(( الخصوصية واهميتها في اعمال المصور ( saif el masri ) سيف المصري ))
الأسلوب الذي اعتمده سيف المصري في التصوير الفوتوغرافي .
هو صناعة المشهد فكرا وإخراجه شكلا .
وهي طريقته المعتادة في تشكيل وبناء موضوعاته .
وقلما يعتمد المصورسيف على استيقاف اللحظة واقتناص مشهد ما من خلالها . كما يعتمدها غالب المصورين . وهذا لا يعد قصورا عند المصورين طبعا .
لكن لكل مصور شخصيته الفنية وخصوصيته في اختيار الاسلوب والتقنية . ولسيف ما يميزه ويحسب له كونه بهذه الطريقة يعد مجربا وباحثا مجتهدا في صناعة الفكرة ولا يعتمد على الصدفة التي تصنع المشهد والموضوع . ويمتاز ايضا بتوظيف العتمة الغالبة في الكادر وبمساحات وكتل واسعة جدا واعطاء الموضوع الرئيسي حجما ضئيلا من المشهد لكنه يبرزه من خلال تمكنه وخبرته في تسليط الضوء المناسب عليه . وفي هذه الحالات التي يتجاوز المصور فيها على قاعدة توزيع الكتل ونسبها من الكادر بحاجة الى ما يعوضها ويبررها واعتقد ان في هذا العمل قيمة المضمون واهميته هي التي تنصف الشكل . . وانا هنا انتقي احد اعماله المميزة التي اعتبرا مثالا حيا على شخصيته الفوتوغرافية ويؤكد من خلاله خصوصيته الفنية .. الكادر في الصورة كما قلنا سلفا . يطغى عليه السواد والعتمة وهذا ما يعزز كثيرا من قيمة المركز الذي ابرز من خلال بقعة ضوء يسقطها سيف بخبرته المعهودة على الموضوع بدلالتيه فقط ويمنح الشكل في باقي الكادر فضاء شاسع من السواد .
بايجاز وتوضيح ومن خلال ما نراه في المشهد . ان الكادر المعتم هو الذي ابرز قيمة الموضوع وعززها . والذي هو وجه الشاب ومركزه العين الحادة التي تركزت قوة الفوكس فيها وجعلتها البقعة الااهم والاقوى في المشهد مع صغر حجمعا . بالاظافة الى الملحق المكمل للفكرة وهو اليدان التان تقبضان على كرة الصحيفة التي كتب عليها مفردة ( الشعب ) .
هو اسلوب ومشهدية اقرب الى مقطع مجتزأ من مسرحية في حوار تراجيدي مع الذات فالتعبير هنا يشتغل عليه الوجه وحدة العين ببريقها . بفظل الضوء المتقن والفوكس . في هذا العمل اجد قيمة فكرية فلسفية عالية تبرز الوعي الاجتماعي كموضوع فالصحيفة التي تقبض عليها الأكف بأحكام واللتي تتوضح جليا فوقها مفردة ( الشعب ) هي ليست عابرة وتقليدية بل هي اساس الرسالة والطرح الذي تقدم به المصور سيف في عمله والتي عكس من خلالها واقعه بالدلالة الرمزية وليست المباشرة محاولا تحريك مخيلة المتلقي للبحث عما يريد ايصاله كفكرة حتى مرحلة الاستيعاب عند المتلقي وهو تفسير دلالي منتج بفعل اخراج المصور للمشهد مع خبرته في ابراز انفعالات الوجه وفلسفته في اختيار مفردة ( الشعب ) وانا هنا احتفظ بخلاصة الفكرة التي اتوصل اليها من خلال الدلالات . لاترك للمتلقي فسحة من التامل والبحث حتى يصل هو ايضا الى الرسالة التي اراد ايصالها لنا المصور سيف ….. . لكني اعتقد ان التوسيط في الشكل لم يخدم كونه تجاوز قاعدة التثليل . واهمية التثليث هنا مطلوبة وخصوصا مع نظرة العين الى اعلى يمين المشهد اي انه كان عليه ان يضع كتلة الوجه في الثلث اليسار للكادر . يمكن معالجة هذه النقطة بقطع جزء بسيط من جهة اليسار ليحقق ذلك قاعدة التثليث . وكذلك اجد كتلة الصحيفة مع الاكف لا تحتاج الى اضاءة بهذه القوة وهذا الحجم كونها تؤثر ولو بنسبة قليلة على الوجه وهو الاهم … ولكني اعتقد ان المصور سيف تمكن من خلال هذا المنجز ان يحرك فكر المشاهد ومخيلته ويؤثر عليها ..
انور الدرويش فنان تشكيلي / مصور فوتوغرافي / ناقد فني