موسوعه الشاعرة بريهان قمق
معلومات عن الشاعره
اعلامية معدة ومقدمة برامج ثقافية تلفزيونية من الاردن
مقيمة حاليا في دولة الامارات العربية المتحدة حيث تعمل في تلفزيون الشارقة
حوار مع الإعلامية والكاتبة بريهان قمق
بريهان قمق
الحوار المتمدن
هي صوت ينساب إلى الآذن بعفوية تامة وتدخل القلوب عبر نبراتها التي تتطاير منها اسطر المعرفة يحبها أصحاب الكتاب لأنها منهم تجيد الغوص في دنيا المعرفة , فهي ليست ممن نشاهدهم اليوم وتكتظ بهم الفضائيات العربية في مشهد ابتذال نستهجنه عموما إعلامية وكاتبة وشاعرة أيضا فكلما تحدثت أو كتبت تصدح من بين اسطرها حكاوي ممتدة في عمق الأرض لتشعرك أن المراة العربية ليست كما تصور بل هي فاعلة ومؤثرة طامحه تتحس الغد وتعرف ما تفعله انها بريهان قمق في حوار خاص يجريه الشاعر محمد القذافي مسعود مع الكاتبة والشاعرة بريهان قمق
اسم ” ابنة ربة عمون ” هل هو دلالة عمق التجذر والتمسك بالخصوصية ؟
هو سؤال الهوّية في وظيفة الذات والنفس ، وما هي هذه الـ أنا التي أكونها وهل مرتبطة بمكان أو زمان أو كليهما معا ، ومع عوامل أخرى مثل الكينونة الإنسانية وكائنات حية تجاورنا العيش .. المدن لا تمنحنا جيناتنا الوراثية لكنها الفضاء بكل محمولات الطبيعة التي هي جزء أساسي في تكويننا النفسي والبيولوجي والاجتماعي ، وكل الأساطير التي حملت باختزال وتكثيف شديدين أسرار من هم باتوا راقدين الآن بثقة بجيناتنا في العمق المخبوء ..
ابنة ربة عمون حملت سؤال من أنا ولمن أنتمي أمام تتداخل الثقافات المدهش لدى : ربّة عمون التي لا يمكن اختزالها بمكان دونما استحضار الإلهة والمرأة في أكثر من أسطورة قد تعددت أسماءها في تنوع ثقافات الأمم والشعوب التي جاءتها وسكنتها ، انبثقت وتمددت على الأرض لتحتضن موجات بشرية هائلة من شتى المنابت والثقافات جاءوا ليحتموا بقلبها منذ ما قبل التاريخ ، كما تلك المستوطنات البشرية والقبائل العربية مرورا بالإغريق والرومان مرورا بالمهاجرين القفقاسيين من شراكسة وأرمن وشيشان ، وآخرين من البلقان الارناؤط ومن هنالك من آسيا كالأفغان وعربا من شتى البلاد العربية ، ولم يكونوا أبدا في أي لحظة سواء الماضي البعيد أو المعاصر عابري الذاكرة بل تداخلوا كسنابل قمح في بيادرها وشكلوا خبزا للحياة .. أحمل جينات شركسية من أقصى الشمال القفقاسي وفي ذات الوقت انا من رحم ربة عمّون بكل مدلولاتها الحضارية التي شكلت تكويني الإنساني وثقافتي من خلال ارتباطي الوثيق بالطبيعة وبكل التنوع العرقي والاثني والديني ،بذلك أنا ابنة هذا التكوين..
