جميل أن نتأمل في الطبيعة بألوانها المنعشة, ونستمتع بمناظرها الخلابة التي تخيل لنا أنها لوحة بديعة, ترد إلى الناظر حسّاً من الحيوية والاستجمام, وفي لحظآت! قد يذهب بنا تفكيرنا إلى عالم آخر مليء بالخيال والإبداع, ونفكر بجعل هذا العالم بشكل آخر, فنبدأ بتأليف أشياء، وابتكار إضافات، تأتينا من وحي يتملكنا فجأة.
الألوان
الألوان, كما نعلم جميعاً, فهي تمثل الروح التي تسكن اللوحة أو التصميم، تلعب دوراً أساسياً في تحسين صورة التصميم, وتشكيل الفروق بين التصاميم الجيدة والسيئة، من خلالها يمكننا جعلها كلمسات جميلة بهدف أن تبدو الصورة زاهية, ومن خلالها يمكننا استيعاب و فهم رسالة التصميم و تحليله بشكل يسمح لنا قراءة مخيلة المصمم!.
فالألوان من العوامل الأكثر سرعة في الوصول إلى مشاعر الإنسان والتأثير فيها لذا, يجب مراعاة التأني والدقة في اختيار الألوان، تنسيقها، دراستها لتكون مناسبة لتصميمك! وتجنب العشوائية التي تعتبر من أهم المسببات لضعف التصميم؛ لكن, كيف يمكنني دراسة الألوان؟
عجلة الألوان
هي طريقة فعالة تساعد في عملية انسجام وتناسق الألوان، تساعد المصمم على اختيار ألوانه بدقة مع مراعاة الشروط اللازمة لذلك، و قد صممت أول مرة سنة 1666 بواسطة العالم إسحاق نيوتن.
طورت عجلة الألوان على مر السنين، إلى أن وصلت إلى الشكل الحالي، حيث أنها تضم في الأساس 12 لوناً، و تنقسم العجلة إلى 3 أقسام: رئيسية، ثانوية و وسطية (غير الألوان الضوئية).
الألوان الرئيسية
عدد الألوان الرئيسية ثلاثة: الأحمر، الأصفر، والأزرق سميت بذلك لأنها ليست ناتجة عن مزج ألوان أخرى، فهي أصلية، و العكس بالنسبة للألوان الأخرى، فجميعها تنتج عنها !الألوان الثانوية
الألوان الثانوية
الألوان الثانوية أيضاً ثلاثة: اللون البرتقالي (أحمر+أصفر) ، اللون البنفسجي (أحمر+أزرق) ، و اللون الأخضر (أصفر+أزرق) وهي الألوان الناتجة عن مزج زوج من الألوان الأساسية، كما تتواجد بينها في عجلة الألوان!
الألوان الوسطية
عدد الألوان الوسطية ستة: البرتقالي المصفر، الأزرق المخضر، الأصفر المخضر، البنفسجي المزرق، البنفسجي المحمر، البرتقالي المحمر و هي الألوان التي تنتج عن مزج لون من الألوان الأساسية بآخر ثانوي!
و باستخدام هذا التقسيم في تلوين تصميم ما، سنلاحظ أن الألوان متناسقة بشكل جيد، لذا فالاعتماد على عجلة الألوان أمر شبه ضروري، يتطلب استخدام الألوان بطرق متناسبة بالنظر إلى تنوع تصنيف الألوان، للحصول على لوحة رائعة! فما هي أصناف الألوان ؟ .
نظريات الألوان
تتصنّف الألوان إلى مجموعات عديدة و متعددة حسب اشتقاقها و تأثيرها، فليس هنالك قوانين معينة لاستخدام الألوان مع بعضها البعض، ولكن رغم ذلك فقد تطورت عدة أنظمة و أصناف لونية أساسية على مر الأزمنة، تعتمد على تقاربها من حيث قوتها و اشتقاقها، و تتمثل بعض هذه الأصناف اللونية الأساسية في: النظام الأحادي اللون، النظام المترابط، النظام المتناقض.
النظام الأحادي اللون
و هو الذي يضم عدة ألوان أو درجات من نفس اللون، يلعب هذا النظام دوراً أساسيا في التناسق و الانسجام في مجال التصميم، و هو من أبسط الأنظمة اللونية من حيث الفهم (مثلا: أبيض، رمادي، أسود).
النظام المترابط
و يضم أزواج من الألوان المتقابلة في عجلة الألوان، كل زوج يضم لون رئيسي و آخر ثانوي، و يمكن إضافة ألوان أخرى عن طريق مزج هذين اللونين بنسب متباينة. (مثلاً: الأحمر و الأخضر).
