نشرت “الرأي” الأردنية مقالاً تحت عنوان “الصور القديمة.. ذكرى لأيام الهناء الضائعة!” بقلم وليد سليمان، تناول أهمية الصور القديمة، واعتبرها خزانة الزمن الجميل وأرشيف العمر الماضي بالحيوية والبراءة والشباب. انه حدث تاريخي خاص للأسرة عندما كُنّا في ستينات القرن الماضي نذهب بشكل جماعي «الأب والأم والأبناء والبنات» إلى ستوديوهات التصوير الفوتوغرافي في قاع المدينة بعمان مثل ستوديو «دنيا» وستوديو «الرينبو» لنتصور صوراً جميلة للذكرى.وقال: “شخصياً أتذكر عندما قرر أبي بعد إلحاح منا نحن الابناء ان نتصور صورة عائلية جماعية للذكرى، حيث كان عمري 7 سنوات.. لكن المفاجأة أن أمي الفلاحة رفضت بشدة ان تأتي معنا للتصوير!! بحجة أنها مريضة أو أن التصوير عيب.. الخ. ومع كل الاسف بعد سنتين توفيت أمي بعد أن تصورنا أنا وأي وأخي وأختي صورة جماعية رائعة في ستوديو دنيا لصاحبه الأرمني…، والأسف هنا أنه لا توجد أية صورة لأمي مطلقاً لدينا !! حتى أننا نحن الأبناء قد بدأنا ننسى رويداً رويداً تفاصيل وجهها مع السنوات الطويلة.
لذلك فان الصورة هي عامل مساعد لحفظ ذكرى الأحبة والمناسبات واللحظات الحلوة من خلال النظر اليها بين فترة واخرى لمن يقتني الصور الشخصية أو العائلية،أو صور الاصدقاء والمعارف، وحتى الاشخاص الآخرين المهمين، كالفنانين والساسة والأحداث الثقافية والحضارية المختلفة. وبعد أن كبرنا في العمر بدأ شباب وشابات العائلة والأقارب والجيران بالذهاب إلى ستوديوهات التصوير الفوتوغرافي في شارع طلال القريب من منطقة سكننا برأس العين, لأخذ الصور الجماعية والفردية للتمتع بمشاهدتها مع الأهل والأقارب والأصدقاء. ثم ظهر فيما بعد من سنوات ما صرنا نعرفه بألبومات الصور التي تُوضع بها, ومن فوقها ورق شفاف لحفظ الصور ؛ من التكسير والثني وبالذات من الأولاد الصغار الذين يمسكون الصور, وربما يسيئون لها بالخربشة أو التمزيق أو الطّعوَجة!!.”.
وتحت عنوان “الأرمن أوائل المصورين” أوضح الكاتب أنالأرمن الأردنيون جاءوا إلى هذا الوطن قديماً في بدايات الحرب العالمية الاولى عام 1915 تحديداً. حيث برعوا في عدة مجالات منها الصياغة والخياطة وأعمال الميكانيك والتصوير الفوتوغرافي.
وكان أول مصور أرمني في عمان والأردن هو السيد بربريان إذ صار منذ العام 1921 المصور الخاص للأمير عبدالله الأول المؤسس, وللقصر الأميري في عمان. وقد شكل الأرمن في عمان إضافة نوعية جديدة لمجتمع هذه المدينة الناشئة فقد أسهموا بتطوير في تطوير بعض نواحي الحياة وتسهيلها.
وذكر لنا السيد محمد أكرم الطويل أبو غالب صاحب ستوديو سبورت القديم على درج بسمان: إن أكثر المصورين الأرمن في عمان كانوا من أصدقائه الذين تعامل معهم بكل الود والمحبة والإحترام حيث ذكر لنا منهم بعض الأسماء وأماكن تواجد محلات ستوديوهاتهم للتصوير الفوتوغرافي في وسط مدينة عمان ففي شارع الملك فيصل كان يتواجد « ستوديو المخزن الملكي «لِ»بيتر كتشجيان»,وستوديو يعقوب بربيان المصور الخاص للملك عبدالله الاول، وستوديو فينوس، أما قرب البريد بشارع الأمير محمد فكان يتواجد ستوديو جاك لصلبيشان، وستوديو لندن، وستوديو هايك، و في شارع الملك الحسين ستوديو برامونت المصور الخاص للملك الحسين، وستوديو سميرأميس ليعقوب تورنيان المصور الخاص للعائلة المالكة، وستوديو هايك بربريان في شارع الرضا، والمصور يعقوب قوتشونيان في اول شارع الامير محمد، و ستوديو المصور بدروس دومانيان في شارع الرضا قرب البنك الاهلي.
