السبت، 15 أكتوبر، 2016
التصوير الشمسي – 14 – أحمد المفتي
وصوّرنا يا زمن…
المبشّرون بلباس الحجّاج -جــــ-
اقتدى الفرنسيون بما فعله باين المصوّر والقساوسة الأمريكان فأصدروا منذ عام 1896 نشرات فوتوغرافية شهرية تضمّ كلّ منها اثنتي عشرة صورة مطبوعة تحت عنوان “الأرض المقدّسة” La Trre Sainte وكانت هذه النشرات بمثابة دليل للحجاج، مركّزة على نشاطات المؤسسات الفرنسية الكاثوليكية في الأرض المقدّسة.
يقول الأب أوجين بوسار Eugene Bossard في مقدمته لهذه النشرات:
“منذ العام 1882 وآلاف الحجاج يتدفقون على الأرض المقدّسة سنوياً، وقدّر عددهم بألفي حاج سنة 1882،
وكانوا يتجولون في قوافل لم تشهد لها المنطقة مثيلاً منذ الحملات الصليبية”. ويشير أيضاً إلى أنّ المنطقة تعيش تحوّلات عظيمة، حيث بدأت الطرقات والسكك الحديدية عملها، ويضيف أنّه لهذا السبب أخذ على عاتقه نشر الصور الفوتوغرافية للأراضي التي زارها نابليون.
وهي الأماكن التي أصبحت هذه الصور الشاهد الوحيد لها. ويختتم الأب أوجين كلامه بالقول “إنّ التصوير الفوتوغرافي نجح في تثبيت مشاهد الآثار والأزياء والعادات”، قائلاً أنّه يشعر بالسعادة الغامرة لأنه يقدّم إلى جمهور القرّاء كتاباً سيضفي على قلوبهم مزيداً من الإيمان والوطنية. وينهي كلامه بقوله: “إنّ الأرض المقدّسة في الواقع ليست أرضاً غريبةً بالنسبة إلى أيّ مسيحي، وينهي كلامه بقوله: “إنّ الأرض المقدّسة في الواقع ليست أرضاً غريبةً بالنسبة إلى أيّ مسيحي، إنّها أرض الآباء والأجداد… إنّها وطننا”…
يتضمّن الكتاب 238 صورة. التقطت معظمها مؤسسة بونفيس والأخوين قسطنطين وجورج زنجاكي Costantin & George Zangaki، من بينها إحدى عشرة صورة لدمشق، ورافق الصور شروح توضيحية تعطي الانطباع بأنّ المنطقة واقعة تماماً تحت النفوذ الفرنسي الكاثوليكي.
وفي العام 1882 زار رجل دين فرنسي آخر هو الأب أنطوان رابواسون Antoine Raboisson مصر وسورية والتقط مجموعة من الصور نشرت في كتاب من مجلّدين بعنوان “في المشرق” En Orient والصور من لقطاته ومن لقطات مؤسسة بونفيس أيضاً. المعلومات عن رابواسون ضئيلة، لكنّه من المعروف أنّه كان عضواً في الجمعية الفرنسية للتصوير ما بين 1884 – 1894. يروي رابواسون حادثة جرت معه أثناء التقاطه صور الجامع الأموي، فيقول: لقد طلب منّي الشيخ المشرف على الجامع مبلغاً كبيراً لقاء التقاط بعض الصور،
ولـمّا كان الاتفاق بيني وبين شركة توماس كوك السياحية لا تشير إلى دفع المال لقاء التصوير فكنت أرفض دفع أيّ مبلغ… واحتال رابواسون على الشيخ، فأرسل قوّاص القنصلية الفرنسية ليفاوضه على المبلغ، ونصب كمرته والتقط الصورة، وبعد مرور 12 دقيقة كانت الصورة قد التقطت وعاد القوّاص فغطى الكمرة بقطعة قماش وخرج دون علمهم بذلك، وكان المبلغ الذي طلبه الشيخ المشرف /500/ فرنك فرنسي، وهو مبلغ كبير في ذلك الزمن…
كما نشطت في تلك الآونة أيضاً بعض البعثات اليسوعية التبشيرية في حقل التصوير الفوتوغرافي، والتقط بعض أفرادها صوراً لدمشق من خلال بحثهم الآثاري، فظهرت صور لميشيل جوليان Michel Julien في كتاب سورية المسيحية، وكذلك نشط هنري لامانس Henri Lammens 1862 – 1937 وكان غزير الإنتاج والتقط صوراً لدمشق وفلسطين ومواقع مختلفة من الأراضي المقدّسة.
ومن الرهبان اليسوعيين الذين نشطوا في تصوير دمشق كان أنطوان بوادوبار Antoine Poidebard 1878 – 1955 الرائد في التصوير الفوتوغرافي الجوّي، ورينيه موتيردRene Mouterde 1880 – 1961 الذي امتلك أضخم مجموعة فوتوغرافية ضمّت الموضوعات الآثارية في سورية.
مرسلة بواسطة Ahmad Al Mufti