المصور الضوئي “وائل الضابط”: «غايتي مكاشفة المجهول في المشهد وملامسته للمخبوء في ذاكرة المتأمل» ـ دمشق ـ علاء الجمّال
أعماله تسعى إلى التحرر من القيود والانتماءات
“وائل الضابط” لـ فن التصوير :
غايتي مكاشفة المجهول في المشهد وملامسته للمخبوء في ذاكرة المتأمّل
أعمالي فضاءات مفتوحة للبحث والسؤال
دمشق ـ المفتاح ـ علاء الجمّال
“وائل محمود الضابط” مصور فوتوغرافي مغترب، أجرى أبحاثه ودراساته حول التصوير أثناء تجواله بين “أميركا وأوروبا والشرق الأوسط… وعرف بحكمة اختياره للمشهد الإنساني الذي يرمي إلى أبعاد حسية معينة… فتستوحي مع كل عمل له فلسفة إنسانية تنطوي على حسّه الإبداعي في تحديد المشهد وإعادة صياغته بلغة الضوء أو التجريد أو تردد الظل.
موقع “المفتاح” بحث في تداخلات المشهد الإنساني عبر عوالم هذا المبدع، وكان معه الحوار التالي:
* هل لك في البداية أن توضح أسلوبك الجديد في اختيار المشهد الإنساني وإعادة صياغته بلغة الصورة الضوئية؟
** زرت أثناء اغترابي أماكن مختلفة من العالم، كأميركا وأوروبا والشرق الأوسط… وجذبني خلال معايشتي لأجوائها حالات إنسانية وطبيعة رائعة، إضافة إلى بعض الأبنية المعمارية التي أثارت في داخلي الدهشة والاستغراب، واستخدمت لإعادة صياغة هذه المشاهد فوتوغرافياً كاميرا حديثة ،وكنت متنقلاً بها من مكان إلى آخر جاعلاً عدستها مفتوحة طوال الوقت… توثق حركات الناس والمشاهدات التي أمرّ بها، حيث أنني أعمد في تقنية كل صورة إلى أن أخرج المشهد بأسلوب تجريدي تشكيلي، معتمداً على بعض الفرضيات، مثل فرضية الومضات الضوئية المتداخلة، وتردد الظل، وتجريد الشخوص بلغة الضوء. أما غايتي من هذا الأسلوب ترجمة أحاسيسي وتطلعاتي للحياة.
* كيف تنظر إلى تقنية التجريد في الصورة الضوئية الحديثة، وكونك نهجت هذا المسار من التصوير، هل لك أن توضح الغاية التي ترمي إليها في كل مشهد تختاره؟
** التجريد المدروس بشكل تقني صحيح في الصورة الضوئية المعاصرة، يلغي الزمان والمكان ويغيب المعالم الأساسية في شكل الوجوه والشخصيات، وبالتالي يمنح الحالة الإنسانية المأخوذة في المشهد الفوتوغرافي غموضاً جميلاً، مبدأه فكرة تردد الظل والسطوع في المساحة الضوئية، وأعتقد أن ذلك يقدم غنىً في الرؤية الجمالية لدى المتأمل كونه يقف أمام فكر جديد في عالم الفوتوغراف من حيث تشكيل الصورة وتقنية التصوير، وهذا يشعره بالمتعة ويخلق في ذهنه التساؤل حول حقيقة الشخوص التي يراها… متلهفاً لمعرفة بيئتها وانتماءاتها وعرقها؟ كذلك السؤال عن الصورة نفسها، كيف أخذت وأين؟
بمجرد أن يطرح المتلقي تلك التساؤلات… أكون فعلاً قد لامست داخله بعمق الغاية التي رصدتها في مشهدي الضوئي، التي بدورها تحرك خياله نحو كشف ذاك المجهول البصري في الصورة، ومع الانتقال إلى مشاهد أخرى تتكون في ذاكرته مجموعة صور عائدة في حقيقتها إلى خياله الباطن، فتوحي له بحقيقة تلك المشاهد والشخصيات والبيئة المكانية التي تعود إليها، وهنا بالتحديد الغاية التي أرمي إليها من اختياري للغة التجريد في الصورة الفوتوغرافية الحديثة، وبعض أعمالي ليست محدودة بمكان أو زمان، ولا تتصف بصبغة محددة، ولا مقيدة بشخوص ما… بل إنها فضاءات مفتوحة للتساؤل والبحث، والعودة إلى مكنونات الذاكرة.