كيف كانت بدايتك _بالكلمة أم بالصورة ؟
البداية ..؟؟ لا ادري تحديدا ، ربما الصوت عبر الصرخة التي تشق عنان السماء معلنة ولادتي ..ربما ..!! الصوت عموما كان بذرة الكلمة والصورة، حقا كل شيء في حياتي متداخل إلى حد يصعب الفكاك.. أمّا إن شئت الجانب الإبداعي بشكل عملي واضح فقد كانت بدايتي كطفلة مذيعة في برامج الأطفال ، بمعنى الومضة الأولية واللحظة الجنينية لأبعاد التجربة مع عالم الاتصالات والبث التلفزيوني بكامل مفرداته وتفاصيله ، كالنص والمشاركين في البرنامج من الأطفال والممثلين والمقدمين والمخرج وطاقم التصوير وأدواتهم الخفية والظاهرة لعيان التجربة كالكاميرا والإضاءة والميكرفون إلى ما هنالك من معدات وأجهزة كان يتعين عليّ التعامل معها كمفردات أساسية وحيوية ، وبمجملها كانت التفاعلات الشعورية عبر تواصل إنساني وتكنولوجي بمحفزات إبداعية تؤدي إلى الفعل بانسجام بين موصل وواصل ومتلقي ، كل هذا وبشكل سلس بدأ ببداهة وتطور ونضج وقادني تدريجيا صوب الألفة بمعناه الإنساني الجميل الذي أختزله بعدسة الكاميرا . والتعامل معها باعتبارها عين إنسانية تربطني بها علاقة صداقة حميمية عبر : قداسة الكلمة ..
أين تجدين نفسك اليوم في الكتابة أم في تقديم البرامج ؟
ثمة طاقات للجهر والبوح قادرة على فرض وجودها سواء في هذا الدرب أو ذاك ، لكنني منذ البداية سكنت بهاجس التعبير بالصورة وحتى اللحظة بي عزوف استحضار الصورة في كتاباتي أحاول مقاومته أحيانا نظرا لطغيانه ،إلا أنني سكنت تماما بالسؤال سواء في الصورة أو الكتابة ، فالمقال والنثر تنتابه دوما حمّى السؤال في سياقات الصورة ، والقصيدة كذلك ترسم صورا في مناخ يثير القلق والكثير من التساؤلات ، وثمة كتابات أخرى أروح إليها كالسيناريو للمسلسل التلفزيوني الدرامي التي تعني المخيلة الكاملة للصورة والتعبير الدقيق عنها بالكلمات..
لكنني بشفافية اعترف أن الكتابة بالنسبة لي كخبرة حياتية، في الأساس جيشان لحظة عارمة أحسها من أجل التشبع والامتلاء من أجل فتنة جدا خاصة..وبالتالي اشعر لحظتها بالتوحد بالكون بكل موجوداته ..
هل من تابوهات موجودة اليوم في الاعلام العربي ؟
بالطبع يوجد ، فقضية الإعلام الحر الخالي من التابوهات تكاد تكون مثل الكذبة التي اخترعناها وصدقناها، لأنه لا يوجد إعلام حر بالمطلق، فالإعلام إما أن يكون أسير سلطة سياسية أو أسير صاحب إعلان أو حارس بوابة وغالبا هو أكثر تخلفاً من الفكر السياسي الموجود ..!
حتى الإعلام الغربي له أيضا تابوهات فمثلا المؤسسات الإعلامية الأمريكية ومنذ مجيء المحافظين الجدد باتت مسائل التابوهات متعددة مثلا لماذا لا يتم الحديث عن الفساد الحاصل في بيع نفط العراق منذ احتلاله.. ؟؟ كل المؤسسات الإعلامية في العالم التي تقدم وتساهم في صناعة الجنس وتتجرأ في قلب مفاهيمهم الدينية والقيمية بنيويا مثلا إلاّ أنه ممنوع عليهم منعا باتا المساس بموضوع محرقة الهولوكوست ..!!
صحيح اننا عربيا نعاني من التابوهات أكثر بحكم غياب الممارسات الديمقراطية والحريات السياسية والتبلد الاجتماعي وغياب حقوق الإعلامي وكفالة حرية التدفق المعلوماتي ..ولكن يبقى الإعلامي الحر يناور ويحاول ضمن ماهو متاح ومباح ..
ماذا ينقص المرأة العربية أو ماذا تريد لتتحقق مطالبها ؟
سؤالك فيه تعميم واختزال للواقع المرير بغض النظر إن كان امرأة أو رجل .. فالأساس ماذا ينقص من إنسانية الإنسان في هذه المجتمعات التي تعاني الويلات منذ قرون وهي اليوم أسفل الدول النامية.. فالانتقاص الحاصل اليوم في كينونة المرأة هو ذاته ما ينقص الرجل ، مثل تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والأمان ، مثل إيقاف الحروب ملاحقة تجار وسماسرة الأسلحة والرقيق الأبيض – الذي ازاداد مساحة وبشاعة في منطقتنا العربية – مكافحة غسيل الأموال وترويج المخدرات تماما كمكافحة الأمية والفقر ، إعادة مسؤوليات الصحة والتعليم لمسؤوليات الدولة قبل إن يحدث انهيار مخجل في عصر العولمة حيث التخلي التدريجي الحكومي والتنصل من هذه المسؤوليات تجاه شعوبها كاستحقاقات العولمة ..اعادة الزراعات الإستراتيجية لأرضنا كالقمح مثلا -الذي بات ممنوعا زراعته -كي نأكل مما نزرع ..
