محمود الكرد… بطل الفنون الجميلة في غزّة
غزة ـ جهاد عويص
18 سبتمبر 2016
يستغرق محمود الكرد وقتًا أطول لتجهيز الشكل النهائي لصورته الفنية، على عكس غيره من المصورين، باعتباره يحترف فن “الفاين آرت” في قطاع غزة، إذ ظل شغفه بهذا المجال المتعمق بالمعنى أكثر من الصورة يرافقه طوال سنوات، إلى أن أصبحت أعماله مصدر إلهام لفنانين عالميين.
ويقول الكرد (23 عاما) لـ”العربي الجديد” إن فن “الفاين آرت” عبارة عن فن مفاهيمي يحاكي قضية معينة على شكل صورة، يتم دمجها مع صور أو كوادر متعددة، لخلق مشهد قريب للوحات الفنية، يحمل أبعادًا فكرية ويعالج قضايا متنوعة كالسلام والحب والحرية والعدالة.
ويوضح الكرد، أنه لطالما كان يهوى الصور الفنية ويتابع أعمالاً لفنانين عالميين، حتى قرر اقتناء كاميرا خاصة به، ليبدأ مشوار التعلم على “الفاين آرت” عبر موقع “اليوتيوب” والذي ساعده مع الممارسة التطبيقية لتصبح صوره عبارة عن لوحات فنية.
ويضيف الكرد أنه سعى دائماً لتصوير أفكار لا مجرد صور، بحيث اختار هذا المجال كونه الأقرب لما يبحث عنه، موضحًا أن أول أعماله كان عبارة عن صورة ليد بيضاء ممدودة إلى يد ملطخة بالسواد، كونت مفاهيم مختلفة لدى المتتبعين لصفحته على “فيسبوك”، الأمر الذي اعتبره بمثابة الهدف المنشود.
ويركز العشريني من معسكر جباليا شمال غزة، في أعماله على عنصر الطفل، إذ يحاول التعبير عن هموم ومشاكل الطفل في وسط مليء بالنزاعات والمشاكل، أمرٌ جعله يعتبر أخته الصغرى “روان” هي كلمة السر في جل أعماله، ومصدر إلهام للأفكار التي ينوي تنفيذها، مستعينًا بها في غالبية لوحاته التصويرية.
وتمر أعمال الكرد بمراحل تزخم بتكوين الفكرة ورسمها بخط اليد، ومن ثم تحديد متطلباتها لتنفيذها على الواقع، ناهيك عن تحديد موقع ملائم للتصوير مع مراعاة الطقس المناسب للفكرة المراد تنفيذها، إلى حين معالجة الصورة وتعديلها ودمجها، أمور تستغرق أياما وقد تصل لأسابيع لتكوين الشكل النهائي للصورة.
ويقصد الكرد بحر غزة غرب المدينة المحاصرة إسرائيليًا، بحيث يعتبره أحد الأماكن المساعدة في تكوين الفكرة، ناهيك عن استغلاله للمساحات الخضراء على الحدود الشرقية لمدينة غزة، باعتبارها مناطق تخلو من ضجيج السكان نظراً لخطورتها، غير أنه يعتبرها موقعًا ملائما لتصوير أعماله.
وعن التحديات التي تواجه المصور الفلسطيني، يقول: “أزمة الكهرباء مشكلة تواجه الغزّيين بشكل عام، ولها تأثير سلبي على إنجاز العديد من الأعمال، إضافةً لصعوبات أخرى تكمن في شح مواقع التصوير، واضطراري للذهاب للحدود شرقًا برفقة روان ذات الثماني أعوام، أمرٌ بالغ الخطورة”.
وكان الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر عائقًا أمام حضور الكرد على منصات التتويج بجوائز عربية ودولية، ويوضح، أنه على الرغم من أنه حصل على 4 تأشيرات داخل جواز سفره الفلسطيني، إلا أن ذلك لم يشفع له للمرور عبر بوابة الحصار، والسفر للتكريم بتلك الجوائز حاضرًا لا غائبًا كما حصل معه.
وحاز الكرد خريج اللغة الانجليزية من كلية الآداب بجامعة الأزهر بغزة، على جائزة الشارقة بنسختها الأخيرة من الإمارة، وأخرى من المملكة الأردنية، ناهيك عن حصوله على المركز الأول بمهرجان باريس للفنون عام 2014، ومشاركته بمعارض عربية ودولية جاب بها لبنان والأردن حتى واشنطن وبلجيكا واسكتلندا وباريس.
وبعدما فقد الأمل في السفر في ظل الإغلاق المتكرر للمعبر الوحيد الذي يفصل غزة عن العالم الخارجي، يطمح المصور الفلسطيني للاستمرار في طرح أفكار جديدة، عبر صوره الفنية، لإيصال رسالة قرابة 2 مليون فلسطيني يقطنون بالقطاع تحت واقع الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ عشر سنوات.