أبعاد حسّية نموذجية في عمله الضوئي
* تنوعك في الجغرافيا ومعايشتك للكثير من الحضارات الغربية والشرقية، ماذا أضاف إلى مشروعك الضوئي؟
** إن تنوعي بالجغرافيا ومعايشتي للكثير من الحضارات الغربية والشرقية أعطى لمشروعي الضوئي قوة تأثيرية على النفس، وجعل له هوية بصرية توحي للمتأمل بفلسفتي في اختيار المشهد البصري، وتوظيف الضوء والظل لإحداث التناغم بين عنصر اللون والسطوع والشكل التجريدي فيه، بحيث أستطيع أن أخلق حواراً فكرياً مفتوحاً بيني وبينه، فينقل بدوره ما اختزنه من فهمه لأعمالي إلى المجتمع، والتميز الذي حظيت به كوني قدمت رؤية مختلفة في فهم وتحديد أبعاد الصورة الضوئية.
* ماذا عن حقيقة الإنسان في عملك الضوئي؟
** الإنسان حقيقة لا تتجزأ اختلافه فقط بالعرق والانتماء والمفارقات الحياتية، ولكنه في النهاية يعود إلى معطيات العدل والرضا والسعادة… ومتعتي كمصور ضوئي أن أرصد تلك الاختلافات والمعطيات… وأحولها بلغة الضوء إلى فكر نوعي، يقوم على مبدأ التجدد، فلا يقف المشهد عند زمان أو مكان ما، ولا ينحاز إلى قيود طائفية أو عرقية، وإنما يسعى ليأخذ دوره ويصل إلى الجميع.
* الصورة الضوئية في مشروعك الجديد، هل ستأخذ نفس الأبعاد التي عملت عليها سابقاً؟
** قد تحمل الصورة الضوئية في مشروعي الجديد نفس الأبعاد التي تحدثت عنها… ولكني هذه المرة سأبتعد قليلاً عن كثافة التجريد وتردد الظل، سأعمل على رصد حالات إنسانية وطبيعية شديدة التعبير، تكون في مرحلتها الأولى دراسة بصرية لدلالة المشهد الواقعي، كأن ترى زهرة غريبة الشكل أو طائراً نادراً أو نحتاً نموذجياً في الصخور أو تواجداً إنسانياً في الطبيعة مندرجاً تحت حالة تأثيرية ما، وفي مرحلتها الثانية تكون امتداداً لتجاربي السابقة وإنما خياري في أخراج الصورة الواقعية سيأخذ اختلافاً.
* ماذا عن المعاني الإنسانية التي قدمتها إليك تجربتك الفوتوغرافية بالأبيض والأسود؟
** كان ذلك في معرضي الشخصي “ترحال” قدمت فيه مجموعة من الصور الضوئية بالأبيض والأسود، عملت فيها على توثيق الأماكن التي زرتها، وهذا المعرض تحديداً حمل سمات روحية ونفسية خاصة ستبقى في ذاكرتي ما حييت، ومنه أختار عملاً أسميته: “المسنة وشجرة الزيتون” كونه يمس داخلي بعمق ويحمل معاني إنسانية متجددة.
مشاهد راقصة مع الضوء
وبعد السؤال… أبدت الفنانة التشكيلية “لينا سلمون” رأياً حول أعمال “الضابط”، قالت فيه: «يتعمّد المصور الضوئي “وائل الضابط” في عمله الفوتوغرافي الجديد إثبات رؤية إبداعية مغايرة للمألوف، غرضها الأساسي التحرر من أعباء القيود والانتماءات، وتأكيد فكرة الإنسان والثوابت الإنسانية التي نشأنا معها، وأعماله المجسدة لهذا المضمون اتسمت بقوة تأثيرها الحسي كذلك بوميضها اللوني الحركي، فبدا المشهد فيها كما لو أنه راقصاً مع الضوء لا بل مُحاوراً للمجهول الذي يريدنا “الضابط” ملامسته واكتشافه».
يذكر أن المصور “وائل الضابط” من مواليد مدينة “طرطوس” عام 1966, درس العلوم الهندسية في جامعة “سيتي كوليج ـ نيويورك”، وله عدة معارض شخصية ومشتركة.
ـــــــــــــــــ
** مختارات من أعماله:
* حالات إنسانية بلغة التجريد الضوئي وتردد الظل
* المصور الضوئي “وائل الضابط”
* زهرة من الطبيعة
* المسنة وشجرة الزيتون
المصور الضوئي “وائل الضابط”: «غايتي مكاشفة المجهول في المشهد وملامسته للمخبوء في ذاكرة المتأمل» ـ دمشق ـ علاء الجمّال
الموضوع الأصلي: المصور الضوئي “وائل الضابط”: «غايتي مكاشفة المجهول في المشهد وملامسته للمخبوء في ذاكرة المتأمل» ـ دمشق ـ علاء الجمّال || الكاتب: الصحفي علاء الجمّال || المصدر: منتدى المفتاح
http://www.almoofta7.com/vb/
كلمات البحث
عام ، ثقافي ، فن ، تصوير ، لوحات
المصدر: منتديات المفتاح – من قسم: مصور الشهر