فما فائدة ان نعدد الوظائف التي تشغلها المرأة ونناطح بغية زيادة عدد مقاعدها البرلمانية وان نكتب عن انجازاتها في حقول الصحة والتعليم والإعلام لطالما أن هنالك نسبة عالية من الأطفال يموتون بسبب المرض والفقر ومن يعيش يتسرب إلى الشوارع ..ما فائدة أن أطالب بتمكين المرأة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا ومجتمعاتنا تعاني تضخما مرعبا وارتفاعا مخيفا في معدلات البطالة لدى فئات الشباب المتعلم من الجنسين.!!
اعتقد ان الأمر يحتاج إلى العمل على المجتمع ككل شريطة إلغاء التمييز ضد الفرد بغض النظر عن جنسه أو جنسيه أو اثنيته أو عرقه أو لونه إن أردنا النهوض مجتمعيا …
ماذا حققت حتى الآن ؟
انا ام المراة عموما ؟؟ ان كنت تعني اناتي منفردة فهذا يصعب الاجابة عليه في ظل نظرتي الخاصة انني جزء من كل .. فالكل بعد يسير صوب الوعي .. واما المراة عموما فقد حققت الكثير قياسا بالماضي ، وقليل جدا قياسا بتحديات المستقبل ، ورغم ذلك انأ متفائلة..
هل من الممكن تصنيف ضيوف البرامج الحوارية التي تقدمينها بدرجات ( ضيف درجة أولى _ ثانية ..) الخ ؟
قطعا لا .. فكلهم موضع تقدير واحترام . ولكن هنالك من يضفي على الحلقة حيوية ويمنحها آفاقا واسعة معرفيا ،و ذلك ناجم على مقدرته وخبرته التحكم بذاته في استحضار معارفه أثناء البرنامج ، وهنالك من يكتب جيدا إلا انه لا يجيد الحديث والنقاش مما يحدث شيء من الهبوط في إيقاع الحلقة ، وهذا لا نكتشفه إلا بعد خوض التجربة ..
هل من الضروري أن تكون نهاية كل حوار اقتناع طرف بما يدعو له الطرف الآخر ؟
في مثل هذه الحالة لن يكون حوارا ، لأن مفهوم الحوار على مر العصور كان عبر دوره الفاعل في ترويض العداوة بين الناس وتليين صلابة موقفهم ليقوم على التسليم بنسبية الآراء وعدم إطلاق المعرفة وقابلية الراى للمراجعة والتعهد ونبذ الأحكام المسبقة. أو الإصرار والعناد على امتلاك الحقيقة بالكامل ، ثقافة الحوار هي ثقافة النسبية والتسامح والتواصل ..
في ميثاق منظمة اليونسكو عبارة تأسرني ، تقول: بما أن الحروب تبدأ في أذهان الناس، إذن في أذهان الناس يجب أن تبنى دفاعات السلام. بمعنى آخر، ثقافة الحوار هي التي تولد المنظور الذهني الذي يرى منه المرء ضرورة التحول من غشامة القوة إلى رشاد العقل، ومن مغبة الصراع والعنف إلى سلامة الحوار والتعايش. ثقافة الحوار عندئذ تغدو المناخ الذي يربو فيه عالَم يحتضن الجميع المختلفين المغايرين من اجل التقبل ..
