤلاء الأبطال، تخيَّلت بالنور والألوان أجساد ووجوه، لحظات ألم وقوة، هزائم وانتصارات، موت وحياة، بانطباع خاص استقته من سطور الرواية وأحداثها، لتخرجه بالفوتوغرافية صورًا تنبض بالحياة.
اللوحات المعروضة أثارت إعجاب الحضور والمشاهدين بحماسة لافتة، فهي صور تجمع بين الرؤية الذاتية والتحليل الموضوعي لشخصيات الرواية وملامحها النفسية والاجتماعية، هناك تكوينات مبتكرة تفسر الشخصيات رمزيًّا، وتعبر عن عواطفها وإحباطاتها وعلاقاتها مع الشخصيات الأخرى. الفكرة ذاتها مدهشة باستلهام صور فوتوغرافية من رواية مكتوبة، تحاول أن تُجسِّد بصريًّا قراءة المصورة والفنانة شيماء علاء للرواية وشخصياتها، وكأنها تكتب مقالًا نقديًّا وقراءة تأويلية للرواية بعدسة الكاميرا، ودراما الظل والنور، وأطياف الألوان والظلال. هكذا جاءت صور المعرض التي تنوعت بين البورتريهات، والصور الرمزية، مع نصوع لافت للألوان، والحرص على توظيف الخلفيات الفاتحة لإبراز التناقض بين عناصر الصورة وتجلي الشخصية التي أرادت التعبير عنها أو تجسيدها.
أحمد مراد، مؤلف الرواية، قال في تصريحات خاصة لـ «العين»، إن هذا المعرض يمثل له أهمية خاصة وكبيرة، خاصة في ظل الحشد الجماهيري الذي حرص على حضور افتتاح المعرض “ليس هذا أول نشاط فني مستوحى من أعمالي الروائية، فقد سبق أن عرضت «الفيل الأزرق» مسرحيًّا في الأوبرا وفي ساقية الصاوي وغيرها من الأماكن، وقدمت أكثر من مرة في عروض راقصة على المسرح المصري الحديث، وعلى مسرح الجمهورية”.
أضاف مراد: “أشعر بسعادة فائقة عندما أسمع من نقاد كبار أن أعمالي كانت سببًا في إقبال عدد كبير من الشباب على نشاطات فنية وألوان من الإبداع لا تقتصر على الكتابة فقط، بل تتسع لتشمل؛ المسرح، المسرح الراقص، الموسيقى، التصوير الفوتوغرافي، وغيرها من الفنون البصرية والسمعية. هذا أمر مهم بالنسبة لي”. وعن سؤاله عن عمله القادم، قال مراد “أعمل حاليًّا على كتابة عدد من السيناريوهات لأفلام سينمائية، وأستعد أيضًا لكتابة رواية جديدة”.
مؤلف رواية «1919» هو الكاتب الجماهيري الأوسع انتشارًا في مصر والعالم العربي أحمد مراد (من مواليد العام 1978)، والذي يمثل حالة خاصة في المشهد الأدبي المعاصر، إذ يبدو النجاح الكبير والجماهيرية الواسعة التي نالتها أعماله خلال الأعوام الست الأخيرة (ظاهرة فريدة) تلفت الانتباه وتستحق الدراسة وتغري الباحثين في علم الاجتماع الأدب بدراسة “حالة” حقيقية ومثمرة. «فرتيجو» كانت أولى أعماله الروائية (صدرت في عام 2007)، وتحولت لاحقًا إلى مسلسل تلفزيوني، وحققت نجاحًا لفت إليه أنظار الكثيرين، خاصة بعد أن توالت طبعاتها خلال مدة لا تتجاوز أشهر معدودة. كما حقق أيضًا نجاحًا جماهيريًّا كبيرًا بعدة روايات لاحقة: «تراب الماس»، و«الفيل الأزرق»، و«1919» تحولت ثانيها إلى فيلم سينمائي حقق نجاحًا ساحقًا وحصد العديد من الجوائز في العالم العربي وخارجه.
إضافة إلى كونه كاتبًا روائيًّا، هو متخصص في التصوير السينمائي، ويعمل أيضًا بالتصوير الفوتوغرافي، وتصميم أغلفة الكتب والروايات، حيث تخرج أحمد في المعهد العالي للسينما، قسم التصوير السينمائي العام 2001، وكان الأول على دفعته، ونالت أفلام تخرجه «الهائمون»، «الثلاث ورقات»، «وفي اليوم السابع» جوائز للأفلام القصيرة في مهرجانات ببريطانيا وفرنسا وأوكرانيا.