ثقافة الألوان من أهم العناصر التي يجب أن يتمتع بها الفنان المحترف, فمن الخطأ الجسيم أن يكون اختيار المصمم لألوانه اختياراً عشوائياً لمجرد الشكل فقط !, ففي هذه الموسوعة سنتعلم العديد من الأمور المفيدة والشيقة, نستهل ونلقي الضوء في جزئنا الأول على :
- كيف نبدأ بإستخدام الألوان ؟
- كيف نختار اللون المناسب ؟
- ماهو اللون ؟
- الألوان الأولية وصبغات الألوان Primary colors and Hue
كيف نبدأ بإستخدام الألوان ؟
أولاً عليك أنت تعرف أن هناك عنصرين مهمين يساهمان في ذلك وهما :
1- العنصر الفني
وهي معرفة معاني الألوان ودلالاتها المختلفة, ومعرفة أهم خصائصها, فكل لمسة لونية قد تؤثر في معنى التصميم؛ درجة اللون وتشبعه وسطوعه وإضاءته كلها من التباينات التي يعتمد عليها المصمم في إبراز قيمة العمل ومعناه.
من الناحية الفنية توجد عدة تقسيمات للألوان؛ فمنها أن تقسم إلى ألوان باردة وألوان حارة؛ لكل منها استخدامه حسب نوع التصميم وهناك الكثير من الفنيّات المختلفة للألوان التي تحتاج اهتمام بالغ من المصمم لإتقانها.
2- العنصر التقني
معرفة كل خصائص اللون وكيف تتعامل معه ومعرفة حلقات الألوان المختلفة, ومعرفة الألوان الأولية طبقاً لثلاثة استخدامات مختلفة, وفي كل حالة تعرّف فيها الألوان الثانوية والثالثية ومكملات الألوان, فقط عليك أن تطلق خيالك وإبداعك لابتكار الاستخدامات المختلفة لهذه التقنيات.
كيف نختار اللون المناسب ؟
لاحظ بأن الفرق بين المصمم المحترف والمصمم العادي هو أن المحترف يعتمد في كل عمله على دراسة وأسس علمية سليمة؛ وبالتالي يحصل على نتائج بالغة الروعة شكلاً ومضموناً, وتعتبر الألوان من أهم العناصر التي يكون عليها تقييم العمل الفنّي.
قد يخطئ المصمم في شيء بسيط في طريقة إخراج هذه الألوان, أوربما يخطئ في اختيار العمق اللوني أو لا يحدد نظام الألوان السليم الذي يجب أن يستعمله, وقد يواجه مشاكل كثيرة في الطباعة؛ ربما يطبع ورقة بجودة ضعيفة ورغم ذلك تكلف أضعاف طباعة نفس الورقة بجودة ممتازة نتيجة وقوعه في خطأ بسيط! ؛ وهل جربت من قبل طباعة تصميم ووجدت اختلافاً كبيراً بينها وبين الشكل على الكمبيوتر؟ الكثير والكثير من الأخطاء التي قد يقع فيها المصمم,سنتعلم في هذه السلسلة, كيفية استخدام الألوان بشكل عام في الحياة, وليس فقط في التصميم والمطبوعات.
كثيراً ما نرى في المسارح والفقرات الاستعراضية سقوط ثلاثة أضواء على بؤرة العرض, عند تداخل أي لونين منهما ينتج لون مختلف, ولكن عند تداخل الثلاثة ألوان ينتج اللون الأبيض! هل دمج أي ثلاثة ألوان سوف ينتج اللون الأبيض ؟ أم أن هذا تم عن طريق أسس ومعايير محددة لاختيار هذه الألوان بدرجات سليمة كي يأتي هذا التداخل السليم.
