«شيخ المصورين» يكشف أسرار 60 عامًا خلف الكاميرا: «ناصر» أنقذني و«السادات» أدهشني و«فاتن» علمتني (حوار)
يلعب التصوير الفوتوغرافى دورا أساسيا فى صناعة الأفلام وعلى مدار تاريخ صناعة السينما المصرية الذى تجاوز الـ 120 عاما. لعب المصور الراحل حسين بكر ومن بعده ابنه المصور الكبير محمد بكر دورا حيويا فى تاريخ السينما المصرية عبر آلاف الصور التى التقطوها لأهم كلاسيكيات السينما المصرية التى ضمت نجوما فى فروع السينما المختلفة وبعض من الأفلام العالمية التى صورت بعض مشاهدها فى مصر.
قضى محمد بكر ما يزيد على الـ 60 عاما فى مهنة التصوير وسجل بعدسته الفوتوغرافية أروع المشاهد السينمائية. يزيد رصيده على الألف فيلم سينمائى ويمتلك إرثا ضخما من صور مشاهد السينما المصرية على مدار تاريخها من الأبيض والأسود وحتى الآن. ولد شيخ مصورى الفوتوغرافيا الفنان محمد بكر فى الـ 30 من يونيو من عام 1937، وعاصر العديد من نجوم الفن.. إلتقاه «المصرى لايت» وكان معه هذا الحوار.
■ كيف كانت بدايتك مع التصوير الفوتوغرافى؟
– والدى هو المصور الفوتوغرافى حسين بكر وكان تخصصه تصوير مشاهد الأفلام السينمائية أو ما يسمى بتصوير «اللوكيشن» فكان يصطحبنى معه أثناء التصوير لعلمه بمدى حبى للتصوير ورغبة منه فى تعليمى أساسيات وأصول المهنة، وكنت أتجول فى وسط البلد وأقف أمام أفيشات الأفلام التى تعرض فى سينمات مثل «مترو وكايرو وريفولى» وأتأملها جيدا لمحاولة تقليدها فيما بعد من حيث الزاوية والإضاءة المستخدمة وتكوين عناصر الصورة.
ومع مرور الوقت وكثرة مصاحبة الوالد فى الأعمال السينمائية التى يصورها ازدادت رغبتى فى التعلم وبدأت أشعر بأن التصوير الفوتوغرافى هو المهنة التى سوف أمتهنها مستقبلا لذلك ادخرت مبلغا من مصروفى الشخصى وقمت بشراء كاميرا ألمانية الصنع ماركة «اجزاكتا»، ومع أول راتب تقاضيته اشتريت كاميرا روليفلكس أحتفظ بها حتى الآن.
■ علاقات الوالد بالوسط السينمائى هل ساهمت فى انطلاق مشوارك الفنى مبكرا؟
– بالطبع والدى كانت له علاقات قوية بنجوم السينما آنذاك فلديه أرشيف كبير للأفلام المصرية القديمة وكان محبوبا من الجميع وتلك العلاقات ساهمت بشكل كبير فى بداية مشوارى، فمن حسن حظى أن أقوم بمساعدة الوالد فى تجهيز كاميرا التصوير والتعلم منه بشكل مباشر بالإضافة إلى تعلم كيفية التعامل مع فريق العمل.
■ وما أول الأعمال التى قمت بتصويرها مستقلا عن والدك؟
– فى أحد الأيام وأثناء تصوير فيلم «سمارة» فى عام 1956 والذى لعبت بطولته الفنانة الراحلة تحية كاريوكا ومحسن سرحان، وأخرجه حسن الصيفى كان من المفترض أن يتولى أبى التصوير الفوتوغرافى للفيلم، ومرض فى ذلك اليوم ولم يستطع الحضور لموقع التصوير ولم يكن أمامى سوى التشجع وأقوم وحدى بمهمة التصوير، ولكن عند بدء تصوير المشاهد صاح المخرج حسن الصيفى فىّ قائلا: «هو كل واحد يجيب ابنه يشتغل مكانه، يعنى أجيب ابنى يخرج مكانى» وبكيت ولم أتمالك نفسى حينها فانفعلت تحية كاريوكا ودافعت عنى بشدة وشجعتنى وطلبت من الصيفى أن يعطينى فرصة التصوير وبالفعل قمت بتصوير المشاهد رغم خوفى من التجربة وشعورى بالرهبة، لكن دعم تحية كاريوكا لى أعطانى دفعة قوية وكانت النتيجة إعجاب الجميع بصورى، وكان هذا الفيلم بداية الاعتماد على النفس فى العمل.
