قراءات في النقد التشكيلي السوري كانت عنوان الندوة التي أقامها اتحاد الفنانين التشكيليين في صالة لؤي كيالي بالرواق العربي ضمن أنشطة الأربعاء الثقافي الذي يقيمه الاتحاد أسبوعيا.
وبين الناقد التشكيلي سعد القاسم خلال الندوة أن النقد الفني في سورية بدأ مترافقا مع الشكل المعاصر للفن التشكيلي لدينا في مطلع القرن العشرين مع الفنان توفيق طارق رائد التشكيل السوري المعاصر مع وجود مهم للفنان ميشيل كرشة حيث كان هناك الكثير من الحوارات والسجالات التشكيلية في تلك الفترة ولكنها لم تدون ووصلت إلينا من ذاكرة التشكيليين الرواد.2
وأضاف القاسم.. “مع بدايات التشكيل السوري كان هناك سجال حاد بين تيارين تشكيليين تمثلا في الواقعية الكلاسيكية التسجيلية التي اعتبرها روادها أمثال توفيق طارق ومحمود جلال وناظم الجعفري بانها الفن التشكيلي الحقيقي وبين رواد تيار الفن التجريدي أمثال ميشيل كرشة ومن أتى بعده من الفنانين الذين يرون ان الفن حالة إبداعية ورؤية خاصة للواقع وليس توثيقا له”.
وأوضح القاسم أنه تم افتتاح جناح الفن التشكيلي الحديث في متحف دمشق الوطني وكان أول خطوة لتوثيق الفن التشكيلي السوري لافتا إلى أن مدير الآثار والمتاحف في ذلك الوقت سليم عادل عبد الحق قدم الكثير من الكتابات والمقالات النوعية في الفن التشكيلي وبالفترة ذاته كان هناك نصوص تشكيلية مهمة للأديب صدقي إسماعيل ما فتح أفقا متطورا من خلال التعامل مع العمل الفني بمفهوم الفن والجمال وليس بمفهوم الفكرة.
ومن الأسماء التي قدمت مساهمات في النقد التشكيلي بحسب القاسم كان الدكتور عفيف بهنسي المتخصص بعلم الجمال والتشكيلي محمود حوام الذي تحدث في النقد الفني واستطاع إيجاد حالة فنية ومعرفية مهمة بين الفنانين التشكيليين السوريين.3
وأكد القاسم أن كتابات الناقد طارق الشريف تعتبر مرحلة مهمة في تاريخ التشكيل السوري حيث تميز بمرافقته لجيل ما بعد الرواد من بداية عملهم وتردده إلى مراسمهم واستمر في عمله واطلاعه على التجارب التشكيلية المتنوعة إلى مراحل متأخرة ما جعل منه حالة ذاكرة لفننا التشكيلي.
وبين القاسم أن ما ميز النقاد التشكيليين السوريين أنهم كانوا على درجة عالية من الثقافة الفنية ومنهم الدكتور عبد العزيز علون كما أن أغلب من قدم نتاجا في النقد هم فنانون تشكيليون أمثال غازي الخالدي وأسعد عرابي وغازي عانا وأنور الرحبي وممدوح قشلان ونذير نبعة وعصام درويش وأكثم عبد الحميد وطلال معلا واحمد معلا وعبد الهادي شماع كما قدم التشكيلي محمود حماد كتابا مهما عن التشكيلي نصير شورى ويعتبر التشكيلي عز الدين شموط باحثا تشكيليا مهما بما قدمه من نصوص بحثية من أهم ما قدم للمكتبة التشكيلية العربية متجاوزا حالة النقد.
وأشار القاسم إلى أن الاتجاهات النقدية في سورية كانت منقسمة بين القيم الجمالية وقيم العمل الفني إلا أن هذا الاتجاه بدأ بالانحسار مع توجه اللوحة باتجاهات الحداثة وابتعادها عن الموضوع لمصلحة الشكلانية والاهتمام بالحالة البصرية أكثر من تقديم فكر.
ورأى القاسم أن النقد لا يمكن أن يكون سابقا على الإبداع ولا يحق للناقد أن يقول للفنان ما عليه أن يقدم من أعمال فنية وتأتي مهمة الناقد بعد انتهاء الفنان من عمله الفني من خلال مناقشته لافتا إلى أن العديد من النقاد حرصوا على تقديم نص نقدي بلغة عالية وصعبة لدرجة وصول هذا النص إلى الجمهور بشكل أصعب من العمل الفني ذاته.4
ولفت القاسم إلى أن النقد التشكيلي السوري اليوم يعاني من فقدان جمهوره رغم وجوده في أغلب الوسائل الإعلامية وذلك لعدم تطوره وغياب النقاد الشباب مبينا أن هناك ظاهرة مبشرة أخذت بالتزايد في الفترة الأخيرة من خلال ظهور صحفيين ليسوا من الوسط التشكيلي استطاعوا تطوير ثقافتهم التشكيلية بشكل مهم وساعدوا في التعريف بالفن التشكيلي.
وتضمنت الندوة مداخلات من الحضور تناولت واقع النقد التشكيلي السوري وآفاق تطوره وخاصة مع الحاجة لوجود تعليم أكاديمي للنقد بموازاة التوسع في افتتاح كليات للفنون الجميلة والاهتمام بهذا التخصص الذي يعود بالفائدة على تطوير الفن التشكيلي السوري ويرتقي به وزيادة الثقافة الفنية في المجتمع.