النظام المتناقض
و هو الذي يضم الألوان المتناظرة والمتقابلة، وهي الألوان المتجاورة في عجلة الألوان أو القريبة من بعضها البعض، ويشكل هذا النظام تناسقاً واضحاً بين الألوان المستعملة كونها مشتقة من بعضها البعض. (مثلا: السماوي، الأخضر، الأخضر الفاتح).
وبإمكاننا تقسيم الألوان بالاعتماد على عدة طرق، بهدف التناسق، عن طريق تكوين عدة أشكال مستوية اعتماداً على عجلة الألوان، حيث أن هنالك عدة أنماط تشمل هذا النوع، منها: نظام الألوان المثلثية، نظام الألوان المربعية، نظام الألوان المستطيلية.
نظام الألوان المثلثية
و هو النظام الذي يعتمد فقط على ثلاثة ألوان في العجلة الأساسية، بحيث تشكل مثلثاً مستوي الأضلاع، و الاعتماد على هذا النمط يجعل اللوحة أو التصميم يبدو ملوناً أكثر بالرغم من قلة الألوان المستعملة. (مثلا : الأحمر، الأصفر، الأزرق)
نظام الألوان المربعية
و الذي يتم فيه اختيار أربعة ألوان من العجلة الأساسية، حتى تشكل مربعاً، و يعتمد هذا النظام على حفظ النسب بين الألوان بشكل يسمح بتنوع الألوان أكثر. (مثلا: الأحمر، البرتقالي الفاتح، الأخضر، الأزرق الغامق)
نظام الألوان المستطيلية
يشبه نظام الألوان المربعية، لكنه يعتمد على اختيار أربعة ألوان من العجلة الأساسية، حيث تشكل توازناً بين الألوان الدافئة والألوان الباردة (سنتعرف إليها لاحقاً)، بحيث تشكل لنا مستطيلاً. (مثلا: الأحمر، البرتقالي، الأخضر، الأزرق).
كما تصنف الألوان إلى أصناف أخرى، اعتماداً على طرق مختلفة و متنوعة، حسب مجال التصميم، حسب طريقة ترتيب الألوان:
الألوان الباردة و الألوان الدافئة
و هي التي يمكننا ستخلاصها من خلال تقسيم عجلة الألوان إلى نصفين:
الألوان الدافئة: و هي التي تتمثل في الأحمر، البرتقالي، البني، الأصفر، و ما إلى ذلك, أي أن الألوان الدافئة هي التي عادة ما نراها في النار.
الألوان الباردة: و التي تتمثل في الأزرق، الأخضر، البنفسجي، السماوي، و ما إلى ذلك, كأن نقول أنها الألوان التي نراها في الثلج.
و لكن، تختلف هذه الألوان عن الألوان الضوئية، حيث تصنف هذه الأخيرة إلى أنظمة مختلفة تتخذ للإستعمال في مجالات عديدة في حياتنا اليومية، ويمكننا ملاحظتها في برامج التصميم المتعددة كوننا مولعين بالتصميم، و يتم الاعتماد على الألوان الضوئية وفق عدة أنظمة، فما هي هذه الأنظمة اللونية ؟ !
الأنظمة اللونية
هل صادفت يوماً بعضاً من هذه الرموز RGB، CMYK، Bitmap، Grayscale، LAB، Duotone، Multichannel، HSB، Indexed ؟ لابد أننا صادفناها في إحدى برامج التصميم، على شاشة معينة، على إحدى الأجهزة الالكترونية؛ إنها رموز للأنظمة اللونية التي عادة ما نراها في برنامج التصميم لإخراج أو بث صورة حسب ألوانها و جودتها حسب النظام الضوئي، لذا أحياناً نجد صوراً ذات ألوان رائعة ذات جودة عالية، أحياناً نرى صوراً أحادية اللون بالأبيض والأسود، أحياناً صوراً ملونة لكن ذات جودة رديئة.
فكيف يمكننا التمييز بين مختلف الأنظمة اللونية ؟ لنتعرف على كل منها :
هذا الرمز هو اختصار لـ (Red، Green، Blue)، أي (أحمر، أخضر، أزرق)، و يعرف هذا النظام عادة بالنظام الجمعي للألوان، حيث يستخدم الضوء المرسل لإظهار الألوان المستعملة، و بخلاف برامج التصميم فإن هذا النظام يعتمد في الشاشات والكاميرات الرقمية و الماسحات الضوئية.