■ ترك لك الوالد رصيدا كبيرا من صور السينما المصرية هل تحتفظ بها؟
– والدى كان لديه أرشيف كبير من صور للملك فؤاد ثم الملك فاروق والرئيس الأسبق محمد نجيب والزعيم عبدالناصر بالإضافة إلى صور نادرة للفنانين ومشاهد لأفلام قديمة فلديه صور لفاتن حمامة وعبدالوهاب فى فيلم «الوردة البيضاء» وغيرها الكثير من الصور لشوارع القاهرة القديمة والمعالم السياحية، وبالطبع أحتفظ بذلك الأرشيف من الصور ثم أكملت المشوار وقمت بعمل ألبومات صور لكل فنان أو رئيس جمهورية على حدة بالإضافة إلى صور السيدة فاتن حمامة منذ طفولتها حتى فيلم ليلة القبض على فاطمة وكذلك الحال بالنسبة لهند رستم وشادية وكل الممثلين والمخرجين ومديرى التصوير وقتها، واحتفظ بأرشيف ضخم من الصور لمائة عام من السينما المصرية جمعتها فى ألبومات.
■ هل شاركت بهذه الصور النادرة فى معارض أو مهرجانات سينمائية؟
– بالفعل شاركت فى عدة معارض عن تاريخ السينما والأفلام المصرية كما شاركت بصورى وصور والدى فى معرض أقيم فى الأكاديمية المصرية بروما عن تاريخ السينما المصرية. كما شاركت العام الماضى فى مهرجان قرطاج السينمائى فى تونس، أيضا أقمت معرضا لها أثناء تولى الكاتب الراحل سعدالدين وهبة رئاسة مهرجان القاهرة السينمائى ومعرضا آخر ليوسف شاهين وكنت أقدم الصور هدية منى كى يرى الجمهور تاريخ السينما المصرية من خلال صور الوالد وصورى.
■ وماذا عن الأجور التى كنتم تتقاضونها؟
– كان صناع السينما والمنتجون المصريون يتعاملون بنظام العقد مع العاملين فى الفيلم، بينما الأجانب كانوا يصرفون المقابل كل أسبوع مع حساب الساعات الزائدة على 8 ساعات عمل. وفيما بعد طبقنا النظام الغربى، وهو صرف المستحقات أسبوعيا ما عدا تطبيق نظام الزائد على الـ8 ساعات عمل، فكان كل مديرى التصوير أمثال عبدالحليم نصر وأحمد خورشيد يعملون لمدة 8 ساعات فقط، ولم يكن نظام العمل فى اللوكيشن لمدة 24 ساعة، كما هو الحال الآن.
■ تصويرك لمشاهد فيلم كليوباترا، هل كان نقلة فى مشوارك الفنى؟
– أثناء تصوير فيلم «كليوباترا» لجيرالدين شابلن وهى ابنة الكوميديان الراحل شارلى شابلن، جاءنى المنتج «مو» زوج الفنانة نبيلة السيد وقتها وطلب منى أن أقوم بتحميض الأفلام التى صورتها لمشاهد الفيلم وطبعها ووضعها فى ألبوم، وأن أسرع فى ذلك ليراها أبطال الفيلم «وكنا نصور فى استديو مصر ومعمل تحميض الصور الفوتوغرافية فى الدور الأعلى للبلاتوه الذى يتم التصوير به، وكانت الصور المطلوبة لمشاهد تم تصويرها فى الأقصر وعند الأهرامات ومشاهد أخرى صورت فى استديو مصر، وقمت بطبع الصور مقاس 40×30 ووضعتها فى ألبوم، وخامة الأوراق المستخدمة فى الصور كانت صناعة ألمانيا الشرقية واسمها «أورفو»، ولم تكن بجودة ورق «كوداك وأجفا» فكنت أعالج الورق والأحماض فى الاستديو لضمان الحصول على نتيجة أفضل، وكان منتج الفيلم يستعين بمهندسين وعاملين من إيطاليا، وكان القانون يلزم المنتجين الأجانب بالاستعانة بجزء من العاملين المصريين فى صناعة الفيلم، ونالت الصور إعجاب جيرالدين شابلين واحتضنتنى وشكرتنى على مستوى الصور، لأنها لم تتوقعه، بعدها عرض على «مو» أن أسافر معه للعمل فى الخارج ولكننى رفضت لرغبتى فى البقاء فى مصر وأكون بجانب والدى لمساعدته، وكافأنى المنتج بمبلغ كبير نظير عملى، ورغم صغر سنى أثبت لهم أن لدينا مصورين وفنانين قادرين على المنافسة.
