وليكون لديك إدراك كامل عن السينيماتوغرافي يجب أن تكوّن فكرة كافية عن كيفية تصوير اللقطات الصعبة, فإحدى أصعب وأشهر مواقع التصوير في تاريخ السينما هي غابات Redwood الواقعة في كاليفورنيا التي تم فيها تصوير فيلم Vertigo للمخرج المخضرم Alfred Hitchcock وتحديداً في Muir Woods National Monument الواقعة بالقرب من مقاطعة Santa Cruz, حيث من أهم الصعوبات التي واجهها طاقم التصوير في هذا الموقع هي ضخامة و إرتفاع أشجار ريدوود التي حجبت أوراقها أشعة الشمس, لذا اتضطروا لاستخدام الإضاءة الإصطناعية من خلال مولدات ضخمة تولد إضاءة زرقاء لمحاكاة الإضاءة الطبيعية التي تم بين أرواق الأشجار لعكس ألوان أكثر طبيعية من جهة وإظهار ظلال االأشجار من جهة أخرى, كما تم إستخدام ألواح لعكس ضوء الشمس للجهة المناسبة ولكن الصعوبة الأكبر كانت عدم القدرة على إشعال الإضاءة لوقت طويل لحماية الأشجار من الإحتراق لشدة حرارتها.
فتصوير لقطة تبدو بسيطة وعفوية على الشاشة قد يتطلب الكثير من الجهد والتفكير لإظهارها بشكلها النهائي. ففي مشاهد المطاردات على الطرق السريعة في فيلمي Terminator 2: Judgment Day للمخرج James Cameron ,و Crash للمخرج David Cronenberg تم وضع مصابيح خفية ممتدة على طول الطرق السريعة لخلق إضاءة طبيعية
أما في فيلم Suspicion للمخرج Hitchcock تم تصميم لمبة صغيرة موصولة ببطارية خصيصاً لوضعها داخل كوب الحليب المسموم لجعل المشهد يبدو أكثر دراماتيكية.
وفي إحدى مشاهد فيلم An American in Paris قرب نهر Siene الفرنسي وضع المخرج John Alton الأضواء داخل صهاريج المياه لخلق إنعكاس مميز في الأضواء, ولا بد من ذكر فيلم Close Encounters of the Third Kind للمخرج John A. Alonzo الذي أستخدم العديد من المعدات في معظم المشاهد لإظهارها بشكل أكثر واقعية, أما من الأفلام التي لم تحقق نجاحاً باهراً في دمج لقطات خارجية مع لقطات الاستديو فيلم Tarzan the Ape Man للمخرج S. Van Dyke ( إنتاج عام 1932 ) حيث دمج لقطات قديمة وغير واضحة من الحياة البرية مع لقطات أكثر وضوحاً من مشاهد للممثلين داخل الاستديو.
فغالباً ما تختلف مشاكل السينيماتوغرافي مع اختلاف نوع الفيلم وأسلوب المخرج, وأحياناً يتطلب العمل جرعة زائدة من الواقعية أو الخيال, أما بعضها فيستلزم الخروج عن حدود المألوف, ففي فيلم Body and Soul (1947) حمل المصور James Wong Howe الكاميرا أثناء ارتداءه لمزلاج وتحريكه بمقبض مثبت على خصره خلال تصويره للمشاهد داخل حلبة الملاكمة, ليقلده بعد ذلك المصور Michael Chapman في فيلم Raging Bull لـ Scorsese, و Salvatore Totino في فيلم Cinderella Man.
أما في الفيلم المشهور Invisible Man عمل المخرج والمصور William A. Faker على استخدام إضاءة خاصة ودرامية خلال تحريك الكاميرا بطريقة مميزة أثناء تصويره للمساحات الواسعة والفارغة لمساعدة المشاهد على تخيل حركات الرجل الخفي, وفي فيلم The Day of the Locust استخدم المصور Conrad Hall فلاتر تعمل على إصدار الصوت بأسلوب درامي وسينمائي لإظهار الفيلم الذي تم تصويره في لوس أنجلس يبدو وكأنه صور في هوليوود. أما في فيلم Fahrenheit 451 نلاحظ استخدام المصور Nicholas Roeg لإضاءة قوية أظهرت الصورة العامة بألوان باهتة وركزت على قوة شرارة نيران رجال النار ثم قام باستخدام تقنية الكونتراست عند تصوير المشهد الأخير من الفيلم أثناء هطول ثلوج الشتاء التي تعبر عن انتصار الخير في النهاية. أما المصور László Kovács فهو معروف بتميز أسلوبه في حقبة السبعينات منهم فيلم Five Easy Pieces وفيلم New York, New York الذي تتميز إضاءته بأسلوب شاعري, ناعم مع نمط جاز.
ويجب أن لا ننسى فترة إزدهار الأفلام الموسيقية بين 1940 و 1950 في هوليوود, حتى أنها أصبحت بمثابة روتين اعتيادي لأفلام هوليوود, و تكمن صعوبة هذه الأفلام في عدم القدرة على إعادة اللقطات لمرات كثيرة بسبب وجود العديد من الإستعراضيين والراقصين ضمن المشهد الواحد. كما أنها تتطلب عناية فائقة بحركة الكاميرا و الإضاءة المناسبة وتنسيق الألوان، الأمر الذي يضع ثقلاً مضاعفاً على كاهل المصور لتحقيق التوازن بين إطار الصورة من جهة وإحترام الشروط التي يفرضها بعض النجوم في العقد من جهة أُخرى, فمثلاً من أبرز شروط الممثل والإستعراضي Fred Astaire كان أن يتم عرض صورته بالطول الكامل أثناء تأديته لأي رقصة خلال الفيلم, فكان على المصور أن يتبع الخطوات السريعة لـAstaire أثناء توجيه الإضاءة بشكل مناسب وفني.
ففي رقصة Dancing in the Dark من فيلم The Band Wagon يستخدم المصور الإضاءة بأسلوب ينقل Astaire مع شريكته في الرقص من الحياة العادية الى أُخرى أكثر خيالاً ورمانسية من خلال تراقص حركة الكاميرا مع العرض الذي يدور في زاوية منعزلة من منتزه Central Park, مما مزج بين الواقعية والخيالية في نفس الوقت.
يؤكد هذا على أن المشهد الذي قد يبدو سهلاً وإنسيابياً أمام الكاميرا قد يفشل مع فشل عنصراً بسيطاً من عناصره خلال التصوير, ابتداءاً من سوء تنسيق الألوان خلال مونتاج الفيلم مروراً بالإضاءة التي يجب أن تغطي جميع الراقصين في المشهد, وانتهاءً بحركة الكاميرا التي يجب أن تكون سلسة وتغطي جميع العوامل داخل المشهد. ففي فيلم On the Town نجح المصور Harold Rosson بتنسيق الألوان بشكل متوازن وتوفير الإضاءة المناسبة في مواقع التصوير التي واجه فيها الكثير من التحديات, أهمها ضيق المساحة, فعلى سبيل المثال إحدى المشاهد الإستعراضية تم تصويرها أعلى مبنى Empire State الأمر الذي فرض تحديات مضاعفة على العمل.
لا يخفى على أحد أن التطورات التي شهدتها الكاميرا السينمائية منذ عام 1927 أدت الى تغييرات جذرية في مواقع الكاميرا وبالتالي توزيع طاقم التصوير بشكل مختلف, حيث قديماً وللتقليل من الضجة المحيطة بالكاميرا, كان يتم عزلها في غرفة المعالجة الصوتية مع المصور وتغليفها بصندوق يمنع دخول أي تشويش من الأصوات الخارجية على صوت الفيلم, أما بعد دخول التطورات والتقنيات الجديدة واختراع تقنية Three strip Technicolor الذي أدت لمضاعفة حجم الكاميرا لتصبح أكثر ضخامة بسبب احتواءها على ثلاثة أشرطة تسجل عليها من خلال عدسة واحدة، غيّر العديد من المفاهيم التقليدية مما جعل العملية أكثر صعوبة وتعقيداً, وبعد موجة الإختراعات الفرنسية الجديدة التي أثمرت بكاميرات تصور أفلاماً أسرع وأكثر وضوحاً ( 16مم ) أصبحت عملية التنقل والتصوير خارج الأستديو أكثر سهولة, وبحلول أواخر عام 1970, تم إختراع كاميرات الSteadicam أو الكاميرات ذات المسند الثابت التي يتم تثبيتها بحزام حول المصور الذي يجب أن يكون رياضياً ليستطيع الركض والتحرك بسرعة بشكل يناسب المشاهد ومن الأمثلة الجيدة على استخدام هذه الأنواع من الكاميرات هو فيلم La Mort en Direct الذي قام بتصويره Pierre-William Glenn. ومثال آخر تم تصويره باستخدام كاميرا Panavision المشابهة لكاميرات ال Steadicam, فيلم Days of Heaven للمصور الإسباني Almendros.