الهندسة المعمارية للأزهر ترتبط ارتباطاً وثيقا بتاريخ القاهرة. واستخدمت مواد مأخوذة من فترات متعددة من التاريخ المصري، من “قدماء المصريين”، من خلال القاعدة اليونانية والرومانية، إلى الحقبة المسيحية القبطية، في بنية المسجد المبكر، والتي استفادت من الهياكل الأخرى الفاطمية في أفريقية، [113] وفي وقت لاحق من اضافات الحكام الذي تعاقبوا على مصر، وبالمثل تظهر تأثيرات من داخل وخارج مصر على حد سواء. أقسام المعرض المسجد العديدد من هذه التأثيرات مزجها معا في حين أن البعض الآخر مصدر إلهام واحد، مثل القباب من الفترة العثمانية والمآذن التي بناها المماليك.[114]
بني المسجد في البداية على شكل قاعة للصلاة مع خمسة ممرات وفناء مركزي متواضع، ومنذ ذلك الحين تم توسيع المسجد عدة مرات مع منشآت إضافية محيطة تماما بالهيكل الأصلي، [115] شكل العديد من حكام مصر في الفن والهندسة المعمارية للأزهر، من المآذن أضيفت من قبل المماليك، وبوابات المضافة أثناء الحكم العثماني للتجديدات الأخيرة مثل تركيب المحراب الجديد،[116] كما أن بعض من المآذن أو القباب الأصلية قد نجا، مع بعض المآذن الحالية التيي قد أعيد بناؤها عدة مرات.[29][117]
العهد الفاطمي
كانت تبعيات المسجد محاطة بالكامل واستخدمت على مر الزمن، [115] كان الهيكل الأصلي 280 أقدام (85 متر) في الطول و227 قدم (69 م) عرض[29]، ويتألف من ثلاثة أروقة معمدة تقع حول فناء، [18] في جهة الجنوب الشرقي من الفناء، بنيت قاعة الصلاة الأصلية على هيئة بهو معمد، مع خمسة ممرات عميقة،[48][118] بقياس 260 قدم (79 م) طول و75 قدم (23 م) عرض، وكان جدار القبلة منحرف قليلاً عن الزاوية الصحيحة،[116] وتم إعادة استخدامها الأعمدةة الرخامية لدعم الأروقة الأربعة التي تؤدي لقاعة الصلاة من مواقع موجودة في أوقات مختلفة في التاريخ المصري، من العصور الفرعونية من خلال الحكم الروماني لهيمنة القبطية،[116][119] التي أدت إلى ارتفاعات مختلفة من مستوىى الأعمدة باستخدام قواعد متفاوتة السماكة، [116] كما تظهر التأثيرات الخارجية الجص من العمارة العباسية والقبطية والبيزنطية.[120]
وقد بني في النهاية ما مجموعه ثلاث قباب، وهي سمة مشتركة بين أوائل المساجد في شمال أفريقيا، على الرغم من أن أيا منها قد نجا خلال التجديدات التي لحقت بالأزهر،[120][121] وسجل المؤرخ المقريزي أنه في القبة الأصلية التي بناها الصقلي كتب فيها[122]:
وقد لقي الصقلي رعاية شرفية من المعز، وقد عينه، “سكرتيره الخاص” ويعتبر الصقلي أول شخص يحصل على منصب سكرتيرة قبل أن يصبح منصب عام.[123]
المحراب الأصلي، كشف عنه في عام 1933، لديه شبه قبة فوقه مع عمود من الرخام في كل جانب،[124] وقد كانت الزخارف الجصية المعقدة سمة بارزة في المسجد، فقد كانت كل الجدران والمحراب مزينة بالنقوش،[25] وقد كتب على المحراب مجموعتين من الآيات من القرآن المدرجة في قوقعته، والتي لا تزال سليمة، أول مجموعة من الآيات هي ثلاثة أيات من سورة المؤمنون:
تم إضافة الساحة المركزية المعبدة من رخام بين 1009 و1010، [125] وتم أيضا إضافة الممرات التي تحيط الفناء لها عارضة مقوسة الشكل مع نقوش الجصية. وقد بنيت الأقواس في عهد الحافظ لدين الله من الحلي والجص،[126] وقد تم إعادة بنائها في عام 1891 باستخدم نوعان من الحلي، [126] يظهر أعلى مركز القوس الأول ويتكون من رونديل غارق والفصوص الأربعة والعشرين. وتمت إضافة زمرة دائرية من زخارف نباتية في عام 1893، أما زخرفة الثانية المستخدمة، التي هي ما بين كل قوس، تتكون من منافذ ضحلة تحت غطاء مخدد تشكل سقف أعمدة متشاركة، والتي تحيط بها مجموعة من الكتابات القرآنية بالخط الكوفي. تم إضافة النصوص القرآنية بعد حكم الحافظ خلال الفترة الفاطمية،[126] وتصدرت الجدران على شكل نجمة مع زينة للشرفة على ثلاث مستويات،[126] الممر الجنوبي الشرقي من فناء يحتوي على المدخل الرئيسي إلى قاعة الصلاة. بوابة تأطير الفارسي، التي قوس مركزها لها ممر مستطيل تفتح إلىى قاعة الصلاة.[126]
