“مراد السباعي”.. موثق القرن العشرين
الجمعة 22 تموز 2016
حمص القديمة
يعدّه كتّاب ومخرجو القرن الماضي في مدينة “حمص” واحداً من أهم كتّاب أعمالهم، وملهمهم الأول في المسرح والثقافة والأدب؛ لأفكاره الجديدة التي حققت نهضة على صعيد المجتمع وليس الأدب فقط.
الكاتب “وليد السباعي” نجل الراحل تحدث لمدونة وطن “eSyria” بتاريخ 25 حزيران 2016، عن سيرة حياة والده، ويقول: «ولد “مراد السباعي” في أسرة متوسطة الحال، وكان أبوه “راغب السباعي” تاجر أقمشة، وله دراية جيدة في الأدب؛ كان ينظم الشعر، وعمل مدة رئيساً لتحرير جريدة “حمص”، ودرس “مراد” الصغير في مدرسة “منبع العرفان”، ولم يكمل دراسة الثانوية؛ فتابع دراسة خاصة وتتلمذ على يد الأديب المرحوم “محي الدين درويش”، حيث أتقن اللغة العربية جيداً، والقراءة ساعدته على اكتساب المعرفة والاطلاع على الآداب؛ وخاصة الأدب الروسي الذي تأثر به كثيراً».
ويتابع حول أهم أعماله: «اشترك أولاً بالتمثيل، وكتب أولى مسرحياته وهو في سن السادسة عشرة بعنوان: “سكرة”، وأسس في بداية الثلاثينيات نادي “دوحة الميماس” مع مجموعة من مثقفي “حمص”، وكتب الكثير من المسرحيات والقصص القصيرة، أول الأعمال المطبوعة كان مجموعة قصص بعنوان: “الدرس المشؤوم”، ثم “كاستيجا”؛ وكانت تتحدث عن فتاة حمصية تعيش في “البرازيل” جاءت إلى “حمص” وكانت تجلس
ماهر عيون السود |
يومياً في مقهى “الروضة”، وأغرم بها الشباب الحمصيون فكانت القصة، ثم نشر في “القاهرة” مجموعة: “هذا ما كان”، ثم “الشرارة الأولى”، و”الحكاية ذاتها” عن وزارة الثقافة، و”تحت النافذة”، و”أسئلة تطرح وأصداء تجيب” عن اتحاد الكتاب العرب، وسيرته الذاتية “شيء من حياتي”، و”مرآة الذاكرة”، ثم “محطات في حياتي”، و”رسائل صديقتي شارلوت”، وغيرها الكثير».
الأديب المعمر “ماهر عيون السود” الذي اعتزل العمل المسرحي بعد وفاة ملهمه الأول -كما يقول- تحدث عن أبرز المواقف التي جمعتهما معاً، ويقول: «تعرّفت الراحل في نادي “دوحة الميماس”، وكنت أعدّه شريكاً وقدوة في مجال العمل المسرحي؛ لما يمثله من قيمة كبيرة وفكر عالٍ، وهو ملتزم أثر في تاريخ المسرح في “سورية” بكتاباته الجريئة التي لم تكتفِ بمحاكاة الواقع، بل خلقت أفكاراً متنورة جديدة لأبناء جيلنا، لما مثله في نصوصه من متانة في الحوار والسبك واللغة الدرامية المتصاعدة، فعملت معه في عمل “العهد الأميركي” بعد أن قدم لي عشرات الصفحات، وكان عملاً باللغة الفصحى
راغب طليمات |
لاقى نجاحاً كبيراً وقتئذ، إضافة إلى مسرحية “الطبيب رغماً عنه”.
اعتزلت العمل بعد وفاته؛ لأنني أظن أن المسرح في “حمص” تحديداً انتهى بوفاته، فلم تعد هناك قيمة حقيقية وأثر للمسرح، وكان علينا أن نكرّس مدرسته الفكرية حتى لا يموت المسرح بعده، لكن القيمة الحقيقية التي كنا نراها ذهبت؛ وهذا يدل على النوعية الكبيرة التي قدمها خلال مئات الأعمال والكتب؛ أدعو الجيل الحالي إلى إعادة إحيائها عبر تحويل الكتب والأعمال الأدبية إلى مسرحيات ومسلسلات أيضاً لشرح وجهة نظر مثقفي جيل القرن الماضي ومحاولة الاقتداء بفكرهم».
المخرج المسرحي “راغب طليمات” كان له حديث عن الأديب الراحل الذي كسب منه خبرة الإخراج المسرحي كما يرى، ويقول: «أغلب مخرجي الجيل الماضي تعلموا منه، فقد كرّمته مدينته مرتين خلال أسبوع تكريمي؛ وهو أقل ما يمكن، إضافة إلى تلقيه درعاً من اتحاد الكتاب العرب للقصة القصيرة، وكان مديراً لفرقة “حمص” في الستينيات، وشغل منصب رئيس اتحاد الكتاب العرب فرع “حمص” لأكثر من عشر سنوات. ناضل كثيراً من أجل تحرير المرأة، وكان أول من جمع النساء والرجال في الحفلات المسرحية، وأول من أشرك العنصر النسائي في التمثيل، وتعرض للكثير من الضغوطات والتهديدات بسبب أفكاره التنويرية، ولكنه تابع مسيرته الأدبية والاجتماعية بعزم صلب».
يذكر أن الكاتب “وليد السباعي” ولد عام 1914، في حي “بني السباعي” بمدينة “حمص” القديمة.