تعرف اللقطات السينمائية المختلفة بكمية المادة الداخلة ضمن إطار الشاشة . غير أنه في الممارسات الفعلية هناك اختلاف كبير في تسمية اللقطات. فما يعتبر (( لقطة متوسطة )) من قبل أحد المخرجين قد يعتبر (( لقطة كبيرة )) من قبل مخرج آخر. على أن تحديد اللقطات عمومياً يتم على أساس ما يظهر في اللقطة الفاصلة بين آلة التصوير والشيء المصور إذ أن بعض العدسات في بعض الحالات تشوه المسافات. فالعدسة المقربة ( Tele ) مثلاً يمكن أن تخرج لنا لقطة كبيرة على الشاشة ومع ذلك فإن آلة التصوير ذاتها في مثل هذه اللقطات تكون بعيدة جداً عموماً من المادة المصورة.
كلما زاد ما تشمله اللقطة من مساحة كلما قلت التفاصيل . وكلما قلت المساحة التي تغطيها اللقطة كلما زاد فقدان العلاقة المكانية للصورة بالنسبة لإطارها الأكبر. المخرجون الواقعيون عمومياً يرغبون في الحفاظ على الإستمرارية المكانية للمشهد. احساسنا بالأماكن التي تنطبق عليها التفاصيل في الفراغ الأكبر المعروف ولذلك يميل هؤلاء السينمائيون إلى تفضيل اللقطات البعيدة إذا أنها تبقي على العلاقة بين الناس وما يحيط بهم. أما المخرجون الانطباعيون فإنهم من الناحية الأخرى يميلون إلى تفضيل اللقطات الأكبر التي تقطع الفضاء الحقيقي إلى سلسلة من أجزاء تفصيلية للكل. غير أن اختيار اللقطات عموماً في الممارسة الفعلية إنما هو مسألة توكيد أكثر منه استبعاد إذ إن القليل من المخرجين من يستطيع الاستغناء تماماً عن اللقطات البعيدة والقريبة بدون تشويش الجمهور رغم أن هناك في الواقع أنواع مختلفة من اللقطات في السينما إلا أن أغلبها يندرج تحت سبعة أنواع أساسية: اللقطة البعيدة جداً – واللقطة الكاملة – واللقطة المتوسطة – واللقطة الكبيرة – واللقطة الكبيرة جداً واللقطة ذات البعد البؤري العميق.
اللقطة البعيدة جداً تصور من مسافة كبيرة تبلغ بعض الأحيان ربع الميل وهي تقريباً دائماً لقطة خارجية وتظهر كثيراً من الموقع (1-4).
اللقطات البعيدة جداً تستخدم أيضاً كإطار مكاني لتحديد اللقطات الأكبر وهي لهذا السبب تسمى أحياناً ((اللقطات المؤسسة)).
وإذا ما اشتملت اللقطات البعيدة جداً على أشخاص فإنهم يظهرون عادة كمجرد ذرات على الشاشة. الاستخدام المؤثر لهذه اللقطات نجده عادة في الأفلام الملحمية حيث يلعب الموقع مهماً: كما في أفلام الغرب الأمريكي. والأفلام الحربية. وأفلام الساموراي والأفلام التاريخية مثلاً. ليس من المدهش أن يكون أساتذة اللقطة البعيدة جداً الكبار هم المخرجون الذين ترتبط أسماؤهم بالنوع الملحمي من الأفلام مثل دي دبليو كريفيث – وسكرركيه ازينشتاين – وجون فورد واكيرا كوروساوا.
ربما كانت اللقطة البعيدة الأكثر تعقيداً في السينما والمصطلح نفسه هو أيضاً من أكثر المصطلحات بعجاً عن الدقة ولكن مديات اللقطة البعيدة عموماً تتطابق على وجه التقريب مع المسافات بين الجمهور والخشبة في المسرح الشرعي. أما المديات الأقرب ضمن هذا الصنف فهي اللقطة الكاملة التي تشمل بالكاد الجسم الإنساني كاملاً. فضل شارلي شابلن اللقطة الكاملة لأنها كانت الأصلح لفن التمثيل الصامت ومع ذلك فإنها كانت من القرب ما يجعلها كافية لإظهار ملامح الوجه البارزة على الأقل. اللقطات البعيدة هي المفضلة لدى أغلب المخرجين الواقعيين وذلك لأنها تشتمل على جزء كبير من الموقع إضافة إلى الجسم الإنساني كاملاً. هذه المديات تناسب بصورة مثالية السينمائيين الذين يوصلون أفكارهم بدرجة رئيسية عن طريق الميزانسين أو تنسيق تصوير هذه الأشياء والأشخاص في لقطات منفصلة وبهذا يحطمون وحدة الفضاء الفعلية.
