لاشيئ يتجاوز صعوبة صناعتك لفيلمك الأول, فقد يتمحور إهتمام الإعلام على الأفلام الضخمة التي ينتجها الخبراء في هذا المجال، ولكن ماذا عن صانعي الأفلام المبتدئين الذين ينتجون أفلاماً -بالرغم من انخفاض الميزانية المتوفرة لديهم- مقابل كثافة الأفلام ذات الإنتاج الضخم؟
سنذكر لك في هذ المقال خمسة معلومات جديدة وغير متوقعة عليك الإنتباه إليها قبل إخراجك لفيلمك الآول.
قد يكون أنت من يقف في طريق نجاح فيلمك
شيئ لن تعرفه عند بدئك لإخراج الفيلم أنك قد تكون أنت العائق الأساسي لنجاحه, كيف؟ قد يعتبر العديد من المنتجين, المخرج المبتدئ كـ”مخاطرة مميتة” بمعنى أنه حتى لو أُعجب الممول بالسيناريو ورؤيتك له, قد لا يرغب بالمخاطرة بأمواله في فيلم ربما لن ينجح, وهو أمر طبيعي فلا أحد يرغب في هدر أمواله في شيئ غير مضمون فهم لا يعرفون متى ستستطيع الإنتهاء من العمل, كما أنهم سيخشون من انهيارك أو اصابتك بالملل عند الوصول الى منتصف العمل (وهو أمر يصيب العديد من المخرجين), لذا وللتأكد من نجاح العمل يسعى الكثير من المنتجين لمشاركة نجوم مشهورين في الفيلم.
يقول المخرج (جون كروكيداس – John Krokidas) الذي صور أول أفلامه (كيل يور دارلينغس – Kill Your Darlings) عام 2013 : من أكثر الأسئلة طرافة وجهت لي هي “كيف استطعت الحصول على مشاركة الكثير من الممثلين المشهورين في فيلمك الأول؟” والجواب هو “لأنني اتضطرت لذلك” فهو أمر حتمي لنجاح الأعمال الدرامية هذه الأيام خصوصاً إذا كنت مخرجاً مبتدئا, ولكن في حال عدم قدرتك في الحصول على نجوم مشهورين يجب أن تخفض الميزانية وتقلل من تنوع مواقع التصوير.
أما الطريقة التي يتم فيها ضمان نجاح الأفلام المستقلة هو من خلال قيام المستثمر بالتسويق للفيلم الذي يمثل فيه النجم في مختلف البلدان، وحتى أنهم قد يبيعونه قبل تصوير لقطة واحدة منه.
أهمية ممثلي الكومبارس في الفيلم:
وهو أمر ستكتشفه في اليوم الأول من التصوير فمهما تأكدت من ترتيب اللقطات, تصاعد المشاعر العاطفية, تفاعل الممثلين مع الدور بالشكل الصحيح, كل هذا قد يفسد إذا استخدمت كومبارس سيئ في خلفية المشهد. يتابع المخرج (جون كروكيداس ) : ولا زلت أذكر لحظة تصوير مشهد أساسي عند انهيار البطل في لحظة مصيرية, فبعد الإنتهاء من المشهد أتى أحد العاملين في التصوير وسألني “هل لاحظت الشرطيين الواقفين خلف دانييل؟” حيث كان يتصافحان بحرارة وهم يبدوان كأنهما خرجوا للتو من فيلم (كيستون كوبس – Keystone Kops) الذي تم إنتاجه عام 1924, فقط عندما ظننت أنني سجلت اللقطة المثالية والمشهد المناسب, استوجب علي إعادة تصويرها مرة أخرى فقط لوجود ممثلين أفسدو خلفية المشهد.
فعند اختيارك لممثلي الكومبارس لن تستطيع تكوين فكرة كاملة عن قدراتهم التمثيلية حيث يقوم وكيل تجارب الأداء بإرسالهم لك مع صورة غالباً ماتكون مختلفة عن شكلهم الحقيقي, لذا فمهمتك اختبار مواهبهم بالإضافة للكثير من المهام الأُخرى, وحقيقة الأمر أن المخرج لا يملك وقتاً كافياً لاختبارهم وذلك لتركيز اهتمامه على الممثلين الرئيسيين وجدارة أدائهم. قد يبدو ماقام به مخرج فيلم التايتانيك غريباً بعض الشيئ وحتى جنوني، ولكن اهتم المخرج (جيمس كاميرون – James Cameron) بأصغر التفاصيل في خلفية مشاهد فيلم الـ(تايتانيك – Titanic) حتى أنه حرص على إعطاءها أبعاد درامية وسمات معينة وحتى إعطاء أسماء لكل ممثل كومبارس في الفيلم.
