رحيل بيتر هال: جعل من نفسه مسرحاً
13 سبتمبر 2017
بعد سبعة عقود من الإيمان بالمسرح والركون إلى الخشبة، سواء وقف عليها في عمل مسرحي أو أوبرالي، ممثلاً كان أو مخرجاً، رحل الملقب بـ “عملاق المسرح البريطاني“؛ السير بيتر هال عن 85 عاماً، والذي يعدّ أحد أبرز المخرجين المؤثرين في مسرح القرن العشرين.
هال (1930-2017) ولد لأب عامل في محطة قطار، وكان في مقابلاته حين يتحدث عن بيت العائلة حيث لا ماء ولا كهرباء، يقابل بالسخرية، لكن المراهق القادم من عائلة فقيرة شغف بالمسرح وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة، ونتيجة لهذا الشغف الذي كان واضحاً في المسرح المدرسي حصل على منحة لدراسة الدراما في “كامبريدج”.
خلال بداياته كان بيكيت قد نشر مسرحيته “في انتظار غودو” بالفرنسية، وأحدث النص ضجة في الوسط المسرحي والثقافي، فكان هال أول من قدم النص بالإنكليزية في لندن، ونتيجة للنجاح الذي لقيه عرض هال تغيّر مسار تجربته بين ليلة وضحاها، ولفت إليه أنظار تينيسي وليامز، فقدم له “قطة على سقف من صفيح ساخن” و”طريق كامينو ريل”، ثم قدّم “العودة” لـ هارولد بنتر.
كان هال في عمر التاسعة والعشرين فقط حين أسّس “فرقة شكسبير الملكية” عام 1960، الفرقة التي أصبحت علامة عالمية في المسرح، وكانت رؤيته عند تأسيسها أن تضمّ ممثلين ومخرجين ومصمّمين ومتخصّصين في السينوغرافيا يقدّمون أعمالاً كلاسيكية ونصوصاً حديثة أيضاً.
انتقل هال من إدارة الفرقة إلى رئاسة “المسرح الوطني البريطاني” لمدة 15 عاماً، نجح خلالها في دفع المؤسسات الرسمية إلى زيادة الدعم المالي للإنتاج المسرحي بشكل خاص، والأعمال الفنية عموماً.
ترك المسرحي البريطاني إدارة المسرح الوطني، وأسس “فرقة بيتر هال”، و”مسرح روز كينغستون”، واستمر يبذر الفرق المسرحية ويساعد في ظهور نصوص عالمية على الخشبة في بلاده، وظهور فنانين وكتّاب ومخرجين شباب أصبحوا نجوماً عالميين لاحقاً، اشتغل أيضاً على المسرح مع ممثلين مثل أنتوني هوبكينس وداستن هوفمان وجودي دنش، الذين لبّوا معه طموح كلّ ممثل في أن يقدّم شخصيات من مسرحيات شكسبير.
قدّم أيضاً الكثير من الأعمال التاريخية والأوبرالية على مسارح أوروبا، فأعاد الألماني رتشارد فاغنر إلى المسرح، حين كان يرأس مهرجان “غليندبورن للأوبرا” بين 1984 و1990، الفترة التي توصف بأنها السنوات الذهبية للمهرجان. وقد وصف بأنه المسرحي الذي آمن بأن الفن قادر على تغيير حياة الناس.
ألف هال عدة كتب من بينها “المسرح الضروري” و”مكشوفاً بالقناع” و”نصيحة شكسبير” و”مذكرات بيتر هال: قصة معركة درامية”، و”جعلت من نفسي معرضاً”.
أصيب المسرحي البريطاني في السنوات الأخيرة بفقدان الذاكرة، ورحل مساء الإثنين في مستشفى “كولج” في لندن.