“نورس ليوس”… بين القانون والموسيقا والإعلام
الأحد 17 كانون الثاني 2016
بيروت
عبرت شخصيته عن حضوره أكاديمياً وفنياً وعملياً، فما بين الحقوق والموسيقا والعمل الإعلامي استطاع أن يكون صوت حال الشباب السوريين المغتربين بحضوره المتميز أينما حل.
مدونة وطن “eSyria” تواصلت مع الفنان الحقوقي “نورس ليوس” بتاريخ 10 كانون الثاني 2016، في “بيروت” متحدثاً عن بداياته بالقول: «ولدتُ ونشأتُ في “دمشق”، وكانت دراستي للمرحلتين الابتدائيّة والإعدادية بمدرسة “اللورد”، وفي المرحلة الثانويّة بمدرسة “اللاييك”، درست الحقوق بجامعة “الفرات”، ونلت الماجستير من “الجامعة اللبنانية”.
بدأت موهبتي الفنية بالعزف على آلة الكمان بعمر السادسة، وعلى الرغم من تشجيع الأهل والمدرّسين للمتابعة لكنني فشلت بعد ستة أشهر، وهنا كانت نقطة البداية لأنني بدأتُ تعّلم العزف على آلة الغيتار، وبالحقيقة كان الدافع المشجع هي أختي لكونها عازفة غيتار محترفة، إضافة إلى والديّ الذين أعدّهما سّر أي نجاح في حياتي، تعلمت الموسيقا بإطاريها النظري بالصولفيج والنظريات، والعملي بآلة الغيتار في معهد “صلحي الوادي”، وأجيد العزف على آلة البيانو إلى جانب آلة الغيتار، ولي العديد من المشاركات بحفلات المعهد الموسيقية، إضافة إلى مشاركتي مع أوركسترا الغيتار مع الراحل “مازن الصالح”، وشاركت كمرتل مع جوقة “الراعي الصالح”، وعازف مع جوقة “الفرح”، إضافة إلى الكثير من المشاركات المتفرقة، وقد تم تكريمي خلال التخرج في “معهد صلحي” الوادي بشهادة تفوّقٍ في صف الغيتار».
وعن العلاقة ما بين دراسته وموهبته الفنية يضيف: «الموسيقا لغة المشاعر وتعكس ما يستتر في الفؤاد، أما ما يدور بفلك القانون فهو يرتكز على الوقائع والماديّات المثبتة، أعشق العدالة وإحقاق الحق، وأن يكون الجميع متساوين أمام القانون».
ويضيف عن مواهبه الأدبية: «لطالما أحببت كتابة بعض الشعر، ذاك الذي يعكس واقع بلادي، فأول من كتبتُ لها هي “دمشق” التي سكنتني حتّى بغربتي، والموهبة الشعرية لدي حديثة العهد، وأطمح للتقدم فيها، ومما كتبت:
“مهلاً على دمشقَ.. فبات دمها يناطحُ التلال.. جرحها طليلاً وضلوعها في انحلال.. أُشبعت ضفاف الغرب من جثثنا
فمهلاً على دمشقَ ففي
نورس ليوس خلال عمله |
مثواها.. يسقط الحبُّ يسقط الشعر والجمال”».
وضع خطوته الأولى في دراسته لاختصاص المنظمات الدولية مقارباً الواقع الذي يعيشه الوطن لكي يبني عليه خطوته الثانية في نقل معارفه وخدماته لاحقاً، وقال: «فضلاً عن اهتمامي الكبير بهذا المجال إلّا أن أهميته تكمن بأنه اختصاصٌ قانوني يدخل بإطار القانون العام ويرتبط بالعلاقات الدولية بالوقت ذاته، ففهم آلية عمل المنظمات الإقليمية والدوليّة والتعمّق بأنظمتها يعد مفتاحاً لإدراك التطورات الراهنة، والتنبؤ بالسياسات التي ستتبع مستقبلاً في أُطرها، لي عدة أبحاث ودراسات منها: “جوهر مسؤولية الحماية الدوليّة، منظمة العمل الدوليّة وتأثير اتفاقياتها بالتشريع اللبناني، دراسة مقارنة حول ممارسات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربيّة حيال الأزمة السوريّة، آليات عمل البرلمان الأوروبي، وإضاءات حول القانون الدولي الإنساني”، وغيرها العديد على الصعيد الشخصي أو ضمن إطار الجامعة اللبنانيّة، وحالياً أعمل متدرباً مساعداً للمستشار الإعلامي للمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان “اليونيسكو”، وما أقوم به اليوم في الأمم المتحدة يمثّل الخطوة الأولى لتحقيق طموحي في العمل ضمن أطرٍ دوليّة، والدرجة الأولى من السلم الذي يعلمني أساليب العمل الدبلوماسي، وكيفيّة التعاطي مع الفرقاء والشركاء الدوليين أو المحليين وربط السياسة بالإعلام، وأنا كشاب سوري أعمل بهذا المكان يكفي أنني أستقي الخبرة من أهلها، ويوماً ما سأنقل كل ما تعلمت إلى بلدي، لعلّني أضفي على أداء الأمم المتحدة أو أي هيئة دولية بعض الفائدة التي اكتسبتها، أمّا الدور الذي أقوم به من مكاني لوطني هو ذات الدور الذي أمارسه هنا على أي منبر، والذي تعهدته على نفسي منذ اليوم الأول في غربتي، وهو يتمثل في نقل أجمل صورة عن “سورية” والسوريين لإخواننا في لبنان الشقيق».
