الفنانة سناء راشد
الفنانة التشكيلية الفلسطينية “سناء راشد” من مواليد قرية “دبوريه” بفلسطين المحتلة، تابعت دراستها الفنية في معاهد وجامعات الأراضي المحتلة عام 1948م بما يُعرف بالحزام الأخضر، بالفترة الواقعة ما بين 1989 م– 1995م وهي عضو في جمعية الفنانين التشكيلين العرب “إبداع”، أقامت مجموعة من المعارض الفردية في مدن وقرى الجليل الأعلى بفلسطين، في مدينة أم الفحم، والمركز الثقافي وصندوق المرضى بدبوريه، ومعارض جماعية مشترك في العديد الأماكن داخل الوطن الفلسطيني المحتل.
لوحاتها التصويرية خارجة من سرب الأكاديمية المدرسية التقليدية، وتعزف خطوطها وملونها وتقنياتها ومواضيعها المتوالدة من واحة أحلام طفولة معذبة، أو مساحة أمراض نفسية موصولة بالتحولات الاجتماعية والمادية للقرن الحادي والعشرين. تميل إلى البساطة الشكلية، ومتناغمة مع تالف الخطوط والمساحات التجريدية، المُقمشة للسطوح في لمسات لونية متحررة من التعلم المدرسي، وتجوب في عوالم الحداثة الحسيّة ذات الاتجاهات التعبيرية التجريدية، السابحة في أتون الأفكار السهلة والعبثية والقابلة للتداول الحسي، والمحاورة البصرية العابرة ما بين عين المتلقي ومناطق وعيه وثقافته، والتي تأخذ صبغة التواصل الشعبي الجماهيري مع مضامين النصوص.
مواضيعها معنية بفلسفة العبث والشكلانية المتحررة من القيود الأكاديمية، عامرة بحالات الذهان المرضي والوصفات الشكلية المتوالدة من عوالم فرويد المرضية، وجعبة التحليل النفسي، محملة بخيال جامح ورؤية شكلية محددة التفاصيل، مُستعارة من حالات حلم تارة، ويقظة في كثير من الأحيان، مقتصدة في ملوناتها في معظم الأحوال، ترسم معالم شخوصها المرصوفة في متن اللوحات، وكأنها أحاجيات مشغولة وفق تقنيات خيال الظل، موزعة ما بين عجينة من لونين وببقع ضوئية مضافة من ذات النسيج التقني، جامعة لمدارات الوهم والحلم والطفولة والأمومة وما بينها من تفاصيل، تروم سرد قصص من بنات أفكارها، أو من أحلامها المتناسلة من حالات نوم ومرض ويقظة.
خطوطها عبثية متحررة وفي جميع الاتجاهات، وكأنها غرس شكلية بريّة الطابع والتوحش، نبتت فوق سطوح اللوحات في شكلانية خارجة عن مألوف الواقعي، وعابرة لأزمنة غريبة متباينة القسمات، متناغمة مع ملونات أكثر تحرراً من الواقعية التشخيصية، ومتعايشة مع سطوح من بعدين بحركية عفوية متداعية في جميع الاتجاهات. متداخلة النصوص والأماكن والشخوص، مسكونة بفطرية ظاهرة في تجليات الملامح والنصوص.
مواضيعها المطروحة دائرة في دوامة الحلم الجامح، وحالات الفزع المتدثرة بملامح الرموز المنثورة داخل أسوار بعض اللوحات، وتعكس حالات نفسية وذات قلقة وعصبية تنتظر قدرها الحسي ومصيرها المجهول. وأُخرى مشغولة بمواضيع الطبيعة الصامتة، المصمتة من حيوية الحياة إلى أبدية التجريد والخواء الشكلي، لتغدو الورد خارجة من طبيعتها الكونية، مرسومة بوعي طفولة راشدة ومقصودة، وكأنها صور توضيحية لمشاهدة بصرية منشودة لجمهور تلقي محدد الصفات والكينونة.
ومن ناحية ثالثة نجد في لوحاتها مسحة جمالية وعلى طريقتها التصويرية الخاصة، جماليات القبح للمناظر الطبيعية الخلوية التي تلتزم بخطها السردي المبني على فوضى الحركة والتشكيل. بينما نرى مواضيعها المخصوصة بالنسوة المدرجات في توليفات بعض النصوص، مُدرجة في نماذج شكلية أحادية بأشكالها الخطية الجانبية، أو الأجساد العارية أو الوجوه المتناثرة في فضاء اللوحات، جميعها تشكل باقة سرد وخصوصية لفنانة لم تُغادر مخادع طفولتها المبكرة، وتعيس دوامة الأنانية المفرطة التي تعيش في مساحة مخيلتها ومناطق حساسيتها الوجدانية، كتعبير حسي لذات سابحة في مساحات الحلم والتجارب وتيارات العبث الشكلي، والتعبير الحسي الفردي المُغرق في فرديته.
لوحاتها مُغادرة بطبيعة الحال، لجماليات المكان الفلسطيني وضروراته وإنسانيته، ومتنكرة بشكل ما أو بآخر لأطياف الانتماء بالمواطنة والوطن، وبذاكرة المكان الفلسطيني التاريخية والتراثية والوجودية، غارقة في مساحة التقليد الشكلي والمحاكاة الوصفية في الفكرة والمحتوى والتقنية والرؤى الفنية المرغوبة لفنون الآخرين، والمستعارة من فنون الأمركة الشكلية والحداثة التجريدية على وجه التحديد، وتعكس نظريات فرويد وقلقه النفسي الدائم والمتواصل ذات الطبيعة المرضية، المفرطة في حساسيتها الشكلانية البعيدة عن هموم الواقع.
والبقاء بديمومة التيه والتخفي في مساحات التجربة الخطية واللونية وتخير العناصر والمفردات التشكيلية المُدرجة في مساحات اللوحات المرسومة، والمبتعدة كل البعد عن الجانب الجمالي والإنساني والهموم الاجتماعية التي تعانيها الفنانة وشعبنا الفلسطيني في ظلال الاحتلال الصهيوني البغيض. وتنكر للوجود وللدور والوظيفة الاجتماعية والإنسانية الواجب أن يلعبه الفن التشكيلي كعاكس كفاحي فردي وجمعي لواقعه وظروفه المحيطة، وألا يكون السرد البصري يخدم مقولة الفن للذات الشخصية، وكأنه مخصص لقص حكايات مُستعارة من كوكب أخر