أما في مصر فلم يترك فارسها الأحمر العملاق أي بطولة إلا وتفوق خلالها علي كل أقرانه, سواء تعلق الأمر بالبطولات المحلية أو العربية وكذلك الإفريقية, فهو فارس مسابقة الدوري الأول برصيد 35 لقب من مجموع 53 أقيمت حتى الآن و هو رقم يزيد علي 66% من مجموع المسابقات التي أقيمت بداية من موسم 1848/1949 و يقترب من ضعف كل الألقاب التي أحرزها منافسوه و هو رقم لا نظير له في كل بلاد العالم.كأس مصر – هي الأخرى- حقق الأهلي لقبها في 35 مناسبة وبفارق كبير جداً عن أقرب ملاحقيه و هو ما تكرر في البطولات الخارجية التي حصل الأهلي منذ بداية مشواره فيها في أقل من 45 عاماً علي 19 بطولة و هو رقمه يجعله من أفضل ثلاثة أندية علي مستوي العالم حصداً للبطولات الدولية, حيث حقق عملاق الجزيرة حزمة من الأرقام القياسية لا يقدر عليها إلا فريق من طينة مختلفة , منها 6 بطولات في دوري أبطال إفريقيا (رقم قياسي) و 4 بطولات في كأس الكئوس الإفريقية (رقم قياسي) ومثلها في السوبر الإفريقي (رقم قياسي أيضاً) بالإضافة إلي خمس ألقاب في السوبر المحلي و أربع ألقاب عربية خلال 7 مشاركات فقط ومعها لقب لكأس الجمهورية العربية المتحدة في الستينات و أخر أفرو أسيوي تميز خلاله الأهلي بأنه الوحيد في أندية القارتين الذي حققه الفوز في الذهاب و الإياب علي حساب يوميوري الياباني عام 1988.أرقام الأهلي الأسطورية منذ بداية لعبة كرة القدم به عام 1911 تضعه و بأريحية في صدارة أقوي و أنجح أندية كرة القدم في العالم من حيث الفوز بالبطولات, لذا يظل الأهلي بالنسبة لعشاقه و محبيه حالة خاصة و يبقي دوماً بالنسبة للغالبية العظمي من المصريين و العرب و حتى الأفارقة بقعة ضوء ومصدر للفخر والاعتزاز.
فانلة حمراء يتوسطها نسر جارح يهم بالأنقضاض علي فريسته يرتديها 11 رجلا يسيطرون علي الألقاب والبطولات في مصر وافريقيا
هكذا هو الأمر لمن ينظر لفريق كرة القدم بالنادى الأهلي من بعيد
هذا هو الأهلي لمن يكتفي فقط برؤية الظاهر ولا يهتم بالغوص في اعماق الباطن لأستكشاف الحقائق وقراءة التاريخ الذى لاينطق الا بالحقائق
والشعور بالجمال الحقيقي المستقر في اعمق اعماق القلب
في عام 1907 تأسس الأهلي المصرى ليكون (صرخة المصريين) في وجه الأحتلال الأنجليزى
ولد الأهلي ليكون ملاذهم ليكون وجههم الذى يريدونه بدلا من وجه الخواجة الأنجليزى الأشقر الخالي من الأحساس
صار الأهلي هو رمز التحدى والهوية الذى يلتف حوله المصريين ويعبرون من خلاله عن حبهم لبلدهم وبغضهم للمحتل
صار الأهلي هو كلمة (لا) الذى تمني المصريين ان يجهروا بها ولكنهم كانوا يخشون ذلك
فمنحهم الأهلي الشجاعة والسبيل لقول (لا) في العلن بأعلي صوت
فالأهلي او نادى طلبة المدارس العليا ولدت فكرته ونشأ وتم بناءه ليقول (لا)
لاللأحتلال
لا للفوضي
لا لأى شيء سيء او اى شيء يحتمل بداخله وجهان
في 24 يناير 1924 طرد الأهلي الأجانب من عضويته
وفي 1925 قرر الأهلي في جمعية عموميةغير عادية عدم قبول اى شخص في عضويته من غير المصريين