يبقى للكتاب رونقه وحضوره الدافئ في حياته، والصديق الذي لا تفتر العلاقة معه، ويضيف: «الكتاب صانع
الموسيقي جوان قره جولي |
الإنسان؛ فقيمة المرء اليوم بقدر ما يملك من علم وأخلاق، فهو خير معلّمٍ ومربٍّ وصديق، وهذه القاعدة التي أحاول بناء نفسي على أساسها، ولا شك أن أجيال الأزمة التي أشبعت ظلماً تختلف عن سابقاتها، ونصيحتي التوسع قدر الإمكان بالقراءة والمعرفة على حساب ما يشغل هذا الجيل بالفترة الراهنة».
وعن توفيقه بين الحقوق والموسيقا أكد: «لا أخفي أن الخوض في سوق العمل والاختلاط بقضايا الناس والتعمق في الدراسة فرض عليًّ أن أسهو بعض الشيء عن هواياتي، لكن في حقيقة الأمر الموسيقا تعلم الإنسان الصبر والالتزام والتركيز، هذا ما أعطاني فائدة مضاعفة في حياتي المهنيّة أو الدراسيّة، والموهبة هنا ليست عائقاً أبداً، بل عاملاً مساعداً بكل جدارة».
يعيش غربته بقلبه وعقله مدركاً صوابية مشروعه الذي بدأه منذ رحيله الأول؛ حيث يجسد كمغترب صورة بلده الحقيقية، ويقول: «إن التعامل مع مواطني الدولة المضيفة باحترام مضاغف، والسعي لعكس صورة جميلة وراقية عن بلدي يمثل بوجهٍ أو بآخر أبناء وطني بالمهجر، وضمن المجال الأكاديمي أو المهني على كل سوري أن يثبت كفاءة وإخلاصاً وجدارة ضمن ما يقوم به، وهذا يتطلب منه أضعاف الجهد المبذول حتى يصل إلى مبتغاه. وطموحي مرتبط بـ”سورية” فهي تمثل بالنسبة لي الماضي والحاضر والمستقبل، ومهنياً أحلم أن أمثل بلادي في الخارج وأدافع عن شعبها ومواقفها ووجودها، وأطمح أكاديمياً بنيل درجة الدكتوراه بالقانون الدولي، وبالتأكيد ما سبق لن يمنعني عن ممارسة مواهبي التي منحني إياها الله».
وتحدث عنه الدكتور “إسماعيل مروة” الكاتب والإعلامي المعروف بالقول: «هو ابن بيئة مثقفة واعية، ومنذ بداية خطواته في الحياة والدراسة تميز بالهدوء والمراقبة والمتابعة، لم يكن متسرعاً أبداً، وهذه من سمات البحث والتأمل، منذ البدايات وبصداقتي مع والده كنت محظوظاً بمتابعة خطواته ومراقبة طموحاته،
د. إسماعيل مروة |
فهو كتلة من العمل والبحث والموهبة، ولم يترك وقتاً من دون استثماره، فهو عازف وأستاذ موسيقي كما أنه أستاذ حقوقي، وأراه في مكانته التي يستحقها علماً وعملاً».
بدوره الموسيقي “جوان قره جولي” مدير “دار الأوبرا” للثقافة قال عن معرفته به: «تعود معرفتي به منذ أن كان طالباً بمعهد “صلحي الوادي”، شاب متميز مثقف يمتلك طريقة تفكير مرنة، ويتأقلم مع محيطه بسلاسة، يستمع إلى النصائح ويعمل بها، مجدّ ومواظب ومهذب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، يحترم الآخرين ومحبوب من قبل الجميع، هو موسيقي ممتاز وعازف غيتار مميز، ومدرّس موسيقي يمتلك أدوات فن التدريس، ومحب للعلم والتطور والإبداع».