مهرجان .. ســينما الحــرب في حمـص.. وجعنـــا سـينمائياً..!
ثقافة…جريدة الثورة
الجمعة 26-5-2017
سلوى الديب
الحرب أحد أهم أسباب فناء البشر تسقط القيم ويفقد البعض إنسانيتهم وأدميتهم تزهق الأرواح وتحبط الأحلام ودائما تخلف الحرب خلفها محطمي الآمال مبتوري الأطراف، فتقع المهمة الكبرى على عاتق مثقفي البلاد لتوثيق الأحداث بكل الطرق فيقتبس شيئاً من الواقع فينجح البعض ويفشل أخرون
ونحن في سورية أمام ثورة حقيقية في عالم السينما حيث نلاحظ وثبة سريعة من الخيال إلى تجسيد الواقع في أعمالهم.
قامت المؤسسة العامة للسينما بمديرية الثقافة بحمص برعاية محافظ حمص طلال البرازي بإطلاق مهرجان سينما الحرب اعتبارا من 21/5/2017حتى 25/5/2017الساعة السادسة مساءً على مسرح دار الثقافة بحمص.
افتتح المهرجان بفيلم مطر حمص للمخرج جود سعيد فتم عرضه للمرة الأولى أمام الجمهور الحمصي، أحداثه متخيلة عن حصار مدنيين من قبّل المسلحين فكان توثيقاً حيّاً لمرحلة مفصلية بالحرب على حمص بمحاولة لعدم قبول أن يروي قصة أوجاعنا غريب بل سيكتبها أبناؤها بقلم مداده، دماء شهدائنا تنطق وجعاً من قلب الألم فجاء ملامساً للواقع حيث امتزجت دموع الحاضرين بالبسمة، فجاء الفيلم دون ديكور أو تجهيز حيث جهز المسلحون كماً مرعباً من الدمار ليروي آلاف القصص ولتصور فيه الكثير من الأفلام فكل شارع وكل زاوية في الفيلم تروي قصة بطل من أبطاله حيث اعتمد الفيلم على معالجة الحقائق وتوظيفها بإطار سينمائي فتضمن مشاهد ليلية ونهارية لإظهار تفاصيل تحاكي الواقع فجاء تصويراً لمعاناة أهالي حمص وحرمانهم من أبسط سبل الحياة الماء والطعام والدواء،فتحدث على لسان أبطاله كيف بقرت بطون النساء الحوامل وكيف تمّ اغتيال العقول وما عاناه أهل حمص من رعب وإذلال من قبل المسلحين، و قصة فتاة حوصرت داخل حمص القديمة ( لمى الحكيم)حيث دخلتها تبحث عن أخيها الجندي المخطوف فتكون نقلة نوعية في حياتها حيث كانت ممن خرجوا للشارع بمظاهرات ظنتها سلمية ولكن دخولها حمص القديمة وتعرفها على حقيقة ما يجري جعلها تغير قناعاتها.
ويروي قصة شاب(محمد الأحمد) استشهد أخوه وترك له طفلا ليربيه بعد موت زوجة أخيه ووفاة والديه بسبب الحزن لما شاهداه خلال الأزمة, فتولد قصة حب بينهم فتجمعهم الرغبة بالحياة، فكان يفصل أبطال العمل خطوات عن الجيش يمنعهم المسلحون من الوصول إليهم فيساعدهم الجيش بكافة الوسائل المتاحة ويصور استشهاد عناصر الجيش وهم يدافعون عنهم في نهاية الفيلم.
وقد طرح الفيلم بحضور طفلين لتحكي قصة طفولة سرقت وكيف عاش أطفال حمص الرعب والألم والخوف ولا ينسى الفيلم ذكر بعض رجال الدين الذين كان لهم دور إيجابي بشخصية راهب(حسين عباس)الذي كان يحاول مساعدة الناس فضحى بروحه ثمناً لكلمة حق وتمسكه بمبادئه واللافت للنظر خلال الفيلم توافر روح الدعابة الموجودة لدى أهالي حمص على لسان الشخصيات برغم الرعب والموت وحبهم للحياة فلم يتوقفوا عن الغناء حتى في اسوأ لحظات حياتهم وكان المطر يهطل طوال الفيلم ويظهر الفيلم تخاذل المنظمات التي تدعى بالإنسانية وهي لا تملك شيئا من الإنسانية فتكون حياة كلب جريح أهم عندها من حياة إنسان في مرمى النار فتتركه لمصيره.
