خبيرة التصوير فاريبا علي لـ«أخبار الخليج»:
الأربعاء ٢٨ يونيو ٢٠١٧ م
بعد ١٩ عاماً من العمل المصرفيّ احترفتُ التصوير
علمتها تجارب الحياة كثيرا من العبر والدروس، ولعل أهمها ألا يتوقف الإنسان عن المسيرة مهما واجه من صعوبات أو عثرات، وأنه لا عمر للعطاء والإبداع، فبعد أن قضت أكثر من 19 عاما في العمل المصرفي، احترفت مجالا عمليا آخر أبدعت فيه، وتركت لها بصمة خاصة به، وذلك بعد أن أطاحت الأزمة المالية العالمية بكثير من المصارف ومن وظائف العاملين بها.
خبيرة التصوير الفوتوغرافي فاريبا علي، نموذج للطموح بلا حدود، وللإرادة الفولاذية، لم تستسلم للظروف، وصمدت في وجهها، وصنعت مجالا إبداعيا جديدا غيرت معه مجرى حياتها وهو فن التصوير، حيث ترى أن الصورة اليوم هي أبلغ تعبير، بل هي لغة العصر، وقد تميزت بجمعها بين التصوير الفوتوغرافي والفيديو في آن واحد.
حول هذه التجربة المليئة بالنجاحات والكفاحات كان الحوار التالي معها:
متى كان قرار احتراف فن التصوير؟
منذ ثلاث سنوات تقريبا بدأت احتراف فن التصوير الفوتوغرافي، والذي كنت أهواه كثيرا منذ طفولتي، حتى أنني خلال فترة المراهقة كنت أحمل كاميرا وأطوف بها لالتقاط الصور المختلفة في المناسبات والاحتفالات، وكنت أشعر بسعادة بالغة أثناء ممارسة تلك الهواية، ولم أكن أتوقع أن أحترفها في يوم من الأيام.
متي قمت بشراء أول كاميرا؟
لقد امتلكت أول كاميرا فيديو حين بلغت عمر 16 عاما، وكانت أيامها باهظة الثمن، وساعدني في شرائها أهلي، أما أول كاميرا ديجيتال فقد قمت بشرائها عام 1992. بينما اقتنيت أول كاميرا احترافية في عام 2008. وأذكر أنه كان ثمنها حينذاك ألف دينار.
هل للتصوير علاقة بدراستك؟
ليس هناك أي علاقة بين دراستي وفن التصوير، فأنا حاصلة على بكالوريوس في الأعمال المصرفية والبنكية، وعملت 19 عاما في المجال البنوك، إلا أن الظروف الاقتصادية اضطرتني إلى تغيير مجرى حياتي.
كيف؟
حين حدثت الأزمة المالية العالمية، تأثرت أوضاع كثير من البنوك، وأغلق بعضها وتم تسريح كثيرين من الموظفين، وقد تم إبلاغي بأن البنك الذي كنت أعمل به سوف يغلق أبوابه، وكنت آخر موظفة احتفظ بها البنك، وهنا صارت النقلة المهمة في حياتي، وبدأت فكرة احتراف التصوير تسيطر على، وخاصة أنني كنت قد اشتهرت بتصويري للمناسبات والاحتفالات ولكن في نطاق الأهل والمعارف.
وكيف تم الاحتراف؟
أثناء عملي بالبنك كانت تأتي إلي عروض للتصوير بمقابل، ولكني كنت أرفض ذلك وأكتفي بأن أمارس التصوير كهاوية، لتصوير الحفلات والمناسبات للمقربين والأهل والأصدقاء، ولكن بعد أن اضطررت إلى ترك عملي بالبنك، بدأت أفكر في الاحتراف كبديل لعملي المصرفي وذلك إيمانا مني بأن الإنسان لا يجب أن يتوقف عند أي مشكلة بل عليه أن يتكيف مع المستجدات والظروف، وأن يواجه التحديات بكل إرادة وقوة كما أنه ليس هناك عمر للعطاء والطموح وبالفعل بدأت حياة جديدة شيقة وممتعة.