اللقطات المتوسطة: تضم الشخص من الركبة أو الخصر فصاعداً. هي لقطة وظيفية تفيد في تصوير مشاهد العرض الأولية والإنتقالات بين اللقطات الكبيرة والبعيدة ولإعلدة التأسيس بعد لقطة بعيدة أو كبيرة .هناك تنوعات عدة للقطة المتوسطة . اللقطة الثنائية تشمل على شخصين من الخصر فصاعداً . اللقطة الثلاثية تشمل على ثلاثة أشخاص ومازاد على الثلاثة يجعل اللقطة تميل الى أن تكون لقطة بعيدة مالم يكن الأشخاص الآخرين في الخلفة.
اللقطة الكتفية: تشمل عادة على شخصين أحدهما يعطيظهره لآلة التصوير ويشاهد جزئياً والآخر يواجه آلة التصوير . تفيد هذه اللقطة كتبديل للقطة الثنائية القياسية وكطريقة لتوليد سيطرة شخص على آخر.
اللقطة الكبيرة: تظهر القليل جداً من الموقع إن لم نقل لايظهر شيئاً وتركز على شيئاً صغير نسبياً الوجه الإنساني مثلاً ولكون اللقطة الكبيرة تضخم حجم الشيء مئات المرات فإنها تميل إلى رفع أهمية الأشياء وتوحي في الغالب بمغزى رمزي في فلم هتشكوك المشهور مثلاً تدرك البطلة على حين غرة بأنها تتسمم تدريجياً بعد تناولها قهوة المساء . وفجأة تظهر لقطة كبيرة لفنجان القهوة على الشاشة تشويه ضخم لحجمه الطبيعي- تبرز صورة الفنجان الصغير الرقيق ليس مجرد الإدراك المفاجئ للبطلة ولكن أيضاً الغلاف البديع الذي يحمي أولئك الفاسدين الذين سمموها من الإنفضاح .بإختصار تصبح الصورة رمزاً لذلك الطراز المعين من الحياة المحترمة للنازيين عند نهاية الحرب العالمية الثانية .
اللقطة الكبيرة جداً: هي تنوع لهذه اللقطة. وهكذا فإن اللقطة الكبيرة جداً قد تظهر عيني الشخص أو فمه بدلاً من وجهه مثلاً.
اللقطات ذات البعد البؤري العميق: هي عادة تنويع للقطة البعيدة. وتحتوي على عدد من المسافات البؤرية ومصورة بالعمق. هذا الأسلوب يبرز الأشياء في مديات قريبة ومتوسطة وبعيدة في الوقت نفسه (1-8). اللقطة ذات فائدة خاصة للحفاظ على وحدة الفضاء. الأشياء في اللقطة ذات البعد البؤري العميق ترتب بعناية في مستويات متتالية. وباستخدام طريقة الرصف هذه يستطيع المخرج أن يقود عين المشاهد من مسافة إلى أخرى وأخرى.
وتنتقل العين بصورة عامة من المدى القريب إلى المتوسط إلى ثم إلى البعيد. هناك مشهد مشهور من فلم أورسن ولز – المواطن كين يستخدم القطة ذات البؤري العميق بشكل مؤثر. بعد أن حاولت زوجة كين الانتحار ولم تنجح نراها وهي تخلد للراحة في السرير. في أسفل الشاشة وفي المدى القريب تقف قنية السم وفي وسط الشاشة في المدى المتوسط تستلقي السيدة كين في السرير. وفي الجزء العلوي من الشاشة وفي المدى البعيد يدخل كين من باب. اللقطة توحي أيضاً بعلاقة بين السبب والمسبب: 1- السم وقد أخذ من قبل: 2- السيدة كين بسبب: 3- لا إنسانية كين.
