يعود مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في المملكة العربية السعودية هذا العام بحلّة جديدة، وذلك اعتباراً من 19 مارس 2017 ولغاية 15 أبريل 2017 بمشاركة أكثر من 40000 رأس من الإبل ضمن تظاهرة تراثية ورياضية مرموقة تعتبر الأضخم من نوعها في العالم، وتهدف إلى ربط الأجيال الشابة بالموروث الحضاري في دول الخليج العربي بما يعكس رؤية المملكة العربية السعودية 2030.
وتقوم دارة الملك عبدالعزيز بتنظيم وإدارة المهرجان الذي يقام لاستحضار المفاهيم والدلالات الإنسانية لمتلازمة الإنسان والإبل في شبه الجزيرة العربية والتي تعود لآلاف السنين، ولربط الأجيال الشابة بالثقافة والتراث السعودي والخليجي بشكل عام، ويعتبر المهرجان موروثًا تراثيًا وحضاريًا مهمًا، ويتمتع باهتمام واسع ويتوافد لحضوره أكثر من مليوني زائر من حول العالم، ويستقطب العديد من طبقات المجتمع في الخليج العربي وأعداد كبيرة من مشاهير العالم ونخبة من الرياضيين والمصممين والرسامين الذين يعشقون حياة وثقافة الصحراء.
واتخذت دارة الملك عبدالعزيز إجراءات عدّة لضمان مشاركة سهلة وسلسة ومنظمة لمحبي هذا المهرجان التاريخي، حيث طبّقت للمرة الأولى خدمة التسجيل الإلكتروني بشكل كامل من دون قبول أي تسجيل ورقي، وذلك لفتح المجال لأكبر عدد ممكن من الراغبين بالمشاركة بتسجيل مشاركاتهم براحة ويسر أينما تواجدوا، سواء في المملكة أو في دول مجلس التعاون الخليجي.
وقد انعكست هذه الخطوة على نوعية المسجلين وتوزيعهم الجغرافي، حيث أوضحت الأرقام بعد إغلاق باب التسجيل في 14 يناير 2017، أنّ 75% من المسجلين لم يسبق لهم المشاركة خلال السنوات السابقة، وأما جنسيات المشاركين فكان في مقدمتها السعوديون، فيما مثّل الخليجيون من الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر ما نسبته 20%، وطغى حضور الإبل من فئة المغاتير على الإبل المسجلة.
ونظراً لأهمية المهرجان ومكانته كمتوالية ثقافية متكاملة تعمق من حضور التراث والأصالة في الحراك المعرفي والثقافي السعودي والخليجي، وضعت الدارة شروطاً صارمة لتنظيم المشاركات، فلا يتم قبول المشاركة قبل فحص الإبل من قبل فريق من الأطباء البيطريين من وزارة البيئة والمياه والزراعة في الممكلة، وتتاح المشاركة فقط للإبل المتواجدة داخل أراضي السعودية حتى ولو كان مالكها من سكان دول الخليج العربي، وبعد الفحص الطبي، تقوم الوزارة بمنح الإبل المصرح بمشاركتها في المهرجان شريحة إلكترونية، تتضمن بيانات الإبل، علماً أن هذه الشريحة لا تقتصر فقط على الإبل المشاركة في مسابقات الجمال بل تمنح أيضاً للإبل التي تشارك بالمهرجان بهدف البيع والمزادات والفعاليات التراثية، وذلك بخطوة تهدف لبناء قاعدة معلومات بعدد الإبل وأنواعها وأعمارها في منطقة الخليج العربي، نظراً لأهميتها كمكوّن أساسي للثروة الحيوانية وإحدى المكونات الاقتصادية.
وفي هذا السياق، قال الدكتور حمد بن عبدالعزيز البطيشان، وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة: “إن للترقيم الإلكتروني أهمية كبيرة نحو تحقيق أقصى درجات الرقابة الصحية في المهرجان، الأمر الذي يضمن بيئة صحية عالية الجودة خلال مناسبة تشهد حضوراً مزدحماً وكبيراً ، وإن الوزارة تعمل على فحص وترقيم الإبل بشكل دوري، ولم يتم اكتشاف أي حالة لأمراض معدية لدى الإبل ولله الحمد”.