■ ما أشهر الأعمال السينمائية التى قمت بتصويرها؟
– من أحب وأشهر الأفلام السينمائية التى قمت بتصويرها ولها مكانة كبيرة فى قلبى ثلاثية نجيب محفوظ «قصر الشوق» «وبين القصرين» و«السكرية» للمخرج الراحل حسن الإمام، كما قمت بتصوير أول صورة اختبار «تيست شوت» للعديد من الممثلين مثل الفنان نور الشريف فى فيلم «قصرالشوق» ولحسين فهمى فى فيلم «نار الشوق»، كما قمت بتصوير الفوتوغرافيا لمجموعة كبيرة من الأفلام مثل «أبدا لن أعود وأبناء الصمت والسقا مات والعشق والدم والفتوة وأمير الانتقام وأنا حرة وخللى بالك من زوزو والمنتقم ودعاء الكروان ودماء على النيل ورد قلبى وسلطانة الطرب وسمارة وسيدة القصر وشىء فى صدرى وكلمه شرف ولا تسألنى من أنا ولحن الخلود ومطاردة غرامية ومعبودة الجماهير ووراء الشمس والرصاصة لا تزال فى جيبى وغيرها».
■ من هم أبرز وأهم المخرجين ومديرى التصوير الذين عملت معهم؟
– صورت مشاهد أفلام كثيرة للمخرج حسن الصيفى ويوسف شاهين وحسن الإمام وحسين كمال وصلاح أبوسيف وبركات وآخرين، كما قمت بتصوير مشاهد لأفلام مديرى التصوير السينمائى وديد سرى وعبدالحليم نصر وأحمد خورشيد، وكان والدى يعمل فى العديد من أفلام للراحل أحمد خورشيد وكنت أذهب معه كى أتعلم من أسلوب خورشيد فى أفلامه «شىء من الخوف» و«صراع فى الوادى» و«صراع فى المينا». وأفلام خورشيد تدرس حتى الآن لطلاب قسم التصوير فى معهد السينما، وكان أستاذاً وقامة كبيرة فى عالم التصوير السينمائى، وكنت أشعر بالرهبة عند مقابلته فى اللوكيشن وتعلمت منه الدقة والبراعة فى توزيع الضوء حتى لو فى خلفية المشهد فكل كادر كأنه لوحة مرسومة بدقة، الله يرحمه. كما عملت مع مدير التصوير الحاج وحيد فريد الذى كان يوجه لى النقد أثناء العمل معه، إذا أخطأت يعاتبنى ويوجهنى للصواب أمام الجميع ووسط اللوكيشن ولو تدخل أحد الممثلين يقول له سيبنى أعلمه، كما تعلمت من الراحل عبدالعزيز فهمى استخدام تكنيك الرسم بالضوء فى المشاهد السينمائية، أما المصورون الأجانب فقد عملت وتعلمت من بروموسلفيو وكليليو الإيطالى والفيزى وكلهم قامات كبيرة، وكل منهم له تكنيك خاص به يميزه عن الآخرين لتخرج أعمالهم بالروعة التى نشاهدها فى أفلامهم.
■ كيف كانت علاقتك مع نجوم التمثيل؟
– عملت مع أغلب الممثلين زمن الفن الجميل بحكم عملى وتربطنى بالجميع علاقات ممتازة، كما قمت بتصوير 70% من أفلام سندريلا الشاشة الراحلة سعاد حسنى، التى كانت تتقمص الشخصية لأقصى درجة من الاحترافية والإحساس فكانت تصمم ملابسها وتضع المكياج الخاص بالدور بنفسها، وكنت أقوم بتصوير النجوم صورا شخصية وبورتريهات فى استديو الجيزة، كما أحتفظ بأرشيف كبير لمعظم أفلام الفنانة فاتن حمامة، التى تعلمت منها حب العمل والالتزام بمواعيد التصوير، كما قمت بتصوير معظم أفلام نادية الجندى ونور الشريف ويحيى شاهين، أما عادل إمام فقمت بتصوير معظم أفلامه، وكان يعتبرنى أخا له، أما الفنان أحمد مظهر فكان صديقا لى وهو زميل لعبدالناصر وعندما سافر أحمد مظهر للخارج طالبه عبدالناصر بالحضور، ولكنه رد بأنه اتجه للتمثيل فحل حسين الشافعى محله فى مجلس قيادة الثورة.
