الملحن “محمد محسن”.. اكتشاف “سعاد محمد”
الأربعاء 09 نيسان 2014
الفردوس
ألّف الفنان “محمد محسن” ما يزيد على ألف لحن، واستطاع أن يحقق طموحه الفني في إثراء الغناء العربي بألحانه التي حافظ فيها على اللون الشرقي، وغنى له عمالقة الفن، منهم: “فيروز”، و”نجاة الصغيرة”، و”صباح”، و”وديع الصافي”…
مدونة وطن “eSyria” التقت بتاريخ 1 نيسان 2014 الباحث الموسيقي “نزيه أسعد” وعن الفنان “محمد محسن” يقول: «يعتبر من الفنانين السوريين الذين أقاموا في “مصر” وتركوا بصمة كبيرة على فن الغناء فيها، ألّف ما يزيد على ألف لحن في الموسيقا العربية، لاقت ألحانه شهرة كبيرة ومنها مازالت خالدة حتى يومنا هذا، ومن رواد الموسيقا العربية الذين تأثر بألحانهم: “مصطفى هلال”، و”صبحي سعيد”».
ويضيف “أسعد”: «تعلم الفنان “محسن” الموسيقا والعزف على العود على يد الموسيقي “صبحي سعيد”، واحترف الموسيقا عام 1940م، وأولى أغنياته كانت بعنوان “أحلى يوم عندي أربك”، ويعود إليه الفضل في اكتشاف الفنانتين “سعاد محمد” و”وردة الجزائرية”، وفي بداية الأربعينيات من القرن الماضي انضم إلى إذاعة “دمشق” وغنى مجموعة من الأغنيات، بعد ذلك انتقل إلى إذاعة “القدس” وتدرب على يدّ الملحن الفلسطيني “حنا الخل”، وهو أوائل الموسيقيين الذين كتبوا النوتة الموسيقية، وفي عام 1948م عاد إلى “دمشق” ومنها سافر إلى “مصر” وتأثر بالملحنين “رياض السنباطي” و”زكريا أحمد”. وما ميز ألحانه حفاظه على اللون الشرقي، غنت له “فيروز” و”سعاد محمد”، و”نجاة الصغيرة”، و”محمد رشدي”، و”صباح”، و”وديع الصافي”، وغيرهم».
ويشير المرحوم الموسيقي “صميم الشريف” في كتابه “الموسيقا في سورية” عنه بالقول: «يعتبر الفنان “محمد الناشف” الشهير بـ”محمد محسن” أحد الذين صنعوا فن الأغنية العربية السورية في الأربعينيات، والأغنية العربية عموماً في الخمسينيات وحتى اليوم، حيث بدأ حياته الفنية هاوياً مذ كان طالباً في مدرسة الحي الابتدائية، وظل هاجس الموسيقا مرافقاً له حتى أنهى دراسته الثانوية،
الموسيقي نزيه أسعد |
وأثناء دراسته هذه أخذ يتعلم العزف على العود سراً على يدي الأستاذ “صبحي سعيد”، خوفاً من أسرته المحافظة، وظل هاوياً للموسيقا وعازفاً على العود، إلى أن قرر أواخر الثلاثينيات احتراف العمل الفني بصورة رسمية».
ويضيف: «أدرك “محسن” أن صوته الصغير رغم النواحي الجمالية التي يتميز بها، غير قادر على مجابهة المطربين الأقوياء الذين يتفوقون عليه بمساحاتهم الصوتية وأصواتهم القادرة مثل: “كسري طمبورجي”، و”صابر الصفح”، فآثر أن يترك الساحة الغنائية إلى التلحين، لأنه لن يتمكن من أن يكون شيئاً أمام أئمة الطرب في الوطن العربي، ولما كان يتمتع بموهبة موسيقية قوية، فإنه عمل على تثقيف نفسه فنياً قبل أن يحترف التلحين ويحيا في أجوائه بصورة نهائية، واستغل دعوة جاءته من إذاعة “القدس” لتسجيل بعض أغنياته، فاتصل خلال وجوده فيها بالموسيقار “حنا الخل” ودرس على يديه علم التدوين الموسيقي، ثم قفل عائداً إلى “دمشق”، ليبدأ رحلته في سماء التلحين وليحقق طموحه الفني في إثراء الغناء العربي بألحانه في كل المنطقة العربية».