ملاحظة: محتوى السلسلة أو الموسوعة بشكل عام مجرد شرح نظري فقط وليس متطرقاً بشكل كبير للشرح العملي وكيفية تطبيقها كاملة ببرامج الجرافكس؛ فيجب أن تكون ذات خبرة سابقة في التعامل مع الألوان عملياً بالفوتوشوب أو غيره من البرامج, ما يهمنا في هذه الموسوعة أن نعطي لمحة عن أصل الألوان وكيفية نشأتها, ومن ثم تقسيماتها “التقنية” ونظم الألوان المختلفة التي سوف نحتاجها في التصميم والطباعة, واستخدام الألوان بشكل عام في حياتنا العامة.
ما هو اللون ؟
لمحة فيزيائية مختصرة عن أصل الألوان ونشأتها :
يعرف فيزيائياً بأنه خاصية الإدراك الحسي البصري للأشياء فيما يظهر للإنسان بالأسماء المعروفة للألوان مثل: الأحمر, الأزرق… إلخ, وهو مستمد من الطيف الضوئي ( توزيع طاقة الضوء مقابل الطول الموجي )؛ واللون يختلف من مادة إلى أخرى على حسب خصائصها الفيزيائية مثل الامتصاص والانعكاس وغيرها.
باختصار , عند سقوط الضوء الأبيض على أحد الأجسام؛ فهذه الآشعة تنعكس من الجسم إلى العين؛ ومن ثم يقوم مخ الإنسان بالإدراك الحسي لهذه الأشعة وتحليل الألوان المنعكسة من هذا الجسم إلى: أخضر, أصفر,…. إلخ.
ففي الواقع هناك مفهوم خاطئ للألوان عندما يقول شخص: ” هذا الجسم لونه أحمر “.. لأن اللون هو عبارة عن احساس غير موجود إلا في الدماغ أو الجهاز العصبي للكائن؛ فالتعبير العلمي السليم في هذه الحالة هو الإدراك الحسي نتيجة ارتداد الأشعة المنعكسة على هذا الجسم إلي عيني ثم إلى المخ أو الجهاز العصبي هو اللون الأحمر, فظاهرة عدم القدرة على تمييز الألوان عند بعض الناس فيما يعرف بـ ” عمى الألوان ” يحدث نتيجة أن الإدراك الحسي للشخص لهذه الآشعة المنعكسة غير صحيح فلا يستطيع رؤية الألوان السليمة للجسم.
ويقول اسحاق نيوتن : “ أن أشعة الضوء بالمعنى الدقيق للكلمة ليست ملونة. لا يوجد في الأشعة سوى طاقة محددة وقدرة على تحريض الشعور بهذا اللون أو ذاك ”
كما ذكرنا بأن اللون ينشأ نتيجة سقوط الضوء الأبيض على أحد الأجسام ثم ينعكس على العين ثم يتم إدراك هذا اللون. فأثناء انعكاس اللون فإنه يتحلل إلى عدة أطوال موجية التي بدورها تجعلنا نميز بين لون وآخر؛ حيث أن كل لون له طول موجي محدد ويمكن للعين البشرية الرؤية في مجال ” الطيف المرئي “؛ وهو يتراوح ما بين 700 إلى 400 نانومتر حسب التقسيمة التالية:
فمثلاً, عند انعكاس الضوء بطول موجي من 700 إلى 635 نانومتر؛ فإنه يظهر باللون الأحمر .. وهكذا مع باقي الألوان, ومنها تظهر ألوان الطيف السبعة : أحمر – برتقالي – أصفر – أخضر – أزرق – نيلي – بنفسجي .
ومن المؤكد أن لون الجسم يتأثر بعدة عوامل مثل البيئة المحيطة به, وضعه ومكانه, كمية الضوء الساقطة عليه, وكذلك قد تختلف درجة اللون نفسها حسب البيئة المحيطة به؛ لاحظ في هذا المثال:
رغم أن للقرصين نفس درجة اللون إلا أنك تشعر باختلاف الألوان بينهما؛ وذلك نتيجة للإختلاف في انعكاس الضوء الساقط عليهما وبالتالي نتيجة اختلاف البيئة المحيطة بكل منهما.
