ثانيا: البحث عن الغذاء
على نحو اعم أن امتلاك مستقبلات للأشعة الفوق بنفسجية فى الطيور يزود الطائر يميزه فى البحث عن الغذاء , فقد أتضح أن السطح الشمعى لكثير من الفواكه و الثمار يعكس ضوءا فوق بنفسجيا ربما يعلن عن وجوده , وقد وجد فايتالا من جامعه جيفاسكيلا فى فنلندا وزملاء له أن صقورا صغيرة تعرف باسم العواسق قادرة على تحديد مواقع آثار قوارض الحقول عن طريق الإبصار فهذه القوارض الصغيرة تطرح مواد ذات رائحه فى بولها وبرازها تعكس ضوءا فوق بنفسجى يجعلها ظاهرة للعيان لمستقبلات الأشعة فوق البنفسجية فى الطيور أو فى صقور العواسق وبخاصة فى الربيع قبل أن تغطى النباتات دالات الرائحة
أننا منغلقون داخل عالم من حواسنا إلى حد كبير فأننا لا نستطيع أن نستحضر فى أذهاننا صوره عالم مرئى ابعد من عالمنا . ما سبق يدعونا إلى التواضع أن نكشف أن الإتقان التطورى ما هو الا سراب و أن العالم ليس تماما هو ما نتخيله نحن عندما نعايره من خلال عدسه وأن قدرة الله تتجلى فى كل مخلوقاته لنرى آثارها لنهتف سبحان الله.(20)
لقد انقرض ما بين سبعين وثمانين فصيلة من الطيور في القرون الثلاثة الماضية في العالم، وكان السبب المباشر لذلك الإنسان باصطياده الجائر للطيور، أو بتدميره لمواطنها الطبيعية وقد تمثل ذلك في قطع أشجار الغابات لبناء المساكن والتوسع الزراعي واتساع رقعة العمران والطرق. وحرق الغابات وتجفيف المستنقعات أو الواحات والزحف الصحراوي وأدى ذلك كله إلى تناقص أعدادها ومن ثم إلى انقراضها. وهناك أعداد كبيرة من الطيور يقضي عليها الإنسان عمدا إما بالبندقية أو بالشباك والمصائد أو بالدبق أو بالحبوب المخدرة. وبعض الطيور تموت عند اصطدامها بخطوط الكهرباء ذات الضغط العالي، أو من تلوث غذائها بالمبيدات الحشرية والزراعية مثل مادة د.د.ت التي يؤثر تراكمها في جسم الطائر بشكل سلبي على عملية تكوين قشرة البيض ويؤدي بالتالي إلى عدم فقسه. والطيور البحرية كثيرا ما يلوث ريشها ويلتصق به زيوت متسربة من ناقلات النفط، مما يعيق حركتها بل يشلها ويؤدي إلى موتها. (21)
عرف الإنسان أهمية الطيور منذ اقدم العصور ودجّنها ، فالدجاج الذي انحدر من طيور الأدغال الحمراء في جنوب شرق آسيا هو مصدر مهم من مصادر اللحوم لاسيما أن قدرته التحويلية من غذاء إلى لحم عالية جدا بالمقارنة مع الحيوانات الأخرى، وهو يزودنا كذلك بالبيض الغني بالمواد الغذائية، ومن الطيور الأخرى المدجّنة والمفيدة لنا البط والإوز وديك الحبش، ويستخدم الريش الزغب المستمد من بعض هذه الطيور في صنع الفرشات والوسائد المريحة كما يستخدم فى صنع أدوات النظافة. كما استخدم الريش فى التزيين وصنع القبعات للسيدات وأغطية للرأس لزعماء القبائل الهندية فى أمريكا الشمالية والجنوبية والآن يستخدم فى المهرجانات الشعبية لتزين القبعات والملابس لكثير من الأمم والشعوب. ولقد استخدم الإنسان الحمام الزاجل لنقل الرسائل منذ 5000 سنة ولا يزال يستخدمه. وتتغذى أنواع كثيرة من الطيور على الحشرات والديدان والقوارض الصغيرة فهي بذلك تساعد المزارعين وتقيهم شر هذه المخلوقات التي لو تركت لزادت الأضرار التي تحدثها بالمحاصييل
وتلعب بعض الطيور دورا مهما في عملية تلقيح الأزهار بنقلها حبوب اللقاح من زهرة لأخرى وفي انتشار البذور بواسطة أرجلها أو ذرقها. ولا شك أن من الممتع مراقبة الطيور وسماع أغاريدها الشجية ومراقبة حركاتها وطيرانها. وقد كانت الطيور وما زالت مصدر الهام ووحي للشعراء والفنانين والمصورين. وعلينا أن لا نغفل دور الطيور في الإيحاء للإنسان بمحاولة الطيران مما أدى إلى صناعة الطائرات، ومعظم الطائرات الحديثة شكلها مستلهم من أشكال الطيور.(22)
لقد ألهمت الطيور الإنسان بالطيران وحاول تقليدها وصنع ما يمكنه من ذلك وتدرجت المحاولات كالآتى:
كان الطيران حلما قديمًا للإنسان ،وتؤكد أسطورة الايكاروسعلى ذلك. و على الرغم من أنليوناردو دا فينشيحاول دراسة إمكانية الطيران بآلات أثقل من الهواء حوالي العام 1500 م، إلا أن ذلك لم يحدث إلا بعد أربعة قرون تقريبا. ولكن قبل ذلك في عام 875 قام العالم العربيعباس بن فرناسبالطيران بأجنحة شراعية مدة عشرة دقائق، وفي 1783 قام الأخوان مونقولفييوجاك شارلبتمكين الإنسان من الارتفاع في الهواء بآلة أخفّ من الهواء. وتبعاً لذلك توقفت البحوث الخاصة بالآلات الأثقل من الهواء. في نهاية القرن الثامن عشر صنع البريطاني السيرجورج قايلايمروحيةفي 1796 وفي سنة 1808 صنعاورنيثوبتروفي 1809 طائرة شراعيةطارت بدون ركاب.