■ ما رصيدك من الأعمال الفنية التى قمت بتصويرها؟
– رصيدى أنا والوالد من صور الأفلام يزيد على الألف فيلم على مدار مائة عام، وأحتفظ بتلك الصور فى ألبومات وأسطوانات وأقوم بعمل أرشيف كبير يضم بالإضافة إلى صور المشاهد أسماء الأفلام وتاريخ إنتاجها ونجوم كل فيلم.
■ بعيداً عن السينما ما أهم الأعمال الرسمية التى قمت بتصويرها؟
– من أهم الأعمال التى قمت بتصويرها مع الوالد افتتاح السد العالى وكان مناسبة عظيمة أحتفظ بصورها حتى الآن، بالإضافة للعديد من المناسبات الأخرى.
■ والدك صوَّر الملك فؤاد والملك فاروق ورؤساء الجمهورية هل صوَّرت أنت أحد الرؤساء؟
– بالفعل صوَّر الوالد العديد من الملوك ورؤساء الجمهورية، فهو صوَّر معظم الصور الرسمية للرؤساء محمد نجيب وعبدالناصر والسادات، ومن أطرف الذكريات التى لا أنساها للوالد أثناء حكم الملك فاروق لمصر، وكان حاضراً حفل تخرج طلبة كلية الشرطة، وكان والدى يرتدى زى الطلبة وهو يصوِّر الملك فى الحفل، وأثناء تناوله الطعام وفى نهاية الحفل يقوم على الفور بتحميض وطبع الصور فى المعمل الخاص بالكلية، وتسليم ألبوم الصور للملك فى نفس اليوم.
وحيد فريد
وحيد فريد | |
---|---|
معلومات شخصية | |
تاريخ الميلاد | 1919 |
تاريخ الوفاة | 1998 |
الحياة العملية | |
المهنة | مصور سينمائي |
وحيد فريد (1919 – 1998)، مصور سينمائي مصري من الكبار لقب ب”شيخ المصورين”. ولد وحيد فريد – ب الإسكندرية بتاريخ 2 أغسطس 1919 لأب تركي وأم تركية. وكان والد يعمل بأحد الوزرارات وتم نقله إلى القاهرة حيث استقر هناك، وبدأ كمساعد مصور لكبار المصورين أمثال محمد عبد العظيم وحسن داهش. صور غالبية أفلام فاتن حمامة منها “لك يوم يا ظالم” و”إمبراطورية ميم” و”ليلة القبض على فاطمة” كما صور 11 فيلما لعبد الحليم حافظ واول افلامه كمصور “ابن الشرق” من إخراج إبراهيم حلمي. الجدير بالذكر أن الفنان المشهور سراج منير والفنان المخرج المشهور أيضا فطين عبد الوهاب هما أبناء خالة والد المصور السينيمائي وحيد فريد وهو ما لا يعلمه الكثيرون أيضا ان الفنان سراج منير والفنان فطين عبد الوهاب هما أخوة أشقاء ولهم أخ ثالث هو حسن عبد الوهاب. والاسم الحقيقي لسراج منير هو سراج عبد الوهاب ولكن تم تغييره إلى سراج منير كاسم شهرة.
توفي هذا الفنان المتميز سنة 1998 عن عمر 79 عاماً. وتاريخ السينيما المصرية حافل بأعماله المتميزة والتي تعد من أهم الأعمال في تاريخ السينيما…- الإسكندرية بتاريخ 2 أغسطس 1919. بدأ كمساعد مصور لكبار المصورين أمثال محمد عبد العظيم وحسن داهش. صور غالبية أفلام فاتن حمامة منها “لك يوم يا ظالم” و”إمبراطورية ميم” و”ليلة القبض على فاطمة” كما صور 11 فيلما لعبد الحليم حافظ واول افلامه كمصور “ابن الشرق” من إخراج إبراهيم حلمي.