الألوان الأولية وصبغات الألوان Primary colors and Hue
الألوان الأولية:
هي مجموعة من الألوان يؤدي دمجها إلى تكوين طيف من الألوان الأخرى.
هناك نظرة تاريخية بتحديد هذه الألوان إلى : الأحمر – الأصفر – الأزرق. حيث أن هذه الألوان الثلاثة تعتبر ألوان رئيسية لا تنتج من دمج لونين أو عدة ألوان ببعضهم؛ ولكن دمج هذه الألوان هو الذي يؤدي إلى تكوين ألوان أخرى جديدة؛ فمثلاً , عند دمج الأحمر مع الأصفر ينتج اللون البرتقالي, وعند دمج الأزرق مع الأصفر ينتج اللون الأخضر, وهكذا يدور الترتيب حسب التقسيمة التالية :
تستخدم طريقة الألوان هذه في الفن والتعليم الفني وخصوصاً الرسم الفنّي, أو كما تسمى بـ ” ألوان الرسامين Painter’s colors “.
ولكن , استخدام النموذج اللوني ( أحمر – أصفر – أزرق ) كألوان أولية يعطي سلسلة لونية صغيرة نسبياً وبها الكثير من المشاكل نتيجة عدم التوزيع الجيد لبعض الألوان في عجلة الألوان فلا يفضل استعماله في نظم الطباعة أو نظم العرض على الشاشة ( مثل الديجيتال آرت ).
ولاحقاً تم استحداث ألوان أولية جديدةوهي تعتبر التقسيمة الفضلى للألوان تندرج تحت نوعين وهما:
- الألوان الضوئية أو الألوان الجمعية ” Additive colors ” : الأحمر – الأخضر – الأزرق .
- ألوان الطباعة أو الألوان الطرحية ” Subtractive colors ” : سماوي – فوشيا – أصفر .
وقد اختير نظام ” RGB “ ( الأحمر – الأخضر – الأزرق ) : كأفضل نظام للألوان الأولية لأن مزج هذه الألوان يعطي أوسع مدى ممكن من الألوان, ويعرف هذا النظام باسم ” الألوان الضوئية ” لأنه يستخدم في عرض الصور على الشاشة، وسنتناول ذلك بالتفصيل لاحقاً .
صبغة اللون ( Hue )
هي إحدى خصائص الألوان الأولية؛ وهي الدرجة التي يتحدد عندها تأثير اللون فيما يعرف بـ : الأحمر, الأخضر, …إلخ ؛ بشرط ثبوت قيمة التشبع والإضاءة والسطوع ” Saturation , lightness , brightness ” .
وفيما يلي نموذج لتغيّر صبغة اللون في إحدى الصور, ويمكن تجربتها عملياً بالفوتوشوب بتغيير فيمة hue من خاصية hue & sahturation :
أخيراً وليس آخراً
هذه موسوعة متكاملة تحتوي على 16 جزء نتحدث فيها باسهاب عن الأنظمة اللونية وأنواعها ومميزاتها وخصائصها نستعرضها كالتالي:
- ماهو اللون؟
- عجلة الألوان والألوان المكملة
- النغمات اللونية, المشيج والظلال Tints & Shades
- العمق اللوني والأنظمة اللونية
- النظام اللوني RGB Model
- تقنية RGBY والفضاءات اللونية الخاصة بنظام RGB
- الفضاء اللوني HSV و HSL
- النظام اللوني CMYK
- الفضاءات اللونية لنظام CMYK والفرق بين CMYK و RGB
- النظام اللوني LAB Mode
- النظام اللوني الأحادي Grayscale
- النظام اللوني Bitmap mode
- النظام اللوني Duotone
- النظام اللوني Indexed Color
- النظام اللوني Multichannel
- موسوعة تقنيات الألوان: خاتمة ملونة