الموناليزا
فنون أوروبا
للفنون الأوروبية تأثير واسع الانتشار في معظم أرجاء العالم أكثر من تأثير أي فن من فنون القارات الأخرى. لقد بدأ هذا التأثير بعد العصور الوسطى، إذ أصبحت دول أوروبا الغربية في مقدمة الدول العالمية ذات النفوذ. وكان للفن الأوروبي أثر كبير على بعض البلدان، ككندا والولايات المتحدة اللتين أقامهما المهاجرون من الأوروبيين، كما وصل الفن الأوروبي إلى أجزاء من أفريقيا وآسيا، التي أصبحت ضمن المستعمرات الأوروبية. إلا أن هذا التأثير بدأ في التناقص حينما بدأ نفوذ أوروبا يتلاشى خلال القرن العشرين.
الفن عند قدماء الإغريق والرومان
الفن الإغريقي من أكثر فنون العصور القديمة بقاءً، فلقد كان لأعمال الفنانين الإغريق أثر دام لأكثر من ألفي عام حيث أبدع الإغريق في فن المعمار والأدب والنحت. فالمعابد والمباني العامة الإغريقية، بأعمدتها الجميلة الضخمة تحتل مرتبة متميزة بين الأبنية في العالم من حيث التصميم. كان للإغريق دور رائد في كتابة الأدب الأوروبي القديم، فأنشأوا الأدب المسرحي كما نعرفه الآن. ولقد أبدع النحاتون الإغريق في نحت الأشكال البشرية من البرونز والرخام.
بنى الرومان معظم فنونهم على نمط الفن الإغريقي، فقدموا أهم الإسهامات في فن المعمار والأدب، وفي تطوير نحت اللوحات الواقعية. فابتكر المعماريون الرومان الأقواس والدعامات الخرسانية، التي ساعدت في تشييد أبنية أضخم مما بنى الإغريق.
الفن في القرون الوسطى
كان للكنيسة تأثير كبير على الفن الأوروبي خلال القرون الوسطى. ويأتي في المرتبة الثانية من ناحية مبلغ التأثير على الفن ـ خاصة في جنوب شرقي أوروبا ـ الفن البيزنطي الذي تأثر بدوره بمعتقدات الأرثوذكس والثقافة الآسيوية. أما التأثير الثالث على الفن الأوروبي، فقد كان تأثير الفن الإسلامي ,الذي ظهر أثره في إسبانيا بصورة رئيسية، ولدرجة ما على الفن في الجزء الجنوبي الشرقي من أوروبا.
تناول فنانو القرون الوسطى الموضوعات الدينية في أغلب الأحيان. ومن الأعمال الفنية البارزة في تلك العهود، فن المعمار الكنسي، والرسومات الدينية والنحت. انحط الفن الأوروبي في بداية القرون الوسطى، فلم يظهر من الأعمال والأساليب البارزة نسبيًا إلا القليل، حتى بدأت مؤشرات إحياء الفنون في الظهور خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين. إذ ظهر الأسلوب الفني الذي عرف باسم الرومانسك (طراز فن العمارة) في غربي أوروبا خلال هذه الفترة. ومن السمات الرئيسية لطراز الرومانسك في فن العمارة قوته ومتانته. فقد تميزت كل المباني التي شيدت على هذا الطراز تقريبًا بسماكة جدرانها ومتانة دعاماتها وانخفاض واتساع أقواسها. أما الصور الزيتية على هذا الطراز، فإنها غنية بالألوان، إلا أنها لاتصور المساحات والأشكال الحقيقية.
خلال القرن الثالث عشر الميلادي أصبح الفن القوطي الطراز الرئيسي المتبع في جزء كبير من أوروبا. يتمثل الطراز القوطي بصورة رئيسية في فن العمارة، إذ صمم المعماريون القوطيون، المباني الجميلة الشاهقة التي لاتحتاج لجدران سميكة لتكون دعامات لها. ولقد جعل هذا التصميم بالإمكان استخدام النوافذ ذات الزجاج الملون في المباني القوطية.
الفن في عصر النهضة
بدأ في إيطاليا خلال القرن الرابع عشر الميلادي، وانتشر في معظم أنحاء أوروبا، في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين. ولقد كان لفن وفلسفة الإغريق القدماء والرومان انعكاسات وتأثيرات عظيمة على الفن في هذا العصر. ركز فنانو عصر النهضة على أهمية الفرد. كما أنهم صوروا أيضًا الأشكال والمساحات بدقة متناهية أكثر مما كان شائعًا في القرون الوسطى.