تم تركيب باب خشبي جديد ومحراب خشبي جديد في عهد الحاكم بأمر الله في 1009، [127]. وفي سنة 1125، شيدت قبة إضافية في عهد الحافظ لدين الله، بالإضافة إلى ذلك، فقد أمر بإنشاء ممر الرابع حول الفناء، أما الشرفة فقد بنيت على الطرف الغربي من الصحن.[120][128]
الإضافات المملوكية
تم تعين صلاح الدين في البداية وزيرا من طرف أخر الخلفاء الفاطميين العاضد لدين الله (الذي كان يثق بصلاح الدين ولا يمكن أن يتلاعب به بسهولة)، وانهارت الدولة الفاطمية خلال عهد صلاح الدين الأيوبي وسلالته، وقام صلاح الدين الأيوبي في مصر، بالتحالف مع الخلافة العباسية السنية في بغداد،[129] ولعدم ثقته بالأزهر الشيعي تاريخا، خسر المسجد هيبته أثناء فترة حكم صلاح الدين،[31] ومع ذلك، استعاد المسجد هيبته خلال فترة المماليك الذي قاموا بسللةة من الترميمات والإضافات للمسجد، والإشراف على التوسع السريع في برامجه التعليمية، [130] ومن بين الترميمات التي قام بها المماليك تعديل المحراب، مع تركيب الرخام الملون لواجهته.[116]
في عام 1339، تم بناء قبة ومئذنة لتغطية المدرسة الأقبغاوية، التي تحتوي على قبر أمير أقبغا عبد الواحد،[131] وتعود تسمية المدرسة الأقبغاوية لمؤسسها، أقبغا عبد الواحد، لتكون مسجدا قائمة بذاته ومدرسة، وقد أصبحت المدرسة متكاملة مع بقية المسجد،[115] أما: المدخل، جدار القبلة، والفسيفساء والزجاج في المحراب مع القبة الأصلية يرجع تاريخها إلى الفترة العثمانية.[131]
في عام 1440، بنيت المدرسة الجوهرية يحتوي على قبر الأمير جوهر القنقبائي،[132] الذي كان يشغل منصب الخازندار (المشرف على خزائن الأموال السلطانية) أثناء حكم السلطان المملوكي الأشرف سيف الدين برسباي،[131][133] وكانت أرضية المدرسة من الرخام، والجدران تصطف مع الخزائن، وتم تزيين المطعمة مع خشب الأبنوس والعاج والصدف، وتم تغطية حجرة قبر بواسطة قبة صغيرة مزخرفة.[131]
المدرسة الطيبرسية
- مقالة مفصلة: المدرسة الطيبرسية
وفي عام 1309، تم بناء المدرسة الطيبرسية، التي تحتوي على قبر الأمير علاء الدين طيبرس، [131][132][134] وقد بنيت أصلا لتعمل كمسجد مكمل للالأزهر ومنذ ذلك الحين تم دمجها مع بقية المسجد، [40] وتمت دراسة المذاهب المالكية والشافعية في هذه المدرسة،[40] وتستخدم المدرسة الآن للاحتفاظ بالمخطوطات من المكتبة.[40]
ذكر المقريزي أن المدرسة كانت تستخدم فقط لدراسة المذهب الشافعي، في حين أن مؤرخ عن ابن دقماق أن واحدا من إيوانات المدرسة كان لتعاليم الشافعي حين أن الآخر كان لتعاليم المالكي.[135]
أعيد بناء المدرسة بالكامل في عهد عبد الرحمن كتخدا، ولم يتبقى سوى الجدار الجنوبي الشرقي والمحراب القطع الوحيدة الأصلية الباقية من عهد الأمير علاء الدين طيبرس، [131] والمحراب هو بقياس 1.13 متر عرض و76 سم في العمق. وعلى كل جانب من المحراب يقف عمود من الحجر السماقي بارتفاع 2.78 متر (9.1 قدم). وتوجد فوق الأعمدة رسمات مزخرفة بأشكال هندسية ملونة،[135] وتم إضافة نصف قبة في أعلى المحراب داخل القوس الخارجي، ويحيطط بهذا إطار خارجي مستطيل، ويعتبر هذا المحراب الأول في مصر الذي استخدم هذا النوع من الإطار، [136] وقد وصفه المؤرخ كريزويل (المحراب) بأنه “واحدة من أرقى التحف المعمارية في القاهرة.”[135]
مئذنة قايتباي