وتعليقاً على الإعلان عن إطلاق الحلّة الجديدة للمهرجان هذا العام، صرّح الدكتور طلال الطريفي، الناطق الإعلامي الرسمي لمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل: “نتشرف هذا العام برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله للمهرجان، وإن هذه الرعاية سوف تعطي دفعاً لا محدوداً في نفوس المشاركين والزائرين لهذه التظاهرة الفريدة، وقد اتفقت إدارة المهرجان على اختيار العبارة الترويجية “الإبل حضارة” كدلالة اقتصادية وثقافية واجتماعية يمكن من خلال شموليتها وعمقها أن تروّج لمقاصد المهرجان المختلفة وطبعاً على رأسها تعزيز الهوية الوطنية، كون التراث أحد ركائزها المهمة والغنية وتقريب المسافة بين الأجيال، ولكون الإبل استمرت حتى يومنا الحالي رفيقة للسعودين وقاومت كل المتغيرات بمساعدة من الإنسان نفسه، الذي حفظ الود للإبل لدورها في تأمين غذائه وشرابه وصناعاته الضرورية للتكيّف مع البيئة وكونها أيضاً من جانب آخر إحدى ركائب الجيوش في الجزيرة العربية التي استخدمت عبر العصور وكذلك في توحيد المملكة العربية السعودية”.
وأضاف الطريفي: “كما يسرنا الإعلان عن إطلاقنا لأول مرة لأيقونة المهرجان للأطفال وهي عبارة عن شخصية كرتونية ستكون ضمن فعاليات مسرح الطفل، وهي شخصية (حوّير) الذي اختير اسمه من تصغير اسم ولد الناقة، وسوف يكون لهذه الشخصية دور في تجسير العلاقة بين الأطفال والتراث من خلال ورش عمل ومسرح تفاعلي ورسومات معمقة وكتابة القصص والنحت والتشكيل”.
وحول هوية المهرجان الإلكترونية قال الطريفي: “يسعدنا إطلاق الموقع الإلكتروني لمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل www.alaibilfestival.com)) والحساب الرسمي على تويتر @alaibilfestival))، وإن هذه الحسابات تشكل مع غيرها من منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمهرجان صلة الوصل بيننا وبين الجمهور، وتساعد في تعميق التواصل بين المجتمع وفعاليات وأحداث وأخبار المهرجان، وستكون المصدر الموثوق لأخبارنا”.
وحول فعاليات ومبادرات المهرجان الجديدة أضاف الطريفي: “سوف يحفل المهرجان لأول مرة هذا العام بأربع عشرة فعالية ومبادرة، أذكر منها مبادرة ( أدم نعمتك) التي تهدف إلى الرقي بالوعي العام للملاك بعدم الإسراف، والحث على حفظ النعمة من الزوال، وفي هذا الصدد نتعاون في إدارة المهرجان مع عدد من الجمعيات الخيرية المختصة وجمعيات العمل التطوعي والخيري بجمع فوائض الطعام للمحافظة على مبدأ التكافل الاجتماعي، إلى جانب مبادرة ( لا ترم الكيس) التي تسعى لفتح شراكة مع الملاك للمحافظة على البيئة من منطلق ديني واقتصادي واجتماعي بالتعاون مع شركتين متخصصتين في إنتاج الأعلاف وبيعه”.
