“صدقي إسماعيل”.. الواقع العربي في مؤلفات لم تطبع
الأحد 03 آب 2014
ساحة عرنوس
روائي وشاعر وباحث، فتح نافذة واسعة على الفكر العالمي بمختلف تياراته، كاتب موهوب كان وفياً لقلمه وللقضية التي آمن بها وعاش لها، أمين المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.
مدونة وطن “eSyria” التقت بتاريخ 28 تموز 2014، الشاعر “محمد المضحي” الذي تحدث عن الأديب “صدقي إسماعيل”، ويقول: «كتب “صدقي” المقال والقصة والرواية والمسرحية والشعر، وترك أعمالاً كثيرة صدر معظمها في مجموعة من ستة مجلدات كاملة عن وزارة الثقافة والإرشاد القومي في “سورية” بين عامي 1977 و1983، وما يشد الانتباه أن مؤلفاته التي بقيت مخطوطة حتى وفاته كانت أكبر حجماً وأغزر مادة وأبعد مدى مما نشر في حياته، ويدور أكثرها حول تصوير الواقع العربي والإحاطة به، إضافة إلى البعدين الشعبي والإنساني، وقد آثر “صدقي إسماعيل” الأدب على الفلسفة التي درسها بدقة وتعمق، لأنه كان يرى في الفلسفة وبقية العلوم موقفاً من الوجود، أما الأدب فهو الوجود عينه، ووقائع الأدب وأعلامه وآثاره هي التي تكوِّن الشعوب، والشعب العربي بالذات، أكثر من أي شعب آخر، والتاريخ في نظر “صدقي إسماعيل” لم يكن مجرد أحداث توالت وانقطعت وبقي رجعها، بل هي حضور الماضي في الراهن حضوراً يتبدّى في قيم الشعب وموقفه من الموجودات».
ويضيف: «ساهم “صدقي” في تحرير جريدة “البعث” الأسبوعية حتى
صدقي إسماعيل فارس القلم النبيل |
عام 1958، ثم انتقل إلى الكتابة في جريدة “الجماهير” اليومية، وما برح يكتب ويؤلف والقلم في يده حتى خطفه الموت وهو في أوج عطائه الأدبي والفكري، وقد طور فنه هذا حين استهوته الصحافة فأصدر بعد انتقاله من “اللواء” إلى “سورية” المجلة الطلابية ثم المجلة المغربية التي أنشأها بعيد الخمسينيات للتعريف بنضال المغرب العربي، وأخيراً مجلة “الكلب” الدمشقية، التي ظل ينظمها شعراً هو والشاعر “سليمان العيسى” على مدى عشرين عاماً ويكتبانها بخط اليد فيتناقلها الأهل والأصدقاء والرفاق».
ويشير الكاتب “وائل البدري” إلى أن “صدقي إسماعيل” واحد من أبرز المثقفين العرب الثوريين الذين قدموا في كتاباتهم ومن خلال الممارسة النضالية مساهمات جدية في محاولة بلورة نظرية للثورة العربية المعاصرة، ويقول: «كتب “صدقي” مجموعة من الأعمال منها: “الإعصار”، و”فان كوخ”، و”رامبو”، و”العرب وتجربة المأساة”، و”العصاة”، و”الله والفقر”، و”الأعمال الكاملة” ستة أجزاء، و”العطب”، و”مختارات من الشعر الصيني”، و”الينابيع”، أما المسرحيات فهي “سقوط الجمرة الثالثة”، ومسرحية “عمار يبحث عن أبيه”، و”الأحذية”، و”أيام سلمون”، و”حب المرقش الأكبر”».
أما مدرّس اللغة العربية “محمد الحمود” فيقول: «كانت
قصص الخالدين من أعمال الكاتب إسماعيل. |
القومية العربية القضية الأولى التي شغلت ذهن “صدقي إسماعيل” وظلت هاجسه طوال حياته، وقد تفتح ذهنه على محاضرات كان يلقيها “زكي الأرسوزي” في نادي “العروبة” في “أنطاكية”، فانغمس في المعركة من أجل عروبة “لواء اسكندرون”، وشارك إخوانه الطلاب في الحركة الوطنية التي تزعمها “الأرسوزي”، أصيب في إحدى المظاهرات التي جرت عام 1937 برصاص الجنود الأتراك فنقل إلى المستشفى وأخضع لعلاج طبي استمر نحو شهرين، وانتهت معركة “اللواء” بسلخه عن الوطن الأم، فانتقل “صدقي إسماعيل” من وطنه الصغير إلى وطنه الكبير “سورية” ليتابع نضاله من أجل المبادئ التي حملها والشعب الذي أحبه، والعروبة التي آمن بها فكانت بعداً من أبعاد وجوده، ولم تكن الكتابة عنده غاية بذاتها، بل هي جبهة معارك والقلم طريقها، فهو يرى أن الذي صان الأمة تراثها، وهو الذي يوحدها اليوم وليس سياسة السياسيين».
يشار إلى أن “صدقي إسماعيل” ولد في مدينة “أنطاكية” عام 1924م، وأتم دراسته الابتدائية هناك، وقد باشر الكتابة وهو ما يزال في المرحلة الابتدائية، وأكمل دراسته الثانوية في “حماة” و”حلب” ثم “دمشق”، فنال
الشاعر محمد المضحي |
شهادة الدراسة الثانوية سنة 1943، وتخرج في دار المعلمين بـ”دمشق” عام 1948، ومن جامعة “دمشق” نال إجازة في الفلسفة، ودبلوم تربية عام 1952م. عمل مدرساً في “حلب” و”دمشق”، وعُيِّنَ أميناً للمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1968، ساهم عام 1969 في تأسيس اتحاد الكتاب العرب وتولى رئاسته حتى عام 1971، ورئاسة تحرير مجلة الموقف الأدبي.