ويليام هونسنوجون سترينقفلاوأعادا استغلال أعمالجورج قايلايلصنع طائرة بالبخار, ولكن المحركات كانت ثقيلة جداً مما أدى إلى عدمطيرانها وأدى ذلك إلى مرور التطورات التقنية بالطائرات الشراعيةوبدراسة الديناميكا الهوائية.(23)
للطير من روائع الألوان والأشكال ما يعد مثالاً فى جمال التنسيق وبراعة التصوير فكل لون ينسجم مع غيرة بدقة بالغة إلا سبحان من صور فأبدع فأى فنان عظيم صبغ ريش الطيور بألوانها الرائعة وفق قواعد الهندسة الدقيقة كما فى الهدهد وأعناق الديكة والطيور البديعة
وطائر الدراج وهو أكثر حسناً وجمالاً من الطاووس وقال فيه الشاعر أبو الحسن بن الناصر:
صدور من الديباج نمق وشيها وصلن بأحناء اللجين الســــوارج
وأحداق تبر فى خدود شقائـــــق تلألأ حسنا لاشتعال المســـــارج
وأذناب طلع فى ظهور كسوتها مجزعه الأعطاف صهب الدمالج
فأن فخر الطاووس يوما بحسنه فلا حسن دون حسن الـــــــدوارج
ومن الطيور الجميلة أبو براقش والذى يتلون فى كل ساعة بلون أحمر وأزرق وأخضر وأصفر.
ريش الطيور ليس له دور سوى تيسير عمليتى تعديل الحرارة والطيران ولكن جمال الريش وزخرفته تدل على أن هناك إرادة وعقل أراد أن يجملها لتعبر عن ذاته الجميلة . والطيور مع كونها كائنات جديرة بالإعجاب في تقنية الطيران، من الأجنحة واستعداداتها الأخرى، فهي أيضاً ذاتُ جمال أخّاذٍ بالنقوش الفنية على أجسامها، تستخدم الطيور الذكر نقوشاً وألواناً جذابةً لشد انتباه الإناث إليها، هذه النقوش آيات جمالية لا يمكن أن تفسر بأي صدفة.
ولحدوث هذه النقوش رُتب لونُ كلِ ريشةٍ ونقشُها على حدة، حتى ظهرت في النتيجة هذه الزينةُ الخارقة، هناك شفرة وراثية خاصة برمجت خلايا هذه الكائنات لتكوّن هذه النقوش: أي ريشة بأي لون ستكون، وفي أي نقطة من الريشة سيتغير اللون، وفي أي حِدّة ستبدأ درجة اللون، كلُّها مكتوبة واحدةً واحدةً في الخلية الوراثية، بلا شك.. ليس في أي موضع من هذا التصميم الرائع مكان للصدفة، لن تستطيع أي صدفة رسمَ هذه النقوش على ريش الطاووس، لهذا كان داروين صاحب نظرية التطور الذي حاول تفسير أصل الكائنات بالصدفة كان ينزعج دائماً من ريش الطاووس.
كذا برهن جسم الطائر الجميل على أن الضرورة لا تفسر الجمال فصوت العصفور أكثر براعة وتعبيراً من أى آلة موسيقية والضرورة لا تستلزم أن يكون صوته جميل بل قادر فقط على إخراج الأصوات والضرورة تفسر لماذا يكون صوت عصفور جميلاً فى عين عصفور آخر ولكنها لا تفسر لماذا يكون جميلاً فى عين الإنسان . أو لماذا يكون الثمر والشوك جميلاً فى عين الإنسان.
أما عن الجمال فتأمل معي هذه الصنعة الربانية
للطيور عدة وسائل صوتية للتفاهم والتآلف مثل هديل الحمام وتغريد البلابل والكروان وصيحات الطيور البرية التى تصيح عندما ترى سربا من الأسماك عند سطح الماء، وكذلك صيحات العصفور والنسور وغيرها من جوارح الطيور.
للطيور عدة وسائل صوتية للتفاهم والتآلف مثل هديل الحمام وتغريد البلابل والكروان وصيحات الطيور البرية التى تصيح عندما ترى سربا من الأسماك عند سطح الماء، وكذلك صيحات العصفور والنسور وغيرها من جوارح الطيور.
وتخرج أصوات الطيور من حنجرة تقع فى مؤخرة القصبة الهوائية قرب الرئتين عكس الإنسان والحيوان حيث توجد فى مقدمة القصبة الهوائية لذلك تسمى حنجرة الطيور بالحنجرة السفلية ووجودها فى هذا المكان بالذات له حكمة قد تدبرها من خلقها حيث أن وجودها فى هذا المكان العميق داخل الصدر يجعل الأصوات التى تصدرها تمر قبل إنطلاقها إلى الخارج عبر القصبة الهوائية بأكملها وهو ما يجعلها أكثر قوة وبهاء وجمالاً.