كأنما من بُعد آخر: عمارة رقمية مدهشة تحتل الواقع للفنان الإيطالي إدواردو تريزولدي!
اسأل أي نحّات رقمي 3D عن أفضل حالات أعماله الفنية وسيخبرك أنها النموذج الشبكي Mesh Render لعمله داخل البرنامج. صحيح أنه ليس الأفضل لأغلبية المشاهدين من غير المختصين؛ إلا أنه كذلك لصاحبه لأنه يعرض له كل نقطة vertex وضلع Polygon بعمله الذي قضى به ساعات طويلة.
التأثير نفسه يتولد لدينا عند مشاهدة مجسمات الأعمال ثلاثية الأبعاد كالوحوش والشخصيات الخيالية بمظهرها الشبكي أو مخططات المباني الضخمة والأماكن، لأننا حينها ننفذ إلى ما وراء القشرة الخارجية التي يراها الكل كأنما ننظر إليها عبر جهاز أشعة إكس أو نظارة خارقة للعميل السري جيمس بوند. هكذا، نكتفي بأن نرى مثل هذه الأبعاد الخفية عن الأعين محبوسة على شاشات العالم الرقمي فلا تغادرها.
إلا أن الفنان الإيطالي إدواردو تريزولدي Edoardo Tresoldi من العبقرية أن كسر الحاجز بين العالمين، فجعل من أعماله المعمارية نسخًا رقمية تتجسد بشكل ملموس على أرض الواقع! هذه هي نفسها المخططات والنماذج الشبكية التي نعشق رؤيتها، لكنها هذه المرة ليست على شاشة مسطحة، بل هي تحيط بك وتستطيع لمسها وتأملها من جميع الزوايا! وهو لا يفعل هذا على نطاق ضيق، بل يملأ فضاء قاعات شاسعة وأجنحة كاملة بأعماله المعمارية الشبكية التي تخطف العين…
كما ترون، هناك ذلك المزيج الغريب والرائع للعمارة الكلاسيكية القديمة المتجسدة في الأعمدة ذات التيجان والأقواس والقباب مع التكوين الشبكي الأقرب للرقمي والمرادف لعالمنا الحديث القائم على التقنية. ليس هذا فحسب، فإدورادو يدمج الكيانات المحيطة بشكل بارع مع معماره الشبكي، كالأشجار والنوافير والحوائط بحيث تبدو أعماله المنصوبة كقطاعات تشريحية للمكان نفسه. أنت هنا لا تشاهد بُعدًا آخر عبر منظار سحري … أنت بقلب هذا البعد نفسه!
المثير في هذا كله أن هذه العمارة الرقمية المدهشة التي ترونها هنا قد نصبها إدواردو لصالح إحدى المناسبات الملكية في أبو ظبي، بالتعاون مع شركة DesignLab Experience المتخصصة في “صنع أجواء تمزج بين التقنية المتقدمة والصنعة المتقنة” كما تصف نفسها. البهو الشاسع التي ملأه إدورادو بأعماله المدهشة تبلغ مساحته 7000 متر مربع، ومن المخطط أن يتم نقل هذه العمارة الشبكية الساحرة إلى أماكن أخرى عامة بأبو ظبي وبالطريقة نفسها … أي أن تتفاعل هذه الأعمال بالبيئة المحيطة وتندمج معها مهما كانت طبيعتها!
تعتقدون أن التحدي سيكون أكبر متى كان مسرح عرض أعمال إدواردو مفتوحًا كما في الشوارع والميادين العامة؟ فلتلقوا نظرة إذن على أعماله السابقة وسترون أن إبداعه يتضاعف بقدر ومدى اتساع ورحابة المكان!
إنها تلك الجوانب المحجوبة لكن الموجودة للإبداع … فقط يتطلب الأمر مزيجًا من العبقرية والفن والصنعة المتقنة للكشف عن هذه الجوانب وإبهارنا جميعًا.