إلياس أيوب في معرضه الأول في غاليري قزح
الإجماع على جرأة الفنان التشكيلي الشاب إلياس أيوب في صوغ أعماله التشكيلية كانت السمة البارزة في الحوار الذي دار بين الحضور الكثيف الذي ضم العديد من الفنانين التشكيليين السوريين، وذلك في افتتاح معرضه الفردي الأول في غاليري قزح يوم الأربعاء 4 تشرين الثاني 2009، فقد كنا أمام مجموعة من أعمال التشكيلي إلياس أيوب والتي جسد بها رؤيته الفنية المعتمدة على اللون كمصدر أساسي لصناعة اللوحة، وعلى اختلاف موضوعاتها، وإن كان الإنسان محور جميع أعماله.
البحث عن المفردات اللونية والأسلوب الخاص جداً كانت هاجس الفنان التشكيلي إلياس أيوب عبر التجريب في الأدوات التي استخدمها والطريقة الاستثنائية في طرحها عبر توليفة من الألوان التي اتسمت بالتضاد أحياناً لتدل على لحظة إبداعية عاشها الفنان في وقت مضى. ولنتوحد مع هالة اللون كمصدر من مصادر الضوء في أعماله الأخرى، وخاصة اللوحات التي كان عمادها اللون الأصفر والأزرق وحتى الرمادي.
«اكتشف سورية» قام بتغطية الافتتاح وعاد بهذه الحوارات:
ففي حديثنا مع الفنان التشكيلي حسكو حسكو يقول: «ما أشاهده هنا فنان تشكيلي يمتلك حساً عالياً بالتصوير. إلياس أيوب يقدم مجموعات لونية متميزة إضافة لاعتماده في بعض اللوحات على لون واحد وخاصة في اللوحات ذات اللون الأصفر فهي لوحات لها حساسيتها العالية التي يتطلب تنفيذها عيناً نظيفة وذهناً صافياً وجرأة كبيرة، وهو يعتمد في لوحاته الأخرى على التشكيل اللوني المتمم عبر تجاور الألوان التي يستخدمها والتي تخلق فضاءً لونياً مميزاً. من لوحاته المميزة اللوحة الزرقاء وهي عبارة عن امرأة جالسة على الكرسي حيث أرى فيها تقنية عالية من خلال اللدائن التي وشحها بطريقة مدهشة. معرضه الأول ناجح والكل أجمع حول تقييمه كمصور قوي متجاوزاً مرحلة الرسم بلا شك وبشهادة فنانين بمستوى يوسف عبدلكي، ياسر صافي، وناصر حسين».
من جانبه يقول الفنان التشكيلي محمد كوتي، وهو خريج كلية الفنون الجميلة 2009، شعبة التصوير الجداري. وحالياً يقدم الماجستير: «في المعرض الأول لإلياس أيوب نرى غنى لونياً مميزاً، فهو يعمل على نمط المدرسة التعبيرية ويلون أحياناً كالانطباعيين ويشتغل على الأجساد العارية بحرفية عالية، مما فتح له الباب واسع لتقديم رؤيته الفنية الخاصة به. إذ يوجد في لوحاته حس غرافيكي عالٍ وتوازن ما بين الحار والبارد وبشكل ناجح وجميل، كما أن لديه قوة بصناعة اللمسة – إذا صح التعبير- وبعفوية جميلة. أتوقع له النجاح ليس فقط لأنه فنان نشيط، ولكن لما يتسم به من ذكاء في تعامله مع اللوحة».