ولد الأهلي من اجل المصريين وقرر ان يُعلن التحدى بهم ومن اجلهم
هكذا ولد الأهلي وهكذا عاش وهكذا سيحيا في المستقبل نادى لايعرف الحلول الوسط ولا يتكلم بلغة المهادنة
ولذلك تطبع جمهوره بنفس طبعه العنيد
الأهلي هو نادى يتملك امامه الا ان تحبه بجنون او تمقته وتكرهه بجنون
لايمكنك امام الأهلي ان تشعر تجاهه بمشاعر معتدلة ..لايمكنك ان تحبه بشكل اعتيادى وروتيني ولايمكنك ان تتجاهل وجوده وتقول :لااحب الأهلي ولا اكرهه
فالأهلي علي مر التاريخ اما ان تذوب فيه عشقا او يكون من ضمن اكثر الأشياء التي تكرهها في حياتك
في 1911 ولد الفريق الأول لكرة القدم في النادى الأهلي وكتب معه المصريين العهد بقلوبهم
معكم فائزين او خاسرين
تلعبون كرة جميلة او قبيحة
لو فزتم يارجال الأهلي بالبطولات لحملناكم فوق الأعناق ولو لم تحرزوها فلا مشكلة
لو لعبتم كرة جميلة سنصفق ولو لعبتم اقبح كرة علي وجه الأرض فلن نهتم فالكرة هي مانشجع في (الظاهر) اما في الحقيقة فنحن نشجع الوان هويتنا وكياننا
هكذا كان العهد عهد كُتب في ظاهره من اجل مساندة فريق لكرة القدم ولكن في جوهره ومضمونه الحقيقي كُتب للدفاع عن الوان فريق يحمل روح الوطن وكبرياءه
وانطلقت الأسطورة من الخمسينات للستينات للسبعينات للثمانينات للتسعينات للألفية والأهلي يمنح جماهيره كل مايمكن ان يمنحه معشوق لعشاقه
بل اعطاهم اكثر بكثير مما حلموا وارادوا
كل ماارادته الجماهير من الأهلي هو ان يعبر عنهم ويمثلهم فأعطاهم الأهلي ماأرادوا ومنحهم ايضا الفخر بأن يكون فريقهم علي مر العصور
هو الرقم واحد في مصر وافريقيا والوطن العربي
بل وتخطي حدود الأقليمية وحلق الأهلي مع جماهيره الي العالمية ليصنع تاريخا اسطوريا قلما يمتلكه نادى في العالم
بالوفاء ياأهلي صنعناك ووقفنا خلفك ..وبالوفاء كافأتنا انت ومنحتنا مالم نحلم به يوما
صار فريق نادى الشعب مراّة نرى فيها وجوهنا ومدرسة نتعلم منها فن الحياة وايضا مصدرا للكبرياء والتباهي والأعتزاز بالمجد والتاريخ
مع الأهلي المستحيل هو لاشيء
في مدرسة فريق الأهلي تعلمنا انه ليس للمستحيل مكان
تعلمنا ان المستحيل هو مرض وهمي دواءه هو الكفاح والقتال والأيمان بالله وبالذات
اهلي اللحظات الأخيرة رأينا فيه وجه الأنسان المصرى (العنيد) الذى ينام وينام ولكنه عندما يستيقظ من سباته العميق فأنه يسترجع ماضاع منه في ثواني معدودة
ساق ابوتريكة التي ضربت كرة الصفاقسي يراها غير (الأهلاوية) مجرد ساق ارتطمت بكرة ووضعتها في المرمي وجلبت بطولة
اما جماهير الأهلي فترى ساق ابوتريكة من حيث لايراها الآخرون
يرونها ساقا خاصة صنعت فقط في الأهلي ..صنعت صناعة خاصة بمزيج من الآصرار والعزيمة والكفاح الذى صُمم في الأهلي بطريقة لايعرف سرها الا الأهلي
نفس الساق التي ضرب بها ميهوب كرته في نهائي الكأس
نفس الساق الذى ضرب بها فتحي ضربته امام الجيش
هي نفس الساق الذى احرز بها بركوتة هدف الأهلي الأخير في انبي
وهي نفس الساق الذى سيحرز بها في المستقبل لاعب من الأهلي هدفا اخر يتحدى به وهم المستحيل
