“فايز فوق العادة”.. توق المعرفة بوصلته
الأربعاء 30 تشرين الثاني 2016
أبو رمانة
السّعي في رحاب المعرفة وفضائها كان الشّغل الشّاغل للمهندس “فايز فوق العادة”، فارتسمت خطوط حياته وتفاصيلها، وتحدّدت معالمها سواء كمهندس أو باحث عن العلم والمعرفة؛ فكانت الجمعيّة الكونيّة السّوريّة.
مع تتابع دوران عجلة انتشار المعرفة من حولنا كان لمدونة وطن “eSyria” بتاريخ 16 تشرين الثّاني 2016، فرصة حضور إحدى محاضرات “الجمعيّة الكونيّة” المتابعة لأحدث مكتشفات العلم وتطوراته، والتقت المهندس “فايز فوق العادة”، فحدثنا عن مسار رحلته مع المعرفة قائلاً: «كانت ولادتي عام 1942 في “دمشق”، والدي معلم مدرسة؛ وبذلك تعددت محطات حياتنا، وفي “دمشق” كانت محطتي أيام دراستي للمرحلة الثّانويّة في مدرسة “جودت الهاشمي”، لأكون الأول على طلاب “سورية” في الشّهادة الثّانوية الفرع العلمي، تخرجت كمهندس مدني في جامعة “حلب” عام 1964، وعملت في هذا المجال بوزارة المواصلات؛ لأشارك في عدة أعمال مثل مشروع تحويل روافد الأردن، ومشروع أتوستراد “دمشق – حلب”، حيث قمت بإعداد كامل الدراسة الاقتصاديّة له، وفي عام 1674 اجتهدت في إدخال الكمبيوتر الثّاني إلى “سورية” بعد دخوله الأول إلى مكتب الإحصاء، فقد بدأ انتشار الحواسيب في العالم، واستثمر الحاسوب بالوزارة على أكمل وجه، وعملت في مجال كتابة برامجه مثل البرامج الماليّة، وبرامج تصميم الطرق، وبرامج حسابات طرقيّة، وكان لهذا العمل الدّور الكبير في إعادة تفعيل ذهني وتجديد توق المعرفة الأساسي لدي».
وبحديث “فايز فوق العادة” عن “الجمعيّة الكونيّة”، يقول: «أُطلقت الجمعيّة الكونيّة السّوريّة عام 1980 لتكون
الأستاذ “موسى الخوري” |
خطوة خجولة للتعرّف إلى الثّقافة العلميّة ونشرها، وتمحور العمل فيها بالبحث في أصعب المواد العلميّة وأكثرها حداثة، وتبسيطها وتقديمها بمحاضرات تضمّ طيفاً واسعاً من المواضيع، مثل: الرّياضيات، والفيزياء، والفلك، والكونيات، والمعلوماتيّة، والحاسوب، وفلسفة العلوم، وتاريخ العلوم، يصل عدد هذه المحاضرات ما بين أربعين وخمس وأربعين محاضرة سنوياً، كما نقوم بعرض الأفلام العلميّة دورياً، فكان للجمعيّة الحضور الواسع على الأرض السّوريّة وفي بعض الدّول العربيّة، حيث تصلها دعوات لعرض ما لها من محاضرات وندوات».
حدثنا “موسى الخوري” نائب رئيس الجمعيّة الكونية شارحاً ما للجمعيّة من حضور لافت إلى أهدافها ومساعيها وأعمالها، ويقول: «بدأ حضوري العملي في الجمعية بالمحاضرة التي رشحني لإعدادها المهندس “فايز فوق العادة” وشجعني على تقديمها وسجلت انتسابي، وتابعت فيها، فهي إضافة إلى ما تقوم به من دور في التوعية للثقافة العلميّة؛ كانت تشتغل على إيضاح مبادئ العلم الأساسيّة عصب المجتمعات الحديثة والمنتجة للبحث العلمي، فكان للجمعيّة البصمة الواضحة في شباب البلد لنجد فيهم من تبوّأ المراكز المرموقة حتى على المستوى العالمي مثل الدّكتور “عبد القادر حمدو” العضو في برنامج البحث عن الذّكاء الصّنعي في الكون مع عدد كبير من علماء العالم، ومثله كثر».
يضيف “موسى”: «مع بداية انطلاق التلفزيون
الأستاذ “عصام النّوري” |
كان للجمعيّة الكونيّة برنامجها “بطاقة إلى الكون”، ثم تحوّلنا إلى إذاعة صوت الشّعب لنقدم برنامج “مجلة العلوم” بصوت “فردوس حيدر” بمعدل حلقتين أسبوعياً على مدار ما يقارب ثلاثين عاماً، فاستقطب عدداً كبيراً من المستمعين في الوطن العربي بما كان يقدمه من محصلة لآخر أخبار العلوم، هذا وقد كان المهندس “فايز” من أول الطّارحين والمشاركين بالأولمبياد العلمي، وكان أحد المحكمين المشاركين، كما استمر “فايز” بدورات البرمجة المتخصصة في مجمل القطاعات الدّاعمة والمهتمة مثل الجمعية المعلوماتيّة السّورية، ومركز الدّراسات والبحوث، ونقابة المهندسين».
يحدثنا “موسى” عن “فايز فوق العادة” الباحث، ويقول: «عمل “فايز” بصمته المعهودة وقدم مجموعة من البحوث العلميّة ونشرها، كما قدم برهاناً مختصراً ومباشراً للمعضلة الرّياضية “فيرما” المطروحة منذ ثلاث مئة سنة من دون أن يستطيع أحد من العلماء حلّها، وتابع بهذا الاتجاه وبرهن المعضلة الرياضيّة التّاريخيّة فرضية “ريمان”».
يحدثنا الحقوقي “عصام النّوري” عن رفقته لحياة “فايز فوق العادة” الثّقافيّة، فيقول: «”فايز فوق العادة” رجل علم ومحب للمعرفة، مكتبته تضم ألف كتاب من أمّات الكتب في الرّياضيات والفيزياء وغيرها من الكتب المتخصصة، التي عالجت وجهات نظر لعلماء معينين، عمر معرفتي برجل العلم تمتد لما يقارب أربعين عاماً، بدأت وتجددت كل يوم أربعاء السّاعة الرّابعة في مركز أبو رمانة الثّقافي موعد محاضرات الجمعيّة الكونيّة، إضافة إلى المحاضرات التي حملناها إلى أغلب بقاع البلد، كما كان لنا موعد مع رحلات الرّصد الفلكي للجمعية في مجمل المناطق».
من الجدير ذكره، أنّ المهندس “فايز فوق العادة” ألّف وترجم ثلاثة وسبعين كتاباً، ونشر ما يقارب خمس مئة وتسع وعشرين مقالاً في صحف عربيّة وأجنبيّة، ويتابع نشاطه في الجمعيّة الكونيّة بنفس وتيرة الجدّ والحماسة لحظة إطلاقها.