ويتابع “الشريف”: «دفع بألحانه أصواتاً مغمورة إلى الأضواء والشهرة، ووطد عن طريقها أقدام مطربين بلغوا مستوى القمة، وأول مطربة غنت له “سعاد محمد” التي اعتادت في بداية حياتها الفنية ترديد أغنيات العظيمة “أم كلثوم”، فغنت من ألحانه رائعته الشهيرة “دمعة على خد الزمن” التي كتب كلماتها الشاعر الغنائي “محمد علي فتوح” الذي تزوج منها فيما بعد، وبعد أن ذاع صيت “سعاد محمد” واشتهر أمرها، فعمدت إلى احتكار كل ألحانه وقد أدركت بحسها السليم أن موهبة “محمد
كتاب الموسيقا في سورية. |
محسن” هي مفتاح طريقها إلى الشهرة في عالم الطرب، ولم يبخل عليها فزودها بأغنية “ليه يا زمان الوفا” و”مظلومة يا ناس” لتكرسها نهائياً بين المطربات الأوائل في منطقة ديار الشام العربية».
ومن أشهر المطربين الذين لحن لهم واشتهروا بألحانه: (“وديع الصافي، “نصري شمس الدين”، “عادل مأمون”، “محرم فؤاد”، “محمد قنديل”، “طلال المداح”، “محمد عبده”، “صباح فخري”، “محمد رشدي”، “فهد بلان”)، أما أجمل القصائد التي لحنها فهي: (“جلونا الفاتحين” لـ”سعاد محمد”، و”حاضرنا وماضينا المجد يتغزل فينا” لـ”نازك”، و”ابنة الأحزان”، و”حبي الكبير” من شعر “عبد الله الفيصل” وغناء “نور الهدى”، و”أبحث عن سمراء” لـ”محرم فؤاد”، و”زهر الرياض انثنى” لـ”ماري جبران”). أما الموشحات التي أبدعها بأسلوبه الحديث فأعذبها: (“يا غزالاً” لـ”حنان”، و”سيد الهوى قمري” من نظم “عاصي الرحباني” وغناء “فيروز”، و”أنحلتني بالهجر ما أظلمك” لـ”نور الهدى”، و”رماه” لـ”مها الجابري”، وموشح ديني “يا رب صلي على النبي” الذي غنته “فايزة أحمد”)».
أما مدرس اللغة العربية “أحمد فواز” فعن مسيرة حياة الفنان “محمد محسن” يقول: «احتل المونولوغ -أي الغناء الإفرادي- جانباً كبيراً من اهتمام “محمد محسن” فلحن فيه عدداً كبيراً منذ أعطى “سعاد محمد” لحنه الشهير لأغنية “دمعة على خد الزمن” في مستهل الخمسينيات، ومن أبدع ما أعطى في هذا الضرب من الغناء “يا مسافر” لـ”طلال المداح”، و”خاصمتني عيني” لـ”محمد عبده”، و”أداري وأنت مش داري” لـ”نجاة الصغيرة”، و”النجمات صاروا يسألوا” لـ”وديع الصافي”، و”حبايبي نسيوني” لـ”ماري جبران”، أما في باب الأغنية الدارجة والخفيفة، فلحن لكل المطربين والمطربات العشرات من الأغاني، منها
المرحوم صميم الشريف |
على سبيل المثال: “يا أغلى الحبايب”، و”على باب حارتنا” للفنانة “وردة الجزائرية”، و”سلم عالحبايب”، و”طق ودوب”، و”حبيتك لالالا” للفنانة “صباح”، و”يا وابور الساعة اثنا عشر” لـ”محمد رشدي”، و”سيبوه لوحده” لـ”عادل مأمون”، و”طل الحليوه وآه يا زين” لـ”شريفة فاضل”، و”عهد الله” لـ”محمد قنديل”، و”انسيت كيف انسيت” لـ”نجاة الصغيرة”، وأغنية متفردة بألحانها لـ”نصري شمس الدين” هي “ما أصعب عالقلب يوم السفر”، وأغنية “يا حلوة تحت التوتة” لـ”نازك”».
يشار إلى أن الفنان “محمد محسن” ولد في “دمشق” عام 1922م، وتوفي في “دمشق” أيضاً عام 2007.