كشف ابن عمدة مدينة إيفانستون الأمريكية، لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، عن مقابلة والده للأسطورة محمد علي كلاي في منزله، بعد أن اتفق الشيخ محمد الفاسي معه، على إقامة غداء ومؤتمر كمحاولة لتحسين سمعة الفاسي، مقابل 15 ألف دولار، على حد زعم الصحيفة.
واستهل ابن العمدة حديثه مع الصحيفة، قائلًا “في العام 1982، حصل والدي على عرض غير مرغوب فيه، هدية قدرها 15 ألف دولار مقابل إقامة غداء ومؤتمر كمحاولة لإصلاح صورة الفاسي، ففي ذلك الوقت، اشترى الشيخ محمد الفاسي قصرًا في منطقة بيفرلي هيلز ثم قام بنصب تماثيل عارية فيها، ما أثار حفيظة السكان الذين قاموا لاحقًا بحرق القصر وطرد الشيخ من لوس أنجلوس، هذا بالإضافة إلى طرد الشيخ من فندق بجنوب فلوريدا، لأنه لم يدفع الفاتورة البالغة مليون دولار”.
وتابعت الصحيفة قائلة “بعد أيام من المفاوضات مع الفاسي، وافق أبي على قبول الهدايا وترتيب مؤتمر صحفي والغداء في منزلنا، للاحتفال بهذه المناسبة، وعندما التقى والدي بالفاسي في مطار أوهير في شيكاغو، وتفاجأ حينها عندما نزل الأسطورة كلاي من على متن طائرة خاصة أيضًا”.
وبحسب الصحيفة، ظن الشيخ السعودي الفاسي أنه كان النجم، ولكن على العكس، خطف كلاي، الذي لا يحمل صفة رسمية وجاء من جذور ولاية كنتاكي المتواضعة، الأضواء منه.
وتابعت الصحيفة قائلة “في سيارة ليموزين من شيكاغو إلى إيفانستون، قام محمد علي بالاستمتاع بأداء بعض الحيل في الطريق من شيكاغو إلى إيفانستون، كما قام بإخراج رأسه من الليموزين عندما قام الموكب بالتسابق مع السيارات في الطريق، وقام بتوزيع أوتوغرافات له على الأطفال في الشارع”.
بعد ثمانية أشهر من قتاله الأخير، لم يعد كلاي بحاجة للحفاظ على واجهته التي تظهره رجلًا قويًا، وبدا أكثر صبرًا وودودًا أكثر، فبعد وصول الموكب إلى ضواحي إيفانستون، اجتذب وصول محمد علي انتباه الأطفال، وهرعوا إليه وكان صبورًا، يوقع جميع الأوتوغرافات، ويصافحهم ويتعامل بلطف، حتى بعد أن ظهرت عليه علامات مرض الباركنسون، وبالكاد نطق “سكر” عندما سألته عن المشروب الذي يرغب أن يتناوله.
لكن مرض الشلل الرعاش كان مجرد بداية للبطل، حيث استعمل شهرته في جمع التبرعات لـ”فونكس” (مركز محمد علي، لمعالجة داء باركنسون في معهد “بارو” العصبي).
وخصص كلاي برامج للشباب، في مركز محمد علي في مسقط رأسه لويزفيل، وسافر إلى العراق في بداية حرب الخليج، وتحدث إلى صدام حسين بشأن الإفراج عن 15 رهينة أمريكية، تم أسرهم في الكويت.
وفي سن الـ18، فاز كلاي بميدالية ذهبية أولمبية، وفي سن 22 سنة أصبح بطل الوزن الثقيل، وسرعان ما بدأت الصحوة الروحية لديه، التي تسببت في أن يغير اسمه من كاسيوس كلاي إلى محمد علي كلاي.
في حرب فيتنام، أدين بالتهرب من الخدمة العسكرية بعد أن رفض الالتحاق بالجيش، ولكن تحولت الإدانة في نهاية المطاف من قبل المحكمة العليا، ولكن ليس قبل أن يفقد كلاي خمس سنوات من مسيرته.
وعندما كان عمره 54 عامًا، أشعل الشعلة الأولمبية في أتلانتا، وفاجأ العالم ولمس الملايين من القلوب.
في الـ63 من عمره، أصبح سفيرًا للنوايا الحسنة والسلام، ومنح الوسام الرئاسي للحرية – أعلى وسام مدني في أمريكا.
وأضافت الصحيفة “لقد أذهلني ذلك، ففي اليوم الذي جاء إلى إيفانستون، كان كلاي من الناحية الفنية جزءًا من الوفد المرافق للرجل الذي لم ينجز شيئا”.
وبحسب الصحيفة، كان الفاسي مسرفًا في الإنفاق، ففي العام 1990، لم يعد مفضلًا لدى الحكومةالسعودية، لانتقاده دورها في حرب الخليج، وبعد الإقامة الجبرية والنفي، قال إنه ترك وراءه فوضى قانونية لإبعاد زوجته، وتوفي في القاهرة عن عمر يناهز 50 عامًا.
وختم ابن عمدة مدينة إيفانستون الأمريكية الثالث حديثه مع الصحيفة قائلًا: “وقع لي الفاسي، الذي يملك الملايين من الدولارات، على 10 دولارات وكان عمري وقتها 21 سنة، وأعمل بوظيفة في الصيف لتوفير المال للكلية، والـ10 دولارات كانت تعني الكثير بالنسبة لي، ولكنني لم أتصرف في تلك الأموال، ولا تزال لدي الـ10 دولارات، والتي لم أحتفظ بها لتوقيع الفاسي عليها، بل لأن البطل كلاي وقع عليها أيضًا، فأردت أن تكون تذكرة لهذا الرجل الجميل، الذي كان حقًا ضيف شرف عزيز”.