لو سألت اى شخص غير اهلاوى عن سبب تلك الأهداف القاتلة الغريبة سيقول لك انه الحظ اللعين الذى يرافق الأهلي دائما
اما الأهلاوى فيرى في تلك الأهداف رسالة الأهلي التي ارسلها منذ عشرات السنين
رسالة كتبها زعيم الوطنية الأهلاوى مصطفي كامل عندما قال عبارته المشهورة (لايأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس) فصارت للأهلاوية
دستورهم المقدس
وصارت هذه العبارة هي المرادف لما يعرفه الأهلاوية اليوم بروح الفانلة الحمراء
كل هدف يحرزه ابطال الأهلي في الوقت القاتل يعتبره المشجع الأحمر انشودة يسمعها فتفتح داخل قلبه (شبابيك) الأمل ليطل منها علي الحياة
كل مباراة ربحها الأهلي ولم يكن فيها الطرف الأفضل تعزز ذلك الشعور الذى ترسخ داخل وجدان جمهور الأهلي منذ زمن وهو ان بأمكان الروح والأصرار ان يمنحا
صاحبهما القوة لقهر كل الظروف مهما كان هو به من النقائص مابه ومهما كانت الظروف قوية
عرفنا في الأهلي معني ان نمتلك رموزا تستحق الأحترام يرسون قواعد ومبادىء واسس
يربون الأجيال ويضربون اروع المثل
معني القدوة الذى افتقدناه في حياتنا راّيناه ماثلا امامنا في المايسترو صالح سليم ذلك الرجل الذى تشعر انه قادم من كوكب اّخر بما يحمله من فكر وقيم وكاريزما
رأينا المايسترو يعلم الناس معني ان يكون الكل فوق الجزأ
راّيناه وهو يضع الأخلاق والمبدأ في المقدمة ويفضلهم علي الفوز مهما كان عظيما
فهمنا رسالة المايسترو وهو يوقف الجوهرى والمتمردين ويستبعدهم من نهائي الكأس امام الزمالك ويخوض المباراة بالشباب ويفوز
فهمنا انه كلما قدمت المبدأ علي اى شيء سنحصل علي المبدأ وايضا سنحصل علي الشيء الذى قدمنا عليه المبدأ ان عاجلا ام اجلا
استوعبنا الدرس الذى استوعبه (الخطيب) عندما انهال عليه المايسترو بالضرب عندما راوغ حارس الزمالك ورفض احراز الهدف في مباراة للناشئين كان الأهلي متفوقا بيها بفارق كبير من الأهداف
استوعبنا الرسالة التي تعلمها الخطيب في ذلك اليوم لذلك وصل الي ماوصل اليه …تعلمنا ان الأحترام هو السبيل الوحيد للنجاح
مهما كان الغث هو المسيطر ,مهما كان عديم الأخلاق صوته عالي فأن مصيره يوما الي زوال والمحترم هو من يربح في نهاية المطاف
رأينا لأول مرة في حياته اناسا يعملون بأخلاص حقيقي من اجل خدمة المكان دون اغراض
رأينا الصدق في عيونهم بعيدا عن اى نفاق او عبارات زائفة خداعة يخدعون بها انفسهم والناس
الكل فقط يعمل من اجل الأهلي …مهما كانت الأختلافات ,مهما كانت الفروقات بينهم فكلهم يعملون فقط من اجل الأهلي
عمل بلاضجيج
اخلاص بلا مقابل
حتي الأختلافات تكون من اجل المصلحة العامة وتكون في اطار الأحترام
كلها اشياء لاتجدها الا في الأهلي في زمن صار فيه النفاق هو القاعدة وتملكت فيه شهوة الكرسي والمنصب من عقول الناس
لأول مرة في حياتنا فهمنا مبدأ (المساواة) بدون تفرقة بين كبير وصغير عندما رأينا في الأهلي قوانين ولوائح تُطبق علي الكل بلا تمييز
