بيوتر تشايكوفسكي … عملاق الموسيقى الكلاسيكية الروسية
يعتبر بيوتر تشايكوفسكي (1840-1893) بحق من ابرز الملحنين الموسيقيين الروس في القرن التاسع عشر.
فهو صاحب 76 مقطوعة موسيقية و10 اوبرات و3 باليهات و7 سيمفونيات وعشرات مقطوعات الكونشرتو للبيانو والفيولونسيل والوتريات. ولا تزال باليهات “بحيرة البجع” و”الحسناء النائمة” و”كسارة البندق” تصنف من كنوز الثقافة الموسيقية العالمية.
ولد بيوتر تشايكوفسكي في 7 مايو/ايار عام 1840 في مدينة فوتكينسك بجمهورية ادمورتيا الروسية حاليا. وكان والده مديرا لمصنع التعدين هناك ، وبيوتر الولد الثاني في العائلة. وكان والداه من هواة الموسيقى، وأجادت والدته العزف على البيانو والغناء. وفي عام 1849 انتقلت الأسرة الى مدينة ألابايفسك، وفي عام 1850 – الى سانت-بطرسبورغ. وبعدها بأعوام إلتحق تشايكوفسكي بكلية الحقوق الامبراطورية. وهناك صار يتلقى دروسا اختيارية في العزف على البيانو ضمن المواد الدراسية الأخرى.
وبعد التخرج من الكلية في عام 1859 نسب للعمل في وزارة العدل بوظيفة مستشار. وكان في اوقات الفراغ يرتاد مسرح الاوبرا حيث تركت بالغ الانطباعات لديه اوبرات موزارت وجلينكا. وفي عام 1861 إلتحق بيوتر بالدورات الموسيقية للجمعية الموسيقية الروسية، وبعد تحويلها في عام 1862 الى كونسرفتوار بطرسبورغ اصبح احد الطلاب الاوائل في قسم التأليف الموسيقى فيها حيث تلقى الدروس الموسيقية (نظرية الموسيقى) تحت اشراف نيقولاي زاريمبا، ودروس (قيادة الاوركسترا) تحت إشراف انطون روبنشتين. وقد شجعه الاخير على ترك الوظيفة في وزارة العدل وتكريس نفسه للموسيقى فقط.
في عام 1865 تخرج تشايكوفسكي من الكونسرفتوار بعد تأليفه كانتاتا شيللر” للمسرة”، ومنح لقاءها الميدالية الفضية. كما ألف خلال دراسته مقطوعات عديدة منها مقدمة موسيقية لمسرحية اوستروفسكي “العاصفة الرعدية”، وموسيقى رقصات الفتيات الريفيات. وبعد التخرج دعاه انطون روبنشتين الى موسكو حيث حصل على منصب استاذ في كونسرفتوار موسكو، الذي افتتح لتوه، في مجال التأليف الموسيقي والهارموني ونظرية الموسيقى والتقاسيم. وفي عام 1868 نشر تشايكوفسكي اولى مقالاته النقدية في الموسيقى وتعرف على جماعة “العصبة الجبارة” ورئيسها ميل بالاكيريف الذي نصحه بتأليف مقدمة – فنتازيا لمسرحية شكسبير”روميو وجولييت” ، بينما طرح الناقد ستاسوف عليه فكرة تأليف الفانتازيا السيمفونية “العاصفة الرعدية” المستوحاة من مسرحية بهذا الاسم للكاتب اوستروفسكي.
وكانت اعوام السبعينيات من القرن التاسع عشر مرحلة بحث مستمر في الابداع الموسيقي، فألف تشايكوفسكي اوبرا “اوبريتشنيكي”، و”الحداد فاكولا”، وموسيقى لمسرحية اوستروفسكي “فتاة الثلج”، وباليه “بحيرة البجع”، والسيمفونية الثانية، والسيمفونية الثالثة، وفنتازيا “فرنشيسكا دا ريميني”. كما عمل كناقد موسيقي لصحيفة “روسكيه فيدوموستي”.
وقد عُرض باليه “بحيرة البجع” في عام 1877 في مسرح البولشوي ، وفي عام 1879 قدمت في كونسرفتوار موسكو اوبرا ” يفغيني اونيغين”. كما ألف تشايكوفسكي في هذا العام اوبرا “عذراء اورليان”.
وفي اواخر السبعينيات أصيب تشايكوفسكي بأزمة نفسية حادة سببها الاجهاد الشديد في العمل، وكذلك الاحباط في العلاقات الشخصية. فغادر روسيا حيث عاش فترة عدة اعوام في الخارج، في سويسرا وايطاليا، وكذلك في عزبة اخته في كامينكا. وخلال هذه الفترة جرت مراسلات كثيرة بين تشايكوفسكي والمحسنة المحبة للموسيقى البارونة فون ميك التي قدمت له مساعدات كبيرة في نشر اعماله.
وفي اواسط الثمانينات عاد تشايكوفسكي الى النشاط الموسيقي وانتخب رئيسا لفرع الجمعية الموسيقية الروسية بموسكو. لكنه عاش في ضواحي المدينة في بلدة كلين حيث يوجد حاليا متحف يحمل إسمه. ومارس خلال هذه الفترة العمل كقائد اوركسترا في روسيا وخارجها.
في 3 فبراير/شباط عام 1884 قدم في مسرح البولشوي عرض اوبرا “مازيبا” التي استوحيت فكرتها من قصيدة بوشكين “بولتافا”. وفي 3 يناير/كانون الثاني عام 1890 قدم في مسرح مارينسكي في بطرسبورغ عرض باليه “الحسناء النائمة”. وفي عام 1890 اخرجت في مسرح مارينسكي أيضا اوبرا “ملكة البستوني” المأخوذة عن قصيدة لبوشكين.
في ربيع عام 1891 قام تشايكوفسكي بجولة في الولايات المتحدة قاد فيها الاوركسترا التي عزفت أعماله في نيويورك وبالتيمور وفيلادلفيا.
في 25 اكتوبر 1893 توفي تشايكوفسكي بعد إصابته بداء الكوليرا ، ووري الثرا في مقبرة كبار رجال الفن في دير الكسندر نيفسكي في مدينة بطرسبورغ.