وقد حاورنا الأستاذ سامر قزح صاحب غاليري قزح الذي أكد على أهمية تجربة الفنان الشاب حيث قال: «شارك إلياس بمسابقة اللقاء للفنانين الشباب الذي أقامه غاليري قزح، وقد كانت موهبته واضحة ومختلفة عن الآخرين، وقد فاجاءنا عندما أقمنا فيما بعد ورشة عمل للفنانين الشباب، فخلال شهر واحد من العمل في الورشة كان تطوره محل اهتمام الجميع ومن هنا بدأ اهتمامي به. فهو يمتلك شخصية مستقلة عن الآخرين من خلال ما يقدمه في لوحاته من شيء مختلف عن السائد في الفن التشكيلي السوري، فهو يمتلك الجرأة ولا يخاف اقتحام اللوحة عبر الألوان التي يريدها. وما يميزه أيضاً إصراره على رؤيته الفنية وهذا شيء أساسي ومهم في الفنان التشكيلي. هو يمثل مع زملائه مرحلة جديدة من مراحل الفن التشكيلي السوري. ففي هذه السنة 2009 شاهدنا مجموعة من الفنانين الشباب المتميزين من خريجي كلية الفنون الجميلة وبرأيي فإن مواهبهم تشكل امتداداً للمشهد التشكيلي السوري الواعد مستقبلاً.
ويضيف السيد قزح: «سنقيم معرضاً للحفر في الأسبوع القادم وهو نتاج ورشة الحفر التي أقمناها في غاليري قزح، وفي شباط من العام المقبل سننظم معرضاً جماعياً لكل الفنانين التشكيليين الذين شاركوا باللقاء، كما سنعلن عن مسابقة اللقاء للمرحلة الثانية وسوف نعلن عنها في شهر شباط أيضاً».
وفي حوارنا مع الفنان التشكيلي إلياس أيوب الذي يقول حول الأصداء الطيبة التي لاقاها معرضه الأول: « هذا جل ما أرجو وشكراً لكل من حضر المعرض وأتمنى أن أبقى عند حسن ظنهم»، واجرينا معه هذا الحوار:
السيد سامر قزح كان ومنذ زمن مؤمناً بموهبتك التشكيلية، وقد قال قبل قليل أنها مغامرة ولكنها ناجحة بافتتاح معرض لفنان تشكيلي تخرج منذ ثلاثة أشهر من كلية الفنون الجميلة، فماذا تقول له؟
أشكر الأستاذ سامر قزح كثيراً على قوله هذا، ويجب أن أنوه أن نجاح هذا المعرض كان بفضل التعاون الفني فيما بيننا، من جهتي كنت أشعر بطاقة كبيرة في داخلي فجاء الأستاذ سامر الذي آمن بهذه الطاقة، ليكون هذا أول معرض فردي لي. إن نجاح هذا التعاون جاء نتيجة الحوار والنقاش الإيجابي مع وجود اختلاف في بعض الأحيان بوجهات النظر وهذا شيء طبيعي، ولكن في النهاية كنا نصل لصيغة هي التي أدت لنجاح المعرض.
لنتكلم عن استخدامك للون الأصفر وخاصة أنك اكتفيت بتقديمه منفرداً في بعض اللوحات.
في البداية أنا أعشق هذا اللون، فإذا أردنا التحدث عن الضوء سنتكلم عن الأصفر، رامبرانت كان يتعامل مع هذا اللون بطريقة رائعة وقد تأثرت به، لذا حاولت أن أبحث عن ضوء آخر فوجدته أحياناً باللون الأزرق والزهري وأحياناً أخرى في اللون الرمادي، ولكن يبقى للون الأصفر سحره المتدفق. لقد استخدمت عدة ألوان في بحثي عن الضوء الكامن في اللون ففي بعض اللوحات كان الأصفر، وفي أحيان أخرى وجدته في الأخضر وهذا اللون من أهم ألوان الطبيعة، فإذا فككنا اللون الرمادي نجد أنه يحتوي على مساحات لونية من اللون الأخضر الذي يعطي خيارات كثيرة ولا يفقد قيمته في أي لوحة تشكيلية. في النهاية، العملية هي تطوير لمفهوم التصوير.
مازن عباس
اكتشف سورية