تعتبر الألوان الأساسية لهذا النظام هي نفسها الألوان الأساسية المتخذة للنظام الضوئي، حيث أن مجموع الألوان الأحمر، الأخضر و الأزرق هو اللون الأبيض.
و هو اختصار لـ (Cyan، Magenta، Yellow، Black)، أي (سماوي، وردي، أصفر، أسود)، و يعرف هذا النظام بالنظام الطرحي للألوان، بحيث أنه يعتبر معاكساً لنظام RGB حيث أنه يستخدم الضوء المعاكس لإظهار اللون، و يعتمد هذا النظام اعتمادا كلياً في حالات الطباعة حيث أنها تحتاج للحبر لتظهر اللون الذي يظهر نتيجة الضوء المنعكس.
إن خلط لونين من الألوان الأساسية RGB ينتج لنا لوناً من ألوان CMYK في النظام الضوئي، بحيث أن النظام الطرحي للألوان يعتبر معاكساً نظرا أنه بجمع الألوان السماوي، الأصفر و الوردي ينتج اللون الأسود.
Bitmapيستخدم هذا النظام لونين فقط، الأبيض و الأسود، حيث أن تركيبة الصورة فيه تكون مكونة من بكسلات Pixels بيضاء و أخرى سوداء، و هذا النوع من الأنظمة يتطابق مع ملفات Jpeg
وهو نظام التدرج الرمادي، حيث يستخدم هذا النظام كل من الألوان الأبيض و الأسود و الرمادي فقط، حيث يمكن تحويل الصور الملونة اعتماداً على البرنامج المستخدم خلال هذا النظام.
LABوهو اختصار لـ (Luminance، Alpha & Bet)، يحتوي هذا النظام على 3 مكونات : (L) و هو درجة السطوع أو درجة تخفيف اللون، (A) و الذي يحتوي على اللونين الأخضر و الأحمر، (B) و هو الذي يمثل اللونين الأزرق و الأصفر، و تمتزج هذه الألوان مع بعضها لعرض ألوان أكثر إضاءة، حيث أنه بالإمكان التحكم بالإضاءة دون اللجوء إلى تغيير الألوان.
Duotoneأي النظام الثنائي اللون، و يعمل هذا النظام على تحويل الصور ذات التدرج الرمادي (الأبيض و الأسود) إلى صور من لون واحد أو ثنائية الألوان أو ثلاثية أو رباعية الألوان.
وهو اختصار لـ (Hue، Saturation، Brightness)، و يعتمد هذا النظام على الحس البصري للشخص عادة في وصف اللون من خلال لونه، Hue تعني اللون المنعكس من الجسم إلى العين، Saturation و هو درجة إشباع اللون و هو مدى تداخل اللون الفضي مع اللون الأصلي، Brightness و هو درجة سطوع اللون و التي تعرف بالإضاءة أو التعتيم.
Multichannelأي النظام المتعدد القنوات، و يساعد هذا النظام على فرز صورة إلى قنوات مستقلة، و بذلك يمكن تبادلها و ربطها و تركيبها معاً لإنشاء مؤثرات خاصة، و تعتمد نتيجة هذا النظام اللوني على ألوان الصورة الأصلية و نوع نمطها، حيث تختلف النتائج إذا ما كان التحويل إلى هذا النمط من خلال نظام RGB أو نظام CMYK.
Indexed Colorأي نظام اللون المفهرس، و يستخدم هذا النظام 256 لوناً، حيث يقوم البرنامج المستخدم بإنشاء جدول مفهرس لألوان الصور التي اتخذت لتحويلها إلى هذا النظام، و ينتج عن ذلك تقليل حجم الملف لأنه يستبدل الألوان الكثيرة في الصورة بما لا يزيد عن 256 لوناً، و يستخدم هذا النظام في الصور المتحركة أو التي تستخدم عن طريق الانترنت.
بعد أن تعرفنا على بعض الأنظمة اللونية التي تستعمل وفق برامج التصميم التي نستخدمها، لا بد لنا أن نتعلم طرق و مجالات استخدامها، إتباعاً للألوان المصنفة حسب تأثيراتها, وبالاعتماد على كل هذه الأنظمة، سواء كانت لونية أو ضوئية، بكل بساطة بإمكاننا المحافظة على تناسق الألوان في أي تصميم كان، و لكن مع مراعاة شروط يجب تطبيقها، فلا ينبغي استعمال الألوان بطريقة عشوائية في أي تصميم كان، يجب فهم كل لون ومعناه، و مجالات استخدامه! فما هي معاني الألوان ؟ !