بنيت في عام 1483،وهي على شكل عمود أسطواني ينقسمين إلى جزئين مثمنين، ومئذنة قايتباي تتكون من ثلاث شرفات، تدعمها مقرنصات،[137] وشكل سقفها معقود الهوابط الذي يوفر الانتقال السلس من سطح مستو لمنحني واحد،[138] (وسجل أول استخدام له في مصر في 1085)،[139] الجزء الأول مثمن، زين بلوحات عارضة مقوسة من كل جانب، مع مجموعة من ثلاثة أعمدة لتفصل كل لوحة،[137] أما الجزء الثاني وهو أيضا مثمن تم فصله عن الأول بشرفةة زينت بضفر، [137] الشرفة الثانية تفصل هذا الجزء مع جزء أسطواني في نهاية المئذنة، وزينت بأربعة أقواس. فوق هذا توجد الشرفة الثالثة،التي توجد في أعلى جزء من المئذنة.[137]
ويعتقد أن المئذنة أقيمت في منطقة من مئذنة الطوب الفاطمية في عهد سابق، التي أعيد بناؤها عدة مرات. الحسابات المعاصرة تشير إلى أن المئذنة الفاطمية كان يها عيوب عند بنائها، ويلزم إعادة بنائها عدة مرات، [117] بما في ذلك مرة واحدة تحت إشراف صدر الدين الأذرعي الدمشقي الحنفي، وهو قاضي القضاة خلال فترة حكم “السلطان بيبرس“،[113] وقد تم إعادة بنائها مرة أخرى خلال عهد برقوق في 1397، وقد بدأت المئذنة تميل بزاوية خطرة، وأعيد بناؤها في عام 1414 بأمر من تاج الدين الشاوباكي، والي ومحتسب القاهرة، وبنيت مئذنة قايتباي في موقعها اليوم، كجزء من إعادة بناء مدخل المسجد في عام 1432.[117]
باب الجندي
مباشرة عبر فناء مدخل باب المزينين نجد باب الجندي (باب قايتباي)، الذي يؤدي بدوره إلى الباحة الرئيسية من قاعة الصلاة، وقد بني عام 1495.[116]
مئذنة الغوري
وقد بنيت المئذنة مزدوجة الرؤوس في عام 1509 في عهد قنصوة الغوري،[116][140] وتقع على قاعدة مربعة، الجزء الأول منها مثمن، وقد قوست جوانبه الأربعة بعارضات زخرفية، وتم فصل عن جوانبه المتجاورين بعمودين،[137] أما الجزء الثاني، تم فصله عن الاول بشرفات مكعبه تدعمه مقرنصات، كما أنه أيضا مثمن زين بالقيشاني الأزرق، ويتكون المستوى الثالث من اثنين من اعمدة مستطيلة مع الأقواس على شكل حدوة حصان على كل جانب منها توجد مهاوي. ويعلو الجزء الثالث مربع يحمل إثنان من رؤوس كمثرية الشكل تحمل كل منها هلالاً نحاسياً.[137]
التجديدات العثمانية والإضافات
قدمت عدة إضافات وترميمات خلال عهد الخلافة العثمانية في مصر، وتم إنجاز الكثير منها تحت إشراف عبد الرحمن كتخدا الذي ضاعف تقريبا حجم المسجد،[141] وأضاف ثلاث بوابات وهي[48]:
- باب المزينين، الذي أصبح المدخل الرئيسي للمسجد،
- باب الشربة
- باب الصعايدة
وأضاف كتخدا عدة أروقة، بما في ذلك واحدة للطلاب المكفوفين من الأزهر، فضلا عن تجديده خلال الفترة العثمانية، [49] وأضاف كتخدا أيضا قاعة صلاة إضافية جنوب القاعة الفاطمية الأصلية، مع محراب إضافي، لمضاعفة مساحة قاعة الصلاة الإجمالية.[49][141]
باب المزينين
- مقالة مفصلة: باب المزينين
هو أكبر وأهم الأبواب الثمانية للجامع الأزهر وهو المدخل الرئيسى للجامع ، سبب تسميته بهذا الأسم أن المزينين كانو يجلسون أمامه من أجل حلق روؤس المجاورين،[47] وهو نموذج للعمارة العثمانية في القاهرة،[115] ويعود الفضل لبنائه لعبد الرحمن كتخدا عام 1753.[142][143]
مئذنة قائمة بذاتها، بناها كتخدا، وقفت في الأصل خارج البوابة. وقد تم هدم المئذنة قبل افتتاح شارع الأزهر من قبل توفيق باشا خلال جهود التحديث التي وقعت في جميع أنحاء القاهرة.[71]
التخطيط الحالي والهيكل
المدخل الرئيسي الحالي إلى المسجد هو باب المزينين، والذي يؤدي إلى فناء من الرخام الأبيض في الجهة المقابلة من قاعة الصلاة الرئيسية،[115][144] إلى الشمال الشرقي من باب المزينين، نجد الفناء المحيط بواجهة المدرسة الأقبغاويه؛ وفي جنوب غرب نهاية الفناء نجد المدرسة الطيبرسية، [40] ومباشرة عبر الفناء من مدخل باب المزينين نجد باب الجندي (بوابة قايتباي)، الذي بني عام 1495، ويقف فوق مئذنة قايتباي،[115] ومن خلال هذه البوابة نجدد موقع باحة قاعة الصلاة.[116] وقد تم تغيير المحراب مؤخرا إلى رخام عادي مواجه مع نقوش ذهبية.[116]