تسجِّل بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليًّا في البرازيل الغياب الثالث للمصور الرياضي التونسي الشهير بشير المنوبي عميد المصورين في تونس والعالم العربي وأحد أبرز رموز ورواد عالم التصوير الرياضي، والذي نفتقده في هذا المونديال، بعد أن رحل عن دنيانا في نوفمبر 2005. المنوبي أو سي بشير كما كان يحب أن يناديه محبوه دائمًا، المصور الأشهر والذي ارتبط ببطولات كأس العالم وبمتابعة ومواكبة أهم الأحداث الرياضية في العالم، وكان علامة بارزة وفارقة من علامات كأس العالم تحديدًا، اشتهر وعُرف بقبعته المكسيكية وبدلته الموشحة التي رصعها إلى جانب أعلام تونس بصوره مع كثير من المشاهير وآلاف الشعارات والأوسمة.
ملابسه تزن أكثر من ثلاثين كيلوغرامًا، ومع كل هذا كان يتنقل كالنحلة بكل رشاقة لتغطية أهم الأحداث الرياضية، وكانت بطولة كأس العالم 2002 في كوريا واليابان آخر بطولة لكأس العالم سجل وجوده في ملاعبها، وآخر مباراة دولية وُجد بها كانت مباراة تونس والمغرب، ضمن تصفيات كأس العالم في ألمانيا، ولم يمهله القدر للوجود في نهائيات مونديال ألمانيا 2006.
بدأ المنوبي مشواره ورحلة التصوير العام 1960 في أولمبياد طوكيو، وعاصر إنجازات الرياضة التونسية في جميع المحافل العالمية، وكانت أول بطولة كأس عالم شارك فيها كمصور في 1966 في لندن، وحضر عشر بطولات متتالية لكأس العالم من 1966 في لندن وحتى بطولة كأس العالم 2002 في كوريا واليابان، إلى جانب كثير من دورات الألعاب الأولمبية والأفريقية والمتوسطية والعربية.
وُلد المنوبي في 1930 وهو العام الذي شهد أول بطولة لكأس العالم في الاورغواي، وكان الراحل الكبير بمثابة معرض متنقل وصوره تختزل أهم الأحداث الرياضية العالمية التي عاشها، وقد حطَّم الرقم القياسي في حضور أكبر عدد من البطولات والدورات العالمية، وكان خير سفير للرياضة ولبلاده، وخلد أهم المحطات والأحداث التاريخية لبلاده.
يعشق كثيرًا لعبة الملاكمة بعد كرة القدم، فقد كان في بداية مسيرته الرياضية ملاكمًا، وهو أحد أبطال تونس السابقين في اللعبة، وعاشق لأسطورة الملاكمة البطل العالمي محمد علي كلاي، الذي سبق أن زاره في بيته في تونس، وتربطه به علاقة وطيدة، وكان ضيف شرف في مباراة الملاكمة الشهيرة بين كلاي وفورمان التي جرت في كينشاسا 1974.
قدم المنوبي أفضل دعاية وترويج لبلاده، وعن ذلك يقول: “بكل فخر واعتزاز ما قدمته من دعاية وإشهار لبلدي تونس عجز عن تحقيقه رجال السياسة”، وجاء رحيله عن عالم الرياضة والتصوير الرياضي ليترك فراغًا كبيرًا، ولكن على الرغم من الرحيل المر لم يغب اسم المنوبي عن بطولات كأس العالم فحمل ابنه حسني عنه الكاميرا وعوضه عن ذلك، وقد بدأ يسير على نفس خطاه، وارتدى ملابسه وقبعته الشهيرة وحتى حقيبته العتيقة؛ حيث سجل حسني المنوبي الابن وجوده في بطولتي كأس العالم 2006 و2010 ليحافظ على بقاء ووجود المنوبي الأب الذي ارتبط اسمه بكأس العالم منذ 1966.