“زكريا تامر”.. الحداد الشرس
الثلاثاء 16 كانون الأول 2014
البحصة
ترك مدرسته واتجه للعمل في الحدادة بعد أن قست عليه الحياة، فانتقل من عالم المهن اليدوية الدمشيقة إلى عالم القصة على مساحة العالم، فأصبح من أهم الأدباء، وكتب لطفولته ومجتمعه.
|
التقت مدونة وطن “eSyria” بتاريخ 1 كانون الأول 2014، أستاذ اللغة العربية “عبد العظيم عوض” الذي تحدث عن تلك الشخصية العظيمة الكاتب والأديب والصحفي “زكريا تامر” بالقول: «عاش “زكريا تامر” ضمن أسرة بسيطة، تلقى دراسته الابتدائية في مدارس “دمشق”، وترك المدرسة عندما كان عمره 13 سنة مضطراً للعمل، فاشتغل في مهن يدوية عديدة، كالحدادة والنجارة، لكن المهنة الأساسية التي أحبها وعاد إليها باستمرار هي الحدادة، وقد اتجه أخيراً إلى الصحافة، فبدأ كتابة القصة القصيرة عام 1957، صدرت أولى مجموعاته عام 1960 وكانت بعنوان “صهيل الجواد الأبيض”؛ وهنا احتل مكاناً بارزاً ومفارقاً في الشارع الأدبي، حيث كانت انطلاقته في “بيروت”، وقد لحق ذلك نشاطات مختلفة، ووظائف متعددة في الحقول الثقافية والأدبية، وقد أُعدت عن قصصه دراسات ورسائل ماجستير ودكتوراه في العديد من الجامعات العربية والأوروبية، كما ترجمت أعماله إلى اللغات الفرنسية والروسية والإنجليزية والألمانية والإيطالية والبلغارية والإسبانية والصربية، كما ساهم “زكريا تامر” في تأسيس اتحاد الكتاب في “سورية” أواخر عام 1969، وانتقل للعيش في “لندن” بين عامي 1980 و1981 حيث يقيم في “أكسفورد”، ويعمل في مجلة “الدستور” الأسبوعية وينشر مقالاته السياسية والأدبية في معظم المجلات العربية».
وعن حياة “زكريا تامر” المهنية يضيف “عوض”: «تولى مناصب عدة منها على سبيل المثال: رئيس تحرير مجلة “الموقف
 |
| أحد أعماله |
الأدبي” السورية، ومدير تحرير مجلة “الدستور” في “لندن”، ومدير تحرير مجلة “الناقد”، إضافة إلى عمله كمحرر ثقافي لدى شركة “رياض الريس” للكتب والنشر في “لندن”، وكتب 27 قصة للأطفال في كتيبات مصورة، وفي عام 1985 كان يعد صفحتين أسبوعيتين للأطفال في جريدة “القبس” الكويتية، وكذلك كان يقوم بالإشراف على صفحات الأطفال لمدة سنتين في جريدة “الأخبار” الأردنية، وتسلم رئيس تحرير مجلة “أسامة” المتخصصة بالأطفال، فضلاً عن الزوايا الأسبوعية واليومية والشهرية في عدد من المجلات السورية والعربية بوجه عام.
كان رئيساً للجنة سيناريوهات أفلام القطاع الخاص في مؤسسة السينما في “سورية”، كما شارك في مؤتمرات وندوات عقدت في بقاع شتى من العالم، وكان رئيساً للجنة التحكيم في المسابقة القصصية التي أجرتها جريدة “تشرين” السورية عام 1981، والمسابقة التي أجرتها جامعة “تشرين” في “اللاذقية” عام 1979، وكان عضواً في لجنة المسابقة القصصية في مجلة “التضامن” في “لندن”، وأخيراً صدرت له مجموعة قصصية جديدة بعنوان “تكسير ركب”».
وعن أهم مؤلفاته يتابع: « منها “صهيل الجواد الأبيض”، “ربيع في الرماد”، “الرعد”، “دمشق الحرائق”، مجموعة “النمور في اليوم العاشر” التي تعد من العلامات الكبرى في مسيرته القصصية، إضافة إلى “قالت الوردة لسنونو”، “نداء النوح”، “سنضحك”، “الحصرم”، “تكسير الركب”، “القنفذ”، “هجاء القتيل لقاتله”، وغيرها الكثير من قصص الأطفال».
 |
| عند تسلمه الجائزة |
حصل “زكريا تامر” على العديد من الجوائز منها: جائزة “عويس” للقصة عام 2002، وسام الاستحقاق الرئاسي عام 2002، جائزة “ميتروبوليس الماجدي بن ظاهر للأدب العربي” عام 2009، جائزة “ملتقى القاهرة للقصة القصيرة” عام 2009، وقال عقب تسلمه الجائزة الأخيرة كما نشرت جريدة “الاتحاد” الإلكترونية: «اخترت القصة منذ بداية حياتي ولم أكتب غيرها ولا أنوي أن أكتب غيرها، وعندما يسألني بعضهم لماذا لا تكتب الرواية أندهش وكأنهم يذهبون إلى صانع الخبز ويسألونه لماذا لا تبيع الورد؟ فالقصة بالنسبة لي شكل فني قادر على التعبير عما أريد أن أقوله، وليس معنى ذلك أن لدي موقفاً معادياً للأجناس الأدبية الأخرى.. إن القصة القصيرة ليست في أزمة كما يرى بعض النقاد، ولكن الأدب الجاد كله في العالم العربي لا يلقى اهتماماً من الإعلام، وهذا ما يشعر بعضهم بأن الأدب في أزمة».
أشارت الأستاذة “هناء علي إسماعيل” في أطروحة الماجستير التي قدمتها بعنوان “جمالية القبح في القصة السورية” بالقول: «وصل صوت “زكريا تامر” الأدبي إلى مكانه المناسب، إذ كان قد لفت انتباه الشاعر “يوسف الخال” الذي عُرِفَ برقته وشاعريته، فكان أن أطلق صوته في الساحة الثقافية العربية على أوسع مدى، مؤمناً بالإمكانات مستتراً بشراسته وقصاصات ورقه، وهو ما جعله فيما بعد يحتل المكانة التي عرف من خلالها شهرته».
 |
| أحد مؤلفاته |
وقد قال عنه “محمد الماغوط”: «بدأ “زكريا” حياته حداداً شرساً في معمل، وعندما انطلق من حي “البحصة” في “دمشق” بلفافته وسعاله المعهودين ليصبح كاتباً، لم يتخل عن مهنته الأصلية، بل بقي حداداً وشرساً ولكن في وطن من الفخار، لم يترك فيه شيئاً قائماً إلا وحطمه، ولم يقف في وجهه شيء سوى القبور والسجون لأنها بحماية جيدة».
الجدير بالذكر، أن “زكريا تامر” ولد في “دمشق” عام 1931، في حي “البحصة”، ويعيش حالياً في “لندن”.