كيف تحققت الشهرة؟
بعد حوالي عامين من احتراف التصوير، بدأ اسمي يلمع في عالم التصوير، وكنت قد شرعت في هذا البيزنس بشكل رسمي في 2014. وتعلمت هذه الحرفة بالممارسة وعلى أيدي مصورين محترفين، وخاصة وأن البحرين لديها مصورين مبدعين، وصل صيتهم إلى الخارج.
هل أقدمت على دراسة هذا الفن؟
التصوير الفوتوغرافي فن ليس صعبا، وخاصة إذا أحبه الشخص من القلب، ومن الممكن أن يطور مهاراته بنفسه، وهذا ما حدث معي حيث قرأت وبحثت عنه، وتعلمت أصوله، هذا فضلا عن دراسته من خلال الالتحاق بعدة كورسات في فن الإضاءة والفوتوشوب وغيرها، بهدف تطوير خبرتي، وخاصة بعد أن توفر لدي الوقت للدراسة والاطلاع
ما الصورة الجميلة في رأيك؟
لابد لأي صاحب حرفة أن ينمي موهبته، ويدعمها بالبحث والدراسة والاطلاع على تجارب الآخرين، والتعلم منها، والأجمل أن يتخصص في هذا اليزنس مثلما حدث معي، وأنا رغم احترافي للتصوير إلا أنني أجد في كل صورة تحدي جديد يحاول من خلاله المصور أن يبرز أجمل ما عنده فيها ويبذل كل جهده لإظهارها بشكل مبهر لأنه في النهاية يعمل شيئا لنفسه ولاسمه.
هل أحيانا تضطرين إلى تصوير شيء لا يعجبك؟
أحيانا يحدث أن يصور المصور شيئا أو شكلا لا يستسيغه، فمثلا البعض يطلب بتصوير موديلز بمساحيق التجميل ويكون المكياج أحيانا مبالغا فيه ولا أستسيغه ولكن بحكم المهنة والاحتراف أضطر إلى التصوير والإبداع فيه كما أننا لا بد أن نحترم الناس وآراءهم وأذواقهم حتى اختلفنا معهم، فأسلوب التعامل فيما بين المصور والزبائن لا بد أن يقوم على الاحترام بين الطرفين، وكذلك احترام الخصوصية.
هل ضاعت الخصوصية في ظل وسائل التواصل؟
نعم لقد لعبت وسائل التواصل دورا كبيرا في خرق الخصوصيات لدى البعض، وأنا شخصيا ضد هذا الشيء، وعموما تبقى الصورة اليوم هي لغة العصر، والأبلغ تأثيرا وتعبيرا، فهي تغني عن قصة أو كتاب، وهي قادرة على أن تبكيك أو تضحكك.
ما أجمل اللقطات من صنعك؟
أجمل اللقطات بالنسبة إلى هي تلك التي التقطتها في البوسنة، حين رأينا أنا وصديقة لي منظرا معبرا للغاية لطفلتين الأولى بثيابها المهلهلة والتي تنم عن فقر مدقع وتجلس على الأرض مع أمها، والأخرى لطفلة بدا عليها الثراء وقد أقدمت على منح الفقيرة بضعة فلوس، وهو مشهد مؤثر للغاية يعبر عن عن الفوارق بين الطبقات، وهناك أيضا لقطة أخرى في إحدى الدول الاسكندنافية وكانت الصورة لفتاة تشارك بقدم صناعية في سباق للجري، وقد وصل تأثري بهذا المنظر إلى حد البكاء.
أي المجالات تفضلين تصويرها؟
أنا تخصصت في تصوير الطعام لأنني أحبه بطبيعتي، وكذلك تصوير الأطفال والأزياء، وقد بدأت بتصوير الطعام كهاوية قبل الاحتراف، وحصلت على شهرة من وراء ذلك، حتى أن بعض المطاعم بادرت بالاتصال بي لتصوير الأطعمة لديها، ولكني كنت أرفض ذلك أثناء عملي بالبنك، وكنت أستمتع بشدة بتصوير أي طعام على المائدة قبل تناوله.