المخطأ ينال عقابه بدون اى اعتبارات ..بدون طبطبة ولا تدليل مقيت لنجم مهما كان مؤثر ومهما كان النادى سيتأثر برحيله لأن التأثر سيكون لحظيا
وسينتصر المبدأ في النهاية
لامحسوبية ولا مجاملات مثلما يحدث حاليا في كل مكان وفي كل مجال في بلدنا بلا خجل ولاضمير
الأهلي صنع عالمه الخاص بطريقته الخاصة
وضع الأهلي مبادئه وحافظ عليها الجيل تلو الجيل
ومن خلال مبادئه كافأه القدر بأن جعله علي القمة ..جعله الفريق المتربع علي عرش افريقيا بأسرها
فك الأهلي طلاسم المعادلة الأعقد في العالم الا وهي الفوز بالبطولات وتقديم رسالة ومُثل وقيم تهذب العقول وترقي الفكر والنفس
الأهلي صوت الوطن
عاش الأهلي طوال تاريخه وفيا للوطن يبذل كل غالي ورخيص من اجل رسم البسمة علي شفاه ابناءه ومنحهم مشاعر الفرحة والبهجة والسعادة
فمنتخب مصر علي مر التاريخ كان الأهلي له شريانه الرئيسي الذى يضخ فيه الدماء
امد الأهلي المنتخب بأفضل الاعبين مهارة وتجهيزا وعقلية
اخرج له ناشئين صاروا نجوما
وجهز له لاعبين مغمورين جلبهم الأهلي ولمعهم وصبغهم بصبغته الخاصة …صبغة البطولات والقتال والأصرار ثم قدمهم كهدية للمنتخب الوطني
يدافعون عن الوانه ويرفعون اسمه الي عنان السماء
اختلطت دماء الأهلي كما تعودت دائما ان بدماء(مصر) فصار العالم اجمع يعرف حال كل طرف منهما من حال الآخر
فنظرة واحدة علي حال الأهلي تنبأك بحال المنتخب
ونظرة علي المنتخب تشرح لك بمنتهي الوضوع عن حال الأهلي
اذا ازدهر الأهلي وصال وجال دبت الدماء في عروق المنتخب المصرى وسيطر بالطول وبالعرض
واذا اعتل الأهلي فأن الخلل في المنتخب يظهر واضحا وجليا للعيان
سمع العالم كله صوت مصر من خلال ابن الأهلي محمود الخطيب الذى منح مصر الكرة الذهبية الوحيدة في تاريخها
والجميل في الأمر ان ابن الأهلي محمود الخطيب فاز باللقب وهو يلعب ضمن صفوف الأهلي في الدورى المصرى
فاز بها الخطيب من قلب مصر وتفوق علي عمالقة القارة الذين كانوا ينشطون في اقوى البطولات الأوروبية في انجاز صعب تكراره
مر الزمن والأهلي مازال كما هو مصنع صناعة الأساطير واكاديمية تخريج الأبطال من اجل رفعة البلاد
فبعد الخطيب جاء الفتي الذهبي بركات وفاز بجائزة البي بي سي كأفضل لاعب افريقي متفوقا علي نجوم القارة الكبار
وبعده جاء دور امير القلوب ليصارع علي لقب (امير افريقيا) وينتزع المركز الثاني بعد اديبايور ومتفوقا علي الغاني ايسيان
ولا ننسي ان ابوتريكة كان اول هداف مصرى في بطولة عالمية عندما قاد الأهلي بثلاثة اهداف الي اول ميدالية لنادى عربي وافريقي في بطولة عالمية
الم اقل لكم ان الأهلي ليس مجرد فريق لكرة القدم انه وطن اختيارى واسلوب حياة ورمز لهوية شعب
فريق منح لمحبيه بطولات لاحصر لها وجعلهم يتغنون بالقمة التي تربع عليها في مصر وافريقيا
ولكن قبل كل ذلك منحهم مراّة يرون انفسهم وكيانهم وهويتهم من خلالها
فتحية لذلك الفريق في يوم مئويته
تحية الي فريق كرة قدم …اكثر بكثير من مجرد فريق كرة قدم
فى النهاية دمتم بكل خير
ايمن حماد