استمر فنانو عصر النهضة في إبراز الموضوعات الدينية، إلا أنهم بدأوا أيضًا في معالجة موضوعات الحياة اليومية، فاتجه الفنانون لرسم لوحات وصور للمناظر الطبيعية والشوارع. بدأ اهتمام المعماريين ينصب على تصميم المنازل والمباني العامة، وبدأ النحاتون ينحتون جسم الإنسان بصورة أدق من أي زمن مضى.
الفن منذ عصر النهضة
أصبح الفن منذ عصر النهضة، يعكس التحولات المتعددة والمتلاحقة في المجتمع الأوروبي، فظهرت أنماط مختلفة أثناء هذه الفترة. بالإضافة إلى ذلك ظهر في أوروبا شكلان جديدان للفن، وهما الأوبرا والسيمفونية حيث تم تأليف وتمثيل الأوبرا لأول مرة في التسعينيات من القرن السادس عشر الميلادي بينما تم تأليف الموسيقى السيمفونية خلال القرن الثامن عشر الميلادي.
ساد في القرن السابع عشر الميلادي أسلوب في التعبير الفني عرف باسم الباروك، نتيجة لظهور القومية، وللصراع الذي نشب في أوروبا بين الكنيستين البروتستانتية والكاثوليكية الرومانية. فقد أراد القادة السياسيون والزعماء الدينيون من أتباع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية استخدام الفن للتأثير على تفكير الجماهير. فتبعًا لذلك ابتدع الفنانون الأسلوب الباروكي العاطفي المفعم بالشعور.
أحدث التطور الصناعي السريع، ونمو المدن مع التقدم الهائل في العلوم والتكنولوجيا تحولات كبيرة في المجتمع الأوروبي، وتسبب في مشكلات اجتماعية جمة منذ القرن الثامن عشر الميلادي. وبدأ اهتمام الفنانين بالموضوعات الدينية يقل، بينما زاد اهتمامهم بوضع الإنسان في العالم الحديث. فمثلاً في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشرالميلاديين، أصبح الفنانون الذين ينتمون إلى ماسمي بالحركة الرومانسية يعترضون على تزايد آلية وتوحيد خصائص المجتمع، كما عارضوا أيضًا الظلم الاجتماعي والاستبداد السياسي السائدين في ذلك الوقت. اتجه هؤلاء الفنانون نحو الطبيعة والخيال الجامح، وقصص الأماكن النائية، هروبًا من واقع حياتهم. فتميز فنهم بالتركيز على العاطفة والخيال.
في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي ظهرت حركة فنية سميت بالواقعية. حاول فنانو هذه الحركة تصوير مظاهر الحياة بدقة متناهية كما هي عليه. ولقد تطورت المدرسة الواقعية جزئيًا، بسبب التأكيد على المعلومات الدقيقة، التي برزت نتيجة لظهور العلوم الحديثة. وتأثرت الحركة الواقعية أيضًا بالاهتمام المتزايد لتفهم مشكلات المجتمع.
بدأت تظهر منذ عام 1900م أساليب فنية جديدة كل بضع سنين، فالنحاتون والفنانون، صاروا يولون رواية القصة ومعالجة الموضوعات العادية المألوفة اهتمامًا أقل من الصور الذهنية التي يثيرها التأثير العام. فأنشأ الرسامون الأساليب الفنية المجردة التي لاتعكس الأشياء، أو الأشكال الحقيقية وركزوا على الشعور والإحساس والحالة النفسية.وبدأوا يعالجون جسم الإنسان، بصورة أقل من معالجتهم للآلات والأشياء الأخرى. ولقد ابتدعت مدرسة باوهاوس للتصميم في ألمانيا، الأنماط الوظيفية البسيطة التي تتميز بخلوها من الزخرفة. أثر الباوهاوس على كثير من مظاهر الفن الحديثة كتصميم المباني والأثاث. انظر: باوهاوس. كما أبدع الفنانون في إنشاء أعمال فنية تختلف اختلافًا جذريًا عن الأساليب السابقة، كما تقدم الفن المسرحي والأدب والموسيقى بالقدر نفسه.