لا تصور مشاهدك المهمة في نهاية اليوم
عند وضع برنامج التصوير قد لا يكون لديك أدنى فكرة عن المواعيد المناسبة لتصوير المشاهد مع الأخذ بعين الإعتبار ضيق الوقت والإلتزام ببرنامج معين, فيجب الإهتمام بهذا الأمر،فعدم الإتطلاع عليه قد يسبب لك مشكلة عند التصوير حيث يتم تحديد معظم المشاهد الهامة والتي تشكل أول عشرين دقيقة من الفيلم في نهاية برنامج التصوير وعند وصولك لهذه المشاهد ستضطر لإنهائها بسرعة بسبب ضيق الوقت مما سيصعب عليك تعديل الفيلم لاحقاً وسيجعلك هذا تقضي وقتاً مضاعفاً في تعديل أول عشرين دقيقة من الفيلم وذلك بسبب قلة اللقطات الهامة وقصر مدتها مقارنةً مع اللقطات الأخرى للفيلم. فنصيحتي الأساسية لصانعي الأفلام هو تنظيم مواعيد اللقطات قبل نفاذ الوقت. كما يجب الإهتمام بأصغر التفاصيل وأقصر اللقطات فهناك لقطات واصلة بين المشاهد و تحتوي على حركة دراماتيكية (كمشهد لقيادة سيارة أو حديث أثناء المشي) قد تحدد جودة الفيلم كما أن تصويرها بشكل جيد يسهل العمل لاحقاً عند التعديل. أمر آخر يجب أن تعيره انتباهاً هو تصوير المشاهد الطويلة والصعبة (أي التي تحتوي على انفعالات عاطفية) عند البدء بالعمل وإبقاء المشاهد القصيرة والأقل صعوبة عند نهايته وذلك لتخفيف ضغط العمل على الممثلين وتوفير جو أكثر راحة يساعدهم في تقديم الأفضل.
قد يتجاوز طول الفيلم تقديرك له
يقول المخرج (جون كروكيداس ) : إن المشكلة الأساسية في تسمية فيلمك (كيلينغ يور دارلينغس – Killing Your Darlings) أي قتل أحبابك هو تساؤل الجميع “أي حبيب تريد أن تقتل؟”, حسناً ولكنني كنت مقتنع تماماً أنني لن أتضطر لحذف أي مشهد من مشاهدي المفضلة, حتى أنني قمت بتقليص السيناريو قبل البدء بالتصوير لدرج أنني اقتنعت تماماً أنني فعلتها ! وحصلت على النص المثالي, كان هذا قبل أن أجد نفسي أمام ساعتين ونصف من عرض اللقطات أي ما يقارب الفيلم والنصف ! أدركت حينها أنني يجب أن أُركز على بطل الفيلم بدلاً من الإسهاب في إظهار تفاصيل شخصيات أُخرى لذا كان علي أن أقوم ببعض القرارات الصعبة للوصول الى نتيجة منطقية ومشاهد تهدف قصة الفيلم.
كن متأكداً أن مشاعر الحنين ستغمرك
عند الإنتهاء من صناعة الفيلم سيذهب كل فرد من الطاقم في طريقه بعد إحساسك أنك كونت عائلة في غضون شهور قليلة وستشعر أن الرابطة بينكم قوية لدرجة أنك ترغب في الحصول على تذكارات ووشوم متماثلة مع الجميع وأنك جزء من العصابة التي عملت معها طوال هذه الشعور بل باعتبارك المخرج فأنت بمثابة رئيس العصابة, حيث يمر طاقم التصوير بالكثير سوياً مما يجعلهم يشكلون رابطة قوية لا يكسرها شيئ, ثم وفجأة تستيقظ وكل شيئ اختفى, الجميع مضى قدماً في حياته وتركوك وحيداً بعد مضي شهور على بنائك لهذه العائلة التي تشمل طاقم العمل بأكلمه ابتداء بالممثلين وانتهاء بالتقنيين. جميعهم مضى قدماً وبدأوا في تشكيل عائلات جديدة الأمر الي سيجعلك تشعر بالغيرة, لاسيما عند حديثهم عن شغفهم بالعمل الجديد. قد يجده البعض شعوراً غريباً فالعودة الى الحياة الطبيعية بعد الإنتهاء من فيلمك الأول ليس بالأمر السهل, خصوصاً بعد مضي سنوات وأنت تحلم بتحويل هذه اللحظة الى حقيقة وبعد حدوثها يغادر الجميع, تاركين لك حساباً مصرفياً أقل من الذي كنت تملكه قبل سنة مضت.