عماد الختام صانع الأختام الوحيد بالإسماعيلية
بالصور.. صناعة “أختام النحاس” حرفة الأجداد تتوارثها عائلة “الختام” بالإسماعيلية
الجمعة، 05 مايو 2017 م
الإسماعيلية – محمد عوض
يجلس الختام داخل كشك خشبى صغير لا تتجاوز مساحته المتر المربع، به طاولة صغيرة وكرسى صغير ومروحة للتهوية، ليمارس حرفة اقتربت من الاندثار، ويستمر كختام وحيد بالمدينة.
عماد الختام 57 سنة، قال لـ”اليوم السابع”: “ورثت المهنة من والدى الذى ورثها أيضا من والده وجده، وأعمل الآن فى نفس موقعه الذى عمل فيه لمدة 40 عامًا بالإسماعيلية، وتساعدنى ابنتى التى تعلمت الحرفة أيضًا”.
وقال عماد إن جد والده كان أول من تعلم الحرفة ونقلها لأبنائه، وكان الجد مسئولاً عن صنع الأختام فى قرى الزقازيق ومدن القناة وقتها، وتخصص ابنه فى الأختام بمدينة بلبيس، قبل أن ينتقل إلى مدينة الإسماعيلية بعد حرب أكتوبر ويكمل حياته بها حتى وفاته فى 2004.
وأوضح: “لى 6 أخوة، أربعة منهم تعلموا الحرفة، واثنين يعملان حاليا فى السويس وبلبيس، وكلنا نعلم أطفالنا هذه الحرفة ونقلتها لابنتى، رغم أنها مهندسة زراعية، إلا انها لم تجد وظيفة حكومية”.
تُسْتَخْدَم فى صناعة الأختام ملزمة صغيرة مصنوعة من الخشب يُثَبَّت عليها النحاس، ثم يحفر الختام الاسم بواسطة القلم المصنوع من الصلب، وهو ما يسبب إصابات فى اليد نتيجة إنفلات ظفر القلم”.
يرفع عماد يده اليسرى وعليها آثار جروح بسيطة ويضحك قائلاً: “عندما كنت صغيرًا لم أكن أخشى من الجرح، ولكن خشيتى من صفعة والدى على مؤخرة رