بعد مقتل إيلاغابال نودي بإبن خالته ألكسندروس سيفيروس الذي وُلِدَ سنة 205 م وكانت والدته جوليا ماميا من الشهيرات بعلوّ المدارك والثقافة الأدبية . وأحبّه الجند كثيراً وبدأ بإصلاح ما أورثه أسلافه من الخلل مُستعيناً برأي جدّته جوليا ميسا ووالدته جوليا ماميا وعيّن يوليوس باولوس الفقيه بالحقوق رئيساً لحرسه الملكي بطلب من والدته وأقام ديواناً للمشورة مكوّناً من 16 عضواً اختارهم من خيرة الرجال .وأقام مجلساً بلدياً لروما يتكوًن من 14 عضواً ، كما رفع شأن المرأة إلى المستوى اللاّئق بها فأقام ندوة للنساء ترأستها جدّته ثم أمّه وأعطاهن سلطة واسعة في تهذيب كل امرأة تتجاوز حدود اللياقة ، وأكثرَ الضرائب على الصاغة ليقلّل أسباب الترف وحارب المُرابين وأحبّ جنده كثيراً . وكان مقتصداً في معيشته ولبسه ، وكتب على باب قصره :
وفي سنة 231 م دفع الغرور ملك الفُرْس لمحاربة روما فجهّز الإمبراطور حملة لمحاربته ورافقته أمّه في هذه الحملة ، ويظهر من خطبته التي ألقاها في 19 إيلول سنة 233 م إنه انتصرَ على الفرس واستردَ كل البلاد الواقعة ما بين النهرين وغنِمَ غنائم وافرة . ثم بلغه أن الجرمانيين ثاروا واتّجهوا إلى فرنسا فسار بجيشه إليهم تصحبه أمّه أيضاً وخيَّم على الرّين وسعى إلى استرضائهم بالمال لتجنّب نكبات الحرب ، لكن أحد قوّاد الجيش ويُدعى مكسيمنوس Maximenus رفض هذا التصرّف وقال إن الأموال من حق الجنود وانصاع الحنود إليه ونادوا به إمبراطوراً وساروا إلى خيمة الكسندروس وقتلوه وأمّه في 19 آذار سنة 235 م . كانت فترة الأباطرة الحمصيين التي دامت نحو 42 سنة مع نسائهم حيث كن ّاليد القوية في مساندتهم بإدارة الحكم لما يتمتّعن به من ثقافة وأدب وحكمة لاسيما جوليا دومنا ذات أثر كبير لحمص وتخليداً لذكراها فقد أصدر مجلس مدينة حمص قراراً بتسمية إحدى الشوارع الرئيسية في حي حمص الجديدة ( الوعر ) بإسمها . وفي عهد الأباطرة بلغ العمران في المنطقة درجة عالية حيث بُنِيَ في هذه الحقبة أكثر من مئة مدينة في مسافة لاتزيد عن 180 كم على ضفاف العاصي وعرف سكان هذه المدن كيف يستغلّون مياه نهرهم العظيم( أورانتيس) العاصي . ولما ارتقى العمل الزراعي بحمص وازداد إنتاج الحاصلات الزراعية اقتضى الأمر إيجاد أسواق لها خارج المنطقة فأقام تجّارها لأعمالهم مراكز في معظم مدن أوروبا لتصريف إنتاجهم ومما ساعدهم على ذلك إقامة الطرق حيث وجد الأثريون أثراً واضحاً للطريق الرومانية الممتدّة من ميماس حمص حتى مصياف وبعدها يتّجه نحو تل سلحب مجتازاً جسر العشارنة إلى قلعة المضيق في سهل الغاب ويُرَجِّح بعضهم إنه يصل إلى أنطاكيا فالقسطنطينية ( اسطنبول حالياً ) كما بنوا عند كل 8 كم من الطريق محطة للبريد فيها 40 فارساً لنقله ليلاً ونهاراً فكان البريد يقطع في اليوم نحو150 كم . وأخيراً أفلا يحقّ لحمص أن تفخر بأسرة الأباطرة السيفيريين . 24/2/2007 المهندس جورج فارس رباحية المراجــــع : ـ تاريخ حمص الجزء1 : الخوري عيسى أسعد 1939 ـ سورية تحكم روما : الأب د. متري أثناسيو 2001 ـ نشرات وزارة السياحة ـ المنجد في اللغة والأعلام 1973