لغة الصورة علينا إدراكها.
قراءة تحليلية لعمل الفنان Mohamed Gamal
كي نفهم الصورة الضوئية لابد لنا من إدراك لغة خطابها والمقدرة على تحليله لنصل الى مغزى الرسالة والفكرة المرسلة والسرد الضوئي حينها نعيش مع مساحات العمل الفني ونحن نشعر بالمتعة التي تفتح امامنا أفق أخر من الإدراك الجمالي. فالصورة لا نستطيع ان نطلق عليها عملية (التشريح)، فالتشريح هو أخذ كل عضو بمعزل عن العضو الأخر والصورة ليست كذلك لأنه وبكل بساطة كل مساحة تقوم بما يجاورها ويساندها ومن مجموع ذلك يكتمل المد الضوئي دون عزله. كما اننا لن نطلق كلمة (خلطة) على العمل الفني لان الخلط يتكون من عدة مواد مجموعها يسمى خلطة والصورة هي وحدة واحدة لا تتجزأ ولا تتنوع فلها ذات واحدة معبرة عن مكنونها وجوهرها.
إذا نخلص بالقول إن العمل الفني مهما كان نوعه تشكيلي او ضوئي (ثابت أو متحرك) هو عبارة عن روح واحدة لا تتجزأ وكل ما فيه يعبر عن ذاتية الحدث وأهمية الموضوع.
من بعد هذه المقدمة ولغرض فهم روح العمل الماثل أمامكم يجب علينا إدراك مساحاته ومعاضدة بعضها للبعض الأخر. العمل ينتمي لمحور حياة الشارع او تصوير الشارع ( (Street Photography وهذا المحور يعتمد على التكوين عموما والهندسي منه بالخصوص، شريطة أن يحمل قصة ويدفع بالموضوع نحو الأفضل بإرساليته ويخدم الهدف أو العنصر ويعزز من فحواه وقيمته الجمالية.
على ماذا يحتوي العمل؟
تنقسم مساحات العمل الى ثلاث مناطق الاولى منها وحسب المسح العيني من اليمين الى اليسار مكون من مثلثات غامقة ورأس مثلث يتجه الى خارج الأطار اعلى الفريم مشعرا جهة خروج العنصر بدليل أتجاه سيره اليه. المثلثان مهدت لتأطير الثقل الأكبر وتعزيزه وفرزه من خلال الثقل اللوني بين المساحات الغامقة والفاتحة والتي اعطت أحساسآ بالتوازن الغير تقليدي أو توازنا ديناميكيا كي يتوجه له النظر مباشرة كما ان المثلث رقم واحد يحيل القارئ ويسيره الى الاعمدة وظلها المنعكس والذي كون بمجموعه شبه مثلثات دلالية تؤشر للقيمة العليا في العمل وهنا تناغم مساحاتي فكل جزء يحيلك للأخر كي تستشف منه معنى أخر لا يعدل بك عن أصل الفكرة. ثم نتحول الى منطقة منتصف العمل نجدها رسمت لنا مربعين الأول احتوى العنصر البشري والثاني وجهنا لمكان خروجه مع ابداء المساعدة من المثلث رقم 2 الموحى لجهة قدوم العنصر البشري وهو تماهي بين الاتجاهات لتقول من هنا جاء ومن هناك سيخرج.
ونتجول في المنطقة الثالثة والأخيرة من القصة البصرية نجد ان المثلث رقم 33 كان دوره بتوجيه البصر من خلال رأس مثلثه لبطل القصة واضفاء تكوين تأطيري عددي فيه يكون عدد المثلثات فردي وهي دلالة تكوينية ذات قوة وهيبة وأريحية بصرية. ونكمل المسير نرى تكوين حرف ( S) وهو من التكوينات الجمالية والقوية في الصورة الفوتوغرافية خصوصا في الطرقات والشال بالنسبة للمرأة وهو من الخطوط المنحنية التي تعطي إحساسا بالحركة الهادئة حيث يقلل من حركة سرعة العين ويوحي بالتمهل وإمعان النظر فيستغرق مدة أطول. ونستمر بالمسير نجد أن الأعمدة وظلالها شكلت لنا عدد من المثلثات لمتماثلة ذات تكرار زانت العمل وهذ الأمر متأتي من عدة عوامل أخرى خارجة عن فضاء العمل ومساحاته وتنسب الى الزاوية العليا (عين الطائر) واتجاه مصدر الإضاءة المائل والذي قاد اليه رأس سهم المربع رقم 4 نأتي الى العنصر الذي كان في خدمته كل المساحات هو العنصر البشري وحسب مفهوم الاتزان في الصورة الضوئية يكون العنصر البشري أثقل من غيره فإذا كان متحركا يكون الوزن أكثر ثقلاً لأنه يعطي ديناميكية للصورة ويبعث فيها الحياة والروح فهو يشعر بالاستمرارية والوصول.
اشكر الفنان محمد جمال على عمله السردي التي أمتعنا بكل تفاصيله.
سأترك الحديث حول معاني الاشكال الهندسية لمقال أخر حرصاً من الإطالة.
حسين نجم السماوي
المصدر ” صفحة اتحاد المصورين العرب “