هل مشكلة الاعلام العربي الحقيقية أنه لايعرف ماذا يريد ؟
الإعلام ليس بنبتة خارج تربة هذا المجتمع بكل مكوناته وتناقضاته وإرهاصاته ، ليس بمعزل عن الواقع السياسي المتردي والمرتبك والاقتصادي المتذبذب والاجتماعي المضطرب والحضاري المتخلف .. ولكن دعنا نخوض المسألة بحياد، أوليس الإعلام العربي هو ذاته الإعلام الذي اعترف بأدائه ودوره الأمريكيون في حرب العراق ومن قبل أفغانستان ..؟؟ هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لابد من توضيح انه لا يوجد شيء اسمه إعلام عربي بفكرة ورؤية واداء وهوية موحدة ..فالمؤسسة الصحفية الليبية ليست هي السورية أو الأردنية ، والتلفزيون المغربي ليس السوداني ،والإعلام الكويتي ليس اللبناني والسعودي ليس التونسي ومن هنا نروح لتسمية كل وسيلة بالاسم في ذات البلد وسنجد اختلافا طبيعيا كجزء من الاختلاف البيئوي والثقافي لمكونات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ..
وهذا التعدد ليس ضياعا وتشتتا بل تنوعا يضفي للواقع المجتمعي آفاقا تساؤليه أكثر اتساعا وأكثر حيوية وكل هذا سوف يساهم تدريجيا في بلورة الوعي والذي سيأخذ زمنا..
قبل اقل من عقدين كان المشاهد العربي قابع في أحضان وسائل الإعلام الغربية والتي تؤثر فيه بدرجة كبيرة ، اليوم هو أكثر ثقة في وسائل الإعلام العربية فيما ينقل ويقال، وذلك لأنه أصبح لديه كثير من مصادر المعلومات وتعدد وسائط الميديا الحديثة بين يديه ببساطة..
وعلينا التذكر إننا ما زلنا في طور التطور والحداثة ، فالإعلام العربي بدأ التفكير في أمر اهتمت به الصهيونية منذ نهاية القرن التاسع عشر وهو الاستثمار في مجال الإعلام لتحقيق البعد الإيديولوجي والسياسي في أي مشروع في المجتمع.!
ولكن يبقى أن نعرف أين نحن والى أي مدى اعرف ماذا أريد ويريد مشاهدينا من بين حوالي 22 دولة عربية وحوالي 300 مليون نسمة..!!!
هذا تحدي كبير جداً، يجب أن نسأل أنفسنا كيف نستطيع أن نقوم بالرسالة ونحققها على أحسن وجه وبموضوعية واحترافية ونزاهة وحياد.؟؟
كيف تجدين حضور الكلمة اليوم أمام الصورة ألم يسرق ( نص الصورة ) الأضواء من ( النص الثقافي ) ؟
آه من هذا الحضور الملتبس وقد قيل:كان البدء كلمة..
من المؤسف قوله إن الصورة والكلمة المسموعة في ثقافتنا التي تغلب عليها الثقافة الشفاهية شبه واحدة من حيث اشكاليتها التاريخية والحداثية . فنحن أميون في الكلمة المقروءة – نظرا لارتفاع معدلات الأمية – وأميون بثقافة الصورة – نظرا لجملة إشكاليات من أبرزها الدينية – ولا نعي أبعاد رموزها بسبب فقدان التراكم الخبراتي المجتمعي وان كانت معروفة لدى النخب ..وكل ما نراه من الإثارة البصرية وكل هذا الزخم من الألوان ليست سوى خواء..
ولكن في المقابل الصورة مدهشة وقد دخلت واخترقت عامل المسافات . فعلى سبيل المثال كان الإنسان في بدايات القرن العشرين يتعرف على العالم من خلال القراءة والسفر. بينما اليوم فثمة وسائط أخرى هي السمعبصرية وخاصة التلفزيون والكومبيوتر باتت تحت تصرفه ، ومن دون أن يترك بيته نجده يسوح في العالم كله يشاهد الأحداث الجارية في شتى البقاع ، يقرأ ويشاهد ويسمع ، إذن دور الوسائط المنافسة كما أشرت ليس تهديدا لو كان النص الكلمة في حال أفضل من حاله العربي ، لو أن النص الثقافي كان بمعزل عن مشكلات وأمراض الشللية والمزاجية والتهميش أو التعالي التي تعاني منها الأوساط الثقافية المعنية بالكلمة الثقافية . الكلمة في النص الثقافي تتراجع ليس بسبب الصورة بل بسبب مناخ مضطرب يحكم أصحاب النص المكتوب ..وان كانت ستبقى الكلمة بحرا تنحني له الشمس والغيمات…