كوابيس من الطبيعة -1: سرطان جوز الهند العملاق الذي يصطاد القطط!
كان هذا الحوار الشائق والغريب جزءً من فيلم ديزني “موانا Moana” الرائع، والذي تتحدث به البطلة الشابة مع سرطان بحر عملاق جشع يهوي جمع كل ما هو نفيس. وفي الواقع، هذا ليس أي سرطان بحر عملاق … بل هو سرطان جوز الهند العملاق!
من بين جميع المفصليات البرية، وهي الشعبة التي تضم القشريات، والعناكب والحشرات، تعد سرطانات جوز الهند Coconut Crabs هي الأكبر والأضخم على سطح هذا الكوكب؛ حيث تنمو ليبلغ عرضها ما يزيد عن المتر ووزنها إلى ما يزيد عن 4.5 كجم! هذا حجم مهول بالطبع إذا ما قارنّاه بأنواع السرطان الأخرى أو حتى بغيره من الحيوانات كالقطط والكلاب الصغيرة؛ لذا تبدو سرطانات جوز الهند وكأنما قد خرجت من فرن الكوابيس مباشرة إلينا في عالم الواقع!
سرطانات جوز الهند معروفة بحبها للخروج ليلًا للتغذي، الإغارة على غذاء ومقتنيات الغير والسرقة؛ وبالتأكيد كان هذا هو سبب اختيار ديزني لسرطان جوز الهند للعب دور جامع التحف الثمينة في فيلم موانا. كذلك، فمن المعروف عن سرطان جوز الهند قدرته على كسر وتحطيم ثمرات حوز الهند الصلبة بكلاباته الضخمة القوية، ومن هنا كانت تسميته. مع هذا، فسرطان جوز الهند لا يقصر غذائه على الفواكه والأعشاب، يل يتعدى هذا إلى حد مرعب قد لا تستسيغونه إطلاقًا!
يصطاد ويأكل كل شيء تقريبًا … حتى إيميليا هارت؟!
إلى جانب تغذيه على الفواكه والقشريات الصغيرة كمصدر للكالسيوم الذي يحتاجه، يضم سرطان البحر أصنافًا أخرى إلى قائمة طعامه، منها الدجاج، والقطط وحتى بني جنسه من سرطانات جوز الهند الأصغر حجمًا! هذا مرعب ومقزز إلى حد كبير كما ترون لأن الحصول على مثل هذه الأصناف يتطلب منه التجوال والبحث بعيدًا عن وسطه المائي المعتاد. أي أن سرطان جوز الهند صيّاد يرتحل بحثًا عن اللحم معتمدًا على حاسة شم متطورة للغاية؛ حتى أن سرطان جوز الهند متهم بقتل أو، على أحسن الأحوال، التغذي على جثة أميليا هارت Amelia Earhart … أول امرأة تطير بمفردها عبر المحيط الأطلسي في التاريخ!
كانت أميليا ماري إيرهارت كاتبة ورائدة متفوقة في الطيران الاميركي، وقد دخلت التاريخ من أوسع أبوابه كونها أول امرأة تحصل على صليب الطيران الفخري، نظرًا لكونها أول امرأة تطير بمفردها عبر المحيط الأطلسي. حققت العديد من الأرقام القياسية الأخرى وكتبت عن تجربتها في الطيران وحققت مبيعات كبيرة، وكان لها دور أساسي في إنشاء جماعة “التسع والتسعون”، وهي منظمة طيارين للسيدات. وأثناء محاولة للدوران حول الكرة الأرضية في عام 1937 باستخدام الطائرة لوكهيد ل-10 إلكترا بتمويل من جامعة بوردو، اختفت إيرهارت فوق وسط المحيط الهادئ قرب جزيرة هاولاند. لتنطلق من بعدها العديد من الألغاز عن حياتها وعملها وسبب اختفائها الغامض، ومن بينها كانت نظرية التهام سرطانات جوز الهند العملاقة لها!
فالبعض يعتقد أن حاسة الشم المتطورة والقوية للغاية لسرطانات جوز الهند هي ما قادتها إلى أيميليا بينما تحتضر أو إلى جثتها بعدما قضت نحبها بالفعل على جزيرة نيكومارورو Nikumaroro النائية في قلب المحيط الأطلسي. لكن هل يمكن أن يحدث هذا حقًا؟
في عام 1940، عثر الباحثون على جزء من هيكل عظمي على جزيرة نيكومارورو يطابق المواصفات الجسدية لأيميليا إيرهارت، ومن بعدها تم اكتشاف بعض الدلائل الأخرى التي تشير إلى أن الجزيرة شهدت لحظات أميليا الأخيرة بالفعل، وليس المحيط. من هنا كانت الفرضية الشائعة والمخيفة بأن سرطانات جوز الهند هي من قضت عليها بعدما تكاثرت عليها وهي مصابة لا تستطيع الحراك.
لتفنيد هذه النظرية، أجرى الباحثون في عام 2007 تجربة عملية لاختبار سرطانات جوز الهند فيما يتعلق بتغذيها على جثة أميليا هارت؛ حيث أحضروا جثة خنزير صغير وتركوها عرضه لسرطانات جوز الهند الجوالة. وحين العودة إلى الجثة وجدوها ممزقة وبلا عظام تقريبًا! تذكروا أن الكالسيوم مهم للغاية لسرطانات جوز الهند كما سبق وأشرنا. مع هذا، لم يتم تسجيل أو ملاحظة أي سرطانات جوز هند قريبة من جثة الخنزير موضوع التجربة. الأمر لم يحسم بعد في هذه النقطة على ما يبدو!
ووفق عدد من خبراء المعمل الجنائي الذين درسوا اختفاء أميليا وبقايا العظام المكتشفة على الجزيرة النائية، فالأمر قد لا يعدو كونه مصادفة غريبة دفعت بجثة أحد الغرقى إلى الشاطيء. هكذا، ستكون أميليا قد قضت نحبها بعد تحطم طائرتها مباشرة بالمحيط وهي نهاية أفضل يتمناها الجميع بدلًا من النهاية المأساوية بين كلابات سرطان جوز الهند العملاق.
وبعيدًا عن حقيقة ما حدث لأميليا إيرهارت، ستظل سرطانات جوز الهند العملاقة كابوسًا غامضًا لا يعرف معظمنا شيئًا عنه، بينما قد تكون الأقلية النادرة قد حازت المعرفة بأقسى طريقة ممكنة وهي تحاول الخلاص من براثن العشرات المدعوين للوليمة الواهنة.
إلى لقاء قريب في مقال قادم عن كابوس آخر من الطبيعة!