وتابع الطريفي: “يسرنا الإعلان عن جائزة الملك عبدالعزيز لمزايين الإبل التي يتمحور المهرجان حولها، وستبدأ أشواطها بدءاً من اليوم الأول للمهرجان، ويبلغ إجمالي قيمة جوائزها (114600000) ريال، إلى جانب جائزة الملك عبدالعزيز للأدب الشعبي وتشمل 3 مجالات هي: الشيلات، والشعر، والمحاورة بجوائز تبلغ خمسة عشر مليون ريال، وجائزة لأجمل تزيين جمل وتهدف إلى تحفيز المتنافسين على وصول جمالهم إلى كامل زينتهم بأناقة وتناسق مؤثرين، وجائزة لأجمل صورة وهي مسابقة في التصوير الضوئي متاحة للجميع، وبالتعاون مع مصورين من مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية ومحطة ناشيونال جيوغرافيك العالمية، وفعالية خيمة تعاليل وهي عبارة عن جلسة تراثية شكلاً ومضموناً، تتضمن ركناً للصقارين، مع تناول مواضيع تراثية مختلفة من الشعراء والرواة وعازفو الربابة ونقّاش الإبل عليها”.
وختم الطريفي: “ومن الفعاليات الجديدة أيضاً، فعالية اكتشف عوالم أخرى حيث تربط المستمتعين بالفعالية بأجواء الكون الفضائية من خلال القبة الفلكية المتاحة لمشاهدة النجوم، وكذلك ستشمل الفعالية ورش عمل عن تصوير المجرات برعاية برامج آبل والأندرويد لتحديد أماكن ظهور المجرات، كما سيقدم متخصصون شرحاً وافياً لمعرفة الاتجاهات عن طريق النجوم والأبراج، كما سوف يتيح المهرجان الفرصة لمن يهوى ركوب الإبل تدريباً على فعالية كرنفال الإبل، مع عروض للإبل في مختلف الأغراض مثل زفة العروس كما تنظم الفعالية قوافل سياحية للزوار، ويشتمل المهرجان أيضاً على “معرض سنام” وهو معرض تراثي متكامل ينقل الزائر إلى أجواء تاريخية تفاعلية عن الإبل وحضارتها وتاريخها من خلال أقسامه الستة ،كما سيقام خلال المهرجان سوق تراثي داخلي يحتوي على أكثر من 100 نقطة بيع، تشارك فيه الأسر المنتجة ببيع المقتنيات والمنتجات الشعبية التموينية والجمالية، ويسعدنا أن نعلن هذا العام لأول مرة بأننا خصصنا مدرجات خاصة لحضور العائلات لمتابعة هذه التظاهرة التراثية التي تعزز الانتماء لحضارة الآباء والأجداد”.
هذا وتصنف جائزة الملك عبدالعزيز الإبل المشاركة إلى 5 ألوان: الوضح وهي الإبل ذات اللون الأبيض، والشعل وهي الإبل ذات اللون الأصفر أو المائل للصفرة، والصفر وهي الإبل الذهبية، والمغاتير وهي الإبل الداكنة اللون، والحمر وهي الإبل البنية أو ذات اللون الأحمر، وكل لون من هذه الألوان يتميز بصفات جمال تختلف عن اللون الآخر، وسوف تقوم لجنة من الحكام أو كما يطلق عليهم “أهل النظر” في تقييم الإبل المشاركة وإعطائها درجات بحسب جمالها، وتتوافق مواصفاتها مع المواصفات المطلوبة، وتشتمل المسابقة على ثلاث فئات لكل لون (فئة 100، فئة 50، فئة 300) ، وفئة تسمى فئة الفردي لتتنافس فيها ناقة أو بكرة واحدة فقط على مسابقة الجمال، لتكون أجمل الإبل في هذا اللون، وتكون عادة المنافسة الأقوى في فئة الـ 100 لوجود الملاك الكبار.
ويجمع مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل بين الإرث الثقافي والتراث والرياضة، وذلك من خلال فعالياته التي تستمر لمدة شهر كامل وتعتبر كعرس وطني يحتفل بالقيم العربية الأصيلة والعادات الخليجية، ومن هنا فرضت إدارة المهرجان العديد من الشروط، لتنظيم هذه التظاهرة بطريقة تضمن راحة المشارك والزائر وسلامة الإبل، ويربط المهرجان الأجيال الشابة بالموروث الحضاري في دول الخليج العربي بمنحى يعكس رؤية الممكلة العربية السعودية 2030.