وكتب تحت عنوان “بيت البيروتي في اللويبدة” أنه في بيت البيروتي التراثي العريق والتابع لدارة الفنون بجبل اللويبدة شاهدنا مؤخراً معرضاً للصور الفوتوغرافية كان بعنوان «داخل وخارج الاستوديو» ومن ضمنها كان جناح خاص للصور القديمة التي تم تصويرها على أيدي المصورين الأردنيين الأرمن الذين كانوا يملكون ستوديوهات للتصوير في قاع مدينة عمان قديماً في الفترة ما بين عشرينات القرن الماضي وحتى نهاية ستيناته .
وقام على إعداد هذا المعرض كل من د. جوزيف ماليكيان، وهرايرسركسيان، وقد إعتمدا على الصور من مجموعة خاصة يملكها ماليكيان والمؤسسة العربية للصورة في بيروت.
وكان أكثرها من الصور باللونين الابيض والاسود، وإن كان منها ما هو ملون فان التلوين كان من عمل أقلام التلاوين, التي كان يرسم بها المصورون على الصورة الورقية بعد تحميضها حتى تبدو وكأنها ملونة!!
وأفرد حول “صور أهل عمان”. مثل صورة لرجل عجوز يستعرض عضلاته، وهو ملتحي بشعره الأبيض ويبدو أنه أرمني، وقد كتب على زاوية الصورة انها صورت في عمان أيلول 1923. وصورة لـ فريجوني دومانيان ابنة بيدروس في عمان سنة 1930 تصوير بيدروس دومانيان، وبيدروس دومانيان وماري وفريجوهي والعائلة في عمان 1930. وصورة لجودت شعشاعة بملابس شركسية تقليدية وهو صغير السن التقطها يعقوب سليمان – وأُخذت من حنا شعشاعة. وصورة لدعد جنا شعشاعة في عمان 1945، والمصور هو فاهي
أمين قعوار يركب في مركبة تمشي على سكة خاصة في مناجم التعدين في الرصيفة ومعه ابنه توفيق قعوار وعزت مهندس المناجم، وكذلك سنة 1952.
وولد وبنت لا يتجاوز أعمارهما العاشرة يقفان عند طاولة عليها ردايو قديم، وهما اسامة شعشاعة وشقيقته وذلك عام 1952 والمصور هو يعقوب وابنه بربريان.
جلالة المرحوم الملك الحسين في سيارته المكشوفة بزيارة لمعسكر الجيش، وقد صور الصورة ستوديو جاك في فترة الخمسينات.
وفتاتان شقيقتنان تلبسان بلايز مخططة وملونة من تصوير بيدروس، وذلك في فترة الستينات بعمان، كذلك صورة اخرى لنفس المصور لفتاتين تلبسان بناطيل سرتش– كانت موديلاً دارجاً للفتيات في فترة الستينات قديماً.
وصور لعرسان وحدهما، وصور أخرى مع أفراد من عائلتهما.. وكان من المعروف قديماً ان تذهب العروس مع عريسها إلى ستوديو التصوير لأخذ الصور التذكارية حيث تكون العروس بملابس عرسها البيضاء والرجل ببدلته وربطة عنقه كذلك.. ويتصوران بلقطات رومانسية داخل الاستوديو. ومن الصور القديمة ايضاً شاهدنا الاولاد الصغار وهم يركبون سيارات الألعاب للتصوير داخل الاستوديو، أو يلبسون ملابس الجيش أو الكابوي بالبرنيطة والمسدسات.
وهناك صورة لرجل فلاح وزوجته الفلاحة وهو يحمل مسدساً؟! لا ندري لماذا؟! وكأنه مصوب نحوها؟!! كان على المصور أن يُلفت انتباه الرجل ذلك الخطأ !!
كما أوضح عن الأزياء ومظهر الناس، قائلاً: جنود وبدو بكوفيات وعباءات ولحى شوارب. وشاب ببدلة وطربوش أحمر (أفندي) ومن خلفه ديكور وكأنه في سرايا فاخرة !!.
وهناك ثلاث نساء يجلسن معاً عند شط بحر!! ربما كان البحر الميت أو العقبة!! ومن خلال هذه الصور فإننا نستخلص الكوامن والعادات وأساليب الحياة في تلك الأزمان القديمة حيث: نلاحظ مثلاً: ان التصوير بجانب الراديو كان يعتبر من المواقف المبهجة والثرية الهامة، وإن موديل الملابس الرجالية كان قديماً بالجاكيت عريض القبة وكذلك القميص، مع الشعر والسوالف الطويلة, وذلك في نهاية الستينات. وايضاً كانت النساء أكثر تحرراً بأزيائهن.. حيث القليل منهن من يغطين شعر رأسهن بالمنديل!! وإن غطينه فيظل قسماً من مقدمة الشعر ظاهراً!! ثم كانت عادةإرتداء الأحذية البيضاء للنساء موديلاً شائعاً قديماً!! .