المعرض السنوي الثاني والثلاثون لنادي التصوير الضوئي في سورية بالحسكة
17 كانون الثاني 2012
«سورية التاريخ»: في صالة المركز الثقافي العربي بالحسكة
الوطن ليس مكاناً نسكن فيه فحسب بل هو تاريخ يخاطب النفوس الحساسة بلغته الخفية ليروي مساكنه و ماءه و ذكريات العشّاق على ضفاف أنهاره و سواحل متوسطه و فوق رمال باديته و على سفوح جباله الشاهقة حيث يغدو الوطن مسكناً و المسكن ذكريات و الذكريات تتبدى صوراً ضوئية نراها الآن في المعرض السنوي الثاني و الثلاثين لنادي التصوير الضوئي في سورية و الذي حمل عنوان: «سورية التاريخ».
بعد أن شاهد الجمهور هذه الأعمال الضوئية في دمشق انتقلت إلى الحسكة لتعرض في صالة المركز الثقافي في الحسكة بتاريخ 16 كانون الثاني 2012، حيث شاهد محبو فن التصوير الضوئي الأعمال التي عبرت و بصدق مباشر عن عناصر الحياة الطبيعية و الحضارية في سورية بوساطة عين المصور بمشاركة آلة التصوير التي غدت مطواعة لأحاسيس الفنان المصور و ميوله الفنية في نقل المشاهد التي نخال أننا رأيناها سابقا لأن المصور و إن كان ينقل إلينا صورا من بيئتنا فأنها تصبح في العرض مشارة إليها و مؤكدة عليها فتتعمق الرؤية و تستقر في الذاكرة حيث نشاطر المصور قي وجهة نظره الفنية، و الصور أشياء كانت موجودة أمام أعيننا و الآن أصبحت مرئية و مستهدفة بصرياً بفضل المصور الذي يتجاوز حدود البصر إلى البصيرة أي إلى وعي ما نراه و من ثمّ الحصول على المتعة الجمالية بما هو موجود فعلا و غائب بحصر المعنى و هذا الأمر يذكرنا بالمدرسة الانطباعية التي نادت باللحظة و الآنية في الرؤية حيث قامت فلسفتها على تمجيد الحاضر باعتبار أن الأخير هو الواقعي الفعلي وسواء كانت هذه الفلسفة ترضينا أم لا فإنها قدمت الكثير و علمتنا الكثير أيضا في حين يمكن اعتبار الحاضر هو الباب الذي نرى من خلاله التاريخ دون الاعتماد على الرواية أو الحدث المباشر في حينه كما كان الأمر في الواقعية الجديدة.
قد يحق أن نقول عن الأعمال المعروضة الآن أنها انطباعية بامتياز انطلاقاً من مفهوم تعليم الرؤية الانطباعية وعلى تمجيد اللحظة التي نراها في لوحات. وهذا الأمر كان له الصدى المطلوب من خلال الفهم و التذوق ليس للمختص الخبير فحسب بل للإنسان العادي غير المتمرس في مجال التصوير الضوئي أو في مجال الفنون البصرية بشكل عام.
و نأمل أن نرى أعمالاً في المستقبل تنافس أمهات الأعمال الضوئية في العالم و تتنور أعمالنا بشعاع الفكر المتطور و الاستفادة القصوى من معطيات التطور التقني العالمي من جهة و من التطور الفكري و الجمالي من جهة أخرى . و رغم ذلك يستحق المشاركون الشكر و العرفان على اختيار الصور التي تمجد الوطن بلغتها الخاصة لتصبح تذكرة سفر تجوب العالم و تعرفهم ما في بلدنا من صور تستحق المشاهدة و التذوق الجمالي.
كولوس سليمان – الحسكة
اكتشف سورية