حلب… بعيون عدسات المستشرقين
الجمعة 13 حزيران 2014
حلب الجديدة
استطاع الكثير من الباحثين والهواة والسياح الذين قدموا إلى مدينة “حلب” التقاط صور لمعالم المدينة، ماأبرز حالة مبدعة من توثيق الأوابد والحارات والحياة اليومية في أعمالهم سواء بالكاميرا أو بريشة الرسم .
فقبل ظهور وسائل التصوير الحديثة، كان للسياح والمستشرقين الذين زاروا “حلب” دور كبير وأساسي في توثيق المدينة، وللحديث حول هذه الموضوع التقت مدونة وطن eSyria بتاريخ 2 حزيران الفنان “يوسف إبراهيم” من “ريف حلب الشمالي” فقال: «هناك مجموعة من اللوحات الفنية الجميلة موزعة في أماكن مختلفة من العالم صورها أو رسمها زوار “حلب” من الباحثين وهواة التصوير والسياح، وذلك منذ أكثر من 300 عام، مبرزين من خلالها معالم المدينة ويومياتها.
ولهذا العمل الفني أهميته القديمة – الحديثة في نواح عدة منها السياحية والثقافية والفنية، فمن الناحية الثقافية باتت هذه اللوحات والأعمال الفنية المصدر البصري الوحيد في تعريف الباحثين المعاصرين بأشكال المواقع التاريخية وأوضاعها قبل قرنين وأكثر، وبذلك يستطيع مرممي الآثار مثلاً مطابقة أي موقع تاريخي معاصر بحالته وشكله خلال تصويره في تلك الفترة والحصول على نتائج دقيقة تفيد عمليات الترميم.
سياحياً، أفادت تلك اللوحات بتعريف العالم بمدينة “حلب” وتشجيع الباحثين والسياح لزيارة المدينة، خاصة أن هؤلاء الفنانين لم يكتفوا بتصوير ورسم المدينة فحسب، بل كتبوا حول عادات أهل “حلب” ومحبتهم للزوار، حتى باتت لوحاتهم بمثابة بروشورات سياحية كالتي تصدرها اليوم مديريات السياحة للتعريف بواقع السياحة في البلد ومدنها».
المهندس “عبد الله حجار” مستشار “جمعية العاديات” للفترات الكلاسيكية يقول: «إن “شكسبير” أديب الانكليز العظيم،
لوحة قلعة حلب للفنان الرحالة درموند |
ذكر مدينة “حلب” في مسرحيتيه “ماكبث” و”عطيل”، كما زارها الشاعر الفرنسي “لامارتين” في العام 1830 وأقام في حي “الكتّاب” غربي “نهر قويق”، وذكر في كتابه “رحلة إلى الشرق” الصادر في العام 1833، سمو أخلاق الحلبيين وحسن تصرفهم ووقارهم.
الرحالة والرسام “الكسندر درموند” وصف مدينة “حلب” خلال زيارته لها في العام 1747 في كتابه “أسفار”، كما خلّد المدينة في لوحاته، وخاصة لوحة يظهر فيها سقف قاعة العرش في “قلعة حلب” بقبابها التسع كما كان عليه قبل الزلزال المدمر في العام 1822.
وكذلك نذكر الرحالة والمصور الهولندي “كورنيليس دوبران” الذي زار “حلب” في العام 1652 أول مرة ثم أقام فيها بين عامي 1962 -1964 حيث كان ينزل في “خان الجمرك” وعند عودته لبلاده أعد كتابه “رحلات إلى المشرق” ضم صوراً رائعة، منها صورته الشهيرة “بانوراما حلب”.
والرسام “لويس فرانسوا كاساس” زار “سورية” و”فلسطين” و”مصر” وترك كتاباً اسمه “رحلة وصورة في سورية” في ثلاثة مجلدات ضمت 250 صورة من رسوماته، وقد زار “حلب” في العام 1785 وأدهشه سمو سلوك سكانها وعاداتهم وجمال ألبستهم».
وأضاف: «”ألبير بوخة” هو أحد أبناء “جوزيف بوخة” الذي ينتمي إلى عائلة “بوخة” العريقة بحلب عاش بين 1842 -1929 وقد عُرف هذا الرجل بهوايته في التصوير الفوتوغرافي، وربما كان أول من امتلك آلة
لوحة ناعوة حلب |
تصوير بحلب، وقد رافق الرحالة الفرنسي المركيز “جان ملكيور دو فوغويه” في العام 1861 في زيارة القرى الأثرية شمال غرب “حلب” وترك صوراً رائعة وكتيباً ضم صوراً لآثار “جبل سمعان”، كما كان “ألبير بوخة” يحب الرسم فقد رسم لوحة زيتية لمدينة “حلب” وقلعتها بأبعاد 34 -25 سم وهي تحفة فنية رغم عدم اكتمالها.
وهناك لوحة فنية رسمها أحد أفراد عائلة “بوخة” لناعورة “حلب”، واللوحة محفوظة لدى العائلة المذكورة».
وأخيراً ورد في كتاب “الفن التشكيلي في حلب” للتشكيلي والباحث الفني “طاهر البني” ما يلي حول الموضوع: «شهدت “حلب” منذ نهاية القرن الثامن عشر وخلال القرن التاسع عشر، عدداً من الفنانين المستشرقين الذين وفدوا إليها يصورون معالمها التاريخية ومشاهد الحياة اليومية في أسواقها وأزقتها، فكانت هذه الحركة الاستشراقية نافذة أطل منها الحلبيون على فن التصوير.
نذكر في هذا المقام الفنان الفرنسي “لويس كاساس” الذي زار “حلب” في العام 1785 وصور خلالها بعض معالمها في المجلد الأول من كتابه التي يقول فيه: المجلد الأول يتضمن مناظر “الإسكندرونة” وأطلال “إنطاكية” ومناظر “حلب” الرئيسية.
كما صور الرسام “درموند” “قلعة حلب” في العام 1747 أثناء زيارته لها وفي العام 1857 نشرت إحدى الصحف الفرنسية صورة لحلب من جهة “باب قنسرين” تبدو من خلالها القلعة والجامع الكبير ومعظم المساجد في
لوحة قلعة حلب لألبير بوخة |
أحياء “حلب” القديمة، لقد صُورت معظم هذه المشاهد بالغرافيك وهي تدل على افتتان المستشرقين بمعالم هذه المدينة وسحرها.
بيد أن صالة الفن الحديث بمتحف “حلب” تضم ثلاث لوحات كبيرة نُفذت بالألوان الزيتية تمثل إحداها منظراً عاماً لمدينة “حلب” وتمثل الثانية مشهداً من أحد أسواق “حلب” القديمة بينما تصور الثالثة الجامع الكبير بمنارته المتميزة، ولكن دون الإشارة إلى اسم الذي رسمها وأغلب الظن بأنها لأحد الفنانين الفرنسيين الذين وفدوا إلى “حلب” في عهد الانتداب الفرنسي على “سورية”».