ولكن يؤخذ على الفيلم عدم العفوية في بعض المشاهد الرومانسية فظهرت مصطنعة بعيدة عن الاحترافية برغم إبداع الممثلين في بقية المشاهد.
على هامش الفيلم التقينا مخرج العمل جود سعيد: نحن نعرض فيلم مطر حمص لأول مرة في حمص بعد العرض الضيق الخاص في دمشق كان بمبادرة من أيمن زيدان وافتتحنا المهرجان بمطر حمص فقد عشنا مع أهالي حمص تجربة قاسية 2014 مع أهالي المدينة القديمة واليوم يتزامن عرض الفيلم مع خلو حمص من كل السلاح غير الشرعي وعودتها لأهلها فهو يضيف لهذا العرض قيمة مضافة وهذا المهرجان خطوة ايجابية يجب أن تتبعها الكثير من الخطوات لتفعيل السينما, بترميم الصالات وإعادة تفعيلها, وقد صورنا الفيلم بعد خلو حمص من المسلحين فورا.
لمى الحكيم بطلة العمل:هذا العرض الأول للفيلم في مدينة حمص رهان كبير بعرضه امام الناس المعنيين فيه لنرى مدى تفاعلهم وردة فعلهم وأتمنى أن نكون لامسنا شيئا من وجعهم ونكون قد اقتربنا من الواقع المعاش، وهذه الأفلام توثيقية ستبقى للأبد بذاكرة الناس فنحن نوثق حربا تجري الآن فنحن ننقل الصورة التي نراها من منظورنا،ونحن نحضر لأعمال جديدة.
وقد حضر عرض الفيلم الكادر الذي عمل على انجاح الفيلم كاملاً بالإضافة للفنان أيمن زيدان ولينا حوارنة.
في اليوم الثاني قدم فيلم (الأب)للمخرج باسل الخطيب بطولة أيمن زيدان بدور الأب الذي طحنته الأزمة حيث حوصر في إحدى القرى مع عائلته فحاول جاهدا حمايتها والفرار بهم لكن إجرام تلك العصابات فاق كل تصور ونهاية الفيلم حبَّ وطنه غلب كل إحساس فكان الفيلم صورة مصغرة للواقع حيث حوصرت العديد من القرى ونكل بأهلها فشردوا واغتصبوا وقتلوا فسلط الفيلم الضوء على إجرام داعش وأعوانهم ومدى وحشيتهم والاتجار بالأعضاء البشرية واستغلال الأطفال.
مدير ثقافة حمص معن ابراهيم قال: يستمر المهرجان 5 أيام ابتدأ العرض بالفيلم السوري مطر حمص لجود سعيد يوم الأحد وقدمنا اليوم الفيلم السوري بعنوان الأب لباسل الخطيب أما الثلاثاء سنقدم الفيلم السوري أنا وأنت وأمي وأبي للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد أما الأربعاء فسنعرض الفيلم السوري بانتظار الخريف للمخرج جود سعيد وسنختتم الخميس بالفيلم الروسي STALINJRAD بما اننا نتحدث عن سينما الحرب فروسيا أيضا عاشت نفس واقع الحرب لنربط الأشخاص الذين وقفوا معنا خلال هذه الحرب بما أن الأزمات توحد الشعوب كتحية شكر بسيطة للشعب الروسي الذي يقف معنا سنقدم هذا الفيلم بما أن لديهم سينما حرب وعاشوا نفس الحرب التي عشناها.
لمى الطباع مديرة مسرح دار الثقافة: الحضور في سينما الحرب كان مميزا سواء بالافتتاح أو اليوم تظاهرة رائعة وفكرة المهرجان مميزة حيث أصبح التوجه في السينما نحو الواقع الذي عانى منه السوريون والأفلام تظهر لنا ما لم نستطع مشاهدته بأعيننا ربما سمعنا عنه، فنحن شعب يستحق الأفضل بما أننا بقينا في بلدنا وقاومنا.
فريد ظفور