إن الزاوية التي تصور منها اللقطة يمكن أن يقوم بدور ((التعليق)) من قبل المؤلف على الموضوع (1-9). بمعنى ما يمكن تشبيه الزوايا بما يستخدمه الكاتب من صفات. وكثيراً ما تعكس الزوايا موقفه تجاه موضوعه. وإذا كانت الزواية بسيطة يمكن لها أن تقوم بفعل نوع من التلوين العاطفي الدقيق. وإذا كانت الزواية متطرفة يمكن لها أن تمثل المعنى الرئيسي للصورة. إن التقسيم إلى شكل ومضمون يصبح عديم المعنى بصورة خاصة ضمن هذا الفحوى. إن صورة رجل تم تصويره من زاوية مرتفعة توحي في الواقع عكس المعنى الذي توحي به صورة نفس الرجل وقد أخذت من زاوية منخفضة. إن المادة الموضوعية واحدة بشكل مطلق في كل صورة. ومع ذلك فإننا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار المعلومات التي نستخلصها من الصورتين. فإن من الواضح أن الشكل هو المضمون والمضمون هو الشكل.
يميل المخرجون الواقعيون إلى تجنب الزوايا المتطرفة. أكثر مشاهدهم تصور من مستوى زاوية العين. وهذا يعني خمسة أو ستة أقدام ارتفاعاً عن الأرض ((أي ما يقارب ارتفاع المشاهد الفعلي)). يحاول عادة هؤلاء المخرجون الحصول على أوضح رؤية للموضوع . من النادر أن تكون اللقطات التي بمستوى العين ذات تأثير درامي ذاتي. ما دامت تميل إلى أن تكون هي القياس كل مخرجين تقريباً يستخدمون لقطات مستوى العين وخاصة في المشاهد العرضية الروتينية. ويستخدم المخرجون الواقعيون أيضاً مجموعة منوعة من الزوايا المختلفة بصورة خاصة فيما يتعلق بلقطات وجهة النظر عندما تسجيل آلة التصوير ماذا وكيف تنظر الشخصية. وهكذا قد يتبع صورة رجل ينظر من أعلى درج لقطة وجهه نظر ذات زاوية عالية ترينا الشيء والطريقة التي ينظر بها الرجل إلى الشيء.
المخرجون الانطباعيون لا يهتمون دائماً بالصورة الأكثر وضوحاً للشيء. بل بالصورة التي تستطيع إبراز جوهر الشيء أكثر من غيرها. إن اللقطات المتطرفة تشتمل دائماً تقريباً على تشويهات. ومع ذلك فإن الكثير من المخرجين يشعرون بأن تشويه الواقعية السطحية للشيء ينجز لنا حقيقة أكبر ((حقيقة سايكولوجية باطنية)). وكلا المخرجين الواقعي والانطباعي يعلم بأن المشاهد تميل إلى أن يشخص نفسه بعدسة آلة التصوير الواقعي يرغب في أن يجعل الجمهور ينسى بأن هناك آلة التصوير إطلاقاً في حين أن الانطباعي يثير الانباه بصورة دائمة إلى وجودها. إن وجودها. إن استخدام المخرج الواقعي للزوايا يبدو منقاداً للإحتمال الفيزيائي بينما ينقاد الاستخدام الانطباعي للصلاحية الدرامية والسايكولوجية.
هناك خمس زوايا أساسية في السينما: نظرة الطائر – والزواية المرتفعة – ولقطة مستوى النظر – والزاوية الواطئة – والزاية المائلة.
وكما في حالة تحديد اللقطات. هناك أنواع وسيطة بين اللقطات (1-10) مثلاً يمكن أن يكون الاختلاف كبيراً بين لقطة واطئة وأخرى واطئة جداً رغم أن مثل هذه الاختلافات بالطبع تميل بأن تكون اختلافاً بالدرجة. وعموماً كلما زاد تطرف اللقطة كلما زاد ظهورها وأشغالها من ناحية الشيء المصور وفي حالات كثيرة في الواقع يكون ((التعليق)) الزاوية أكثر مغزى من الشيء نفسه.
إن نظرة الطائر هي الزاوية الأكثر تشويشاً بالنسبة لكافة الزوايا إذ أنها تشتمل على المشهد مصوراً من فوق الرأس (1-11).
اللقطات والزوايا