هل تصوير الأطفال أمر صعب؟
نعم تصوير الأطفال من الأمور الصعبة بالنسبة إلى أي مصور، وخاصة الأطفال من عمر عامين، فهم بحاجة إلى صبر وجهد كبيرين، ولكنه من أجمل وأمتع مجالات التصوير، وفي البداية بدأت أصور أبناء أختي وكنت أستمتع كثيرا بذلك، وكنت أضطر أحيانا أن أصبح مهرجا أو أنبطح على الأرض للحصول على لقطة مميزة ومؤخرا ابتعدت قليلا عن تصوير الأطفال، وخاصة بعد تعرض طفلة لقطع إحدى شفتيها في الأستوديو أثناء لهوها، وهنا قررت أن أعمل مكانل مجهزا خصيصا لتصوير الأطفال عند عمر معين، وخاصة أن الأستوديو الخاص بي هو جزء من بيتي.
وماذا عن عالم الأزياء؟
عالم الأزياء ثري للغاية، وهو ممتع وشيق أيضا إلى درجة كبيرة، وقد وجدت نفسي فيه، وأبدعت في تصويره فيديو وتدربت في ذلك على أيادي ماهرة، ولكل مدرب لمساته وبصماته الخاصة.
ما هي لمستك الخاصة؟
أنا أتميز بالجمع بين تصوير الفيديو والفوتوغرافي في آن واحد، وهو أمر صعب، لكني أستمتع به جدا، والتصوير عموما مجال كبير متعدد الرؤى والمذاهب، وأنا أفضل أن آخذ من كل بحر قطرة، وعلى الرغم من أنني في مرحلة الاحتراف، فإنني أتعلم في كل يوم شيئا جديدا، حيث أتطلع دائما للوصول إلى مستوى المصورين الأفضل.
كيف تواجهين المنافسة؟
المنافسة شديدة وشرسة في مجال التصوير، نظرا الى كثرة عدد محترفي هذا الفن، ومنهم اسماء كبيرة لامعة في السوق وفي الخارج، وفي النهاية المنافسة شريفة، ومفيدة للتطور، كما يتوافر بيننا احترام وتقدير متبادل، وهذه هي المنافسة الإيجابية، وفي النهاية تبقى المسألة متعلقة بالرزق المكتوب لكل منا.
أي المجالات التصويرية تشهد إقبالا أكثر من غيرها؟
تصوير الفيديو عليه إقبال كبير وأمارسه في عالم المكياج والأزياء والطبخ، ولكن قليلين من يصورون الفيديو والفوتوغرافيا في الوقت نفسه، لأن ذلك يتطلب سرعة البديهة، والمصور الشاطر هو من يترك أثرا لدى مشاهد الصورة، فأنا مثلا حين أصور الطعام أجعل المتفرج يشتهيه، وقد خصصت حسابا خاصا للطعام على وسائل التواصل بعد أن لامني البعض على فتح شهية الصائمين في شهر رمضان أو الذين يمارسون الحمية الغذائية.
هل انتشار ظاهرة تصوير الطعام أسهم في تفاقم السمنة؟
هذا أمر مؤكد فالانستغرام أسهم بشكل كبير في زيادة نسبة أمراض السمنة ودفع الناس إلى التذوق والتجربة والتقليد وحببهم في الطهي، ولكن في الوقت نفسه هناك جانب إيجابي وهو انتشار الطعام الصحي وكيفية طهيه والتوعية به من خلال البعض، وبدأ سوق المزارعين الصحيين يشهد رواجا، وبالتالي يمكن القول بأن هوجة تصوير الطعام المنتشرة اليوم لها شقان سلبي وإيجابي وعلى الشخص أن يختار ما يناسبه بحسب رغباته ومدى حرصه على إحداث التوازن.
هل سرقك عملك من حياتك؟
البيزنس لم يأخذني من حياتي الخاصة، رغم أنني أنام أحيانا ثلاث ساعات في اليوم، فصنع فيديو مدته دقيقة قد يتطلب عملا لست ساعات، ولكني استمتع بعملي، وأوزع وقتي بينه وبين التواصل مع الأهل والأصدقاء، كما أن عملي منحني كثيرا من الأصدقاء، وفيه فرصة لمشاركة الناس في مناسباتهم ومن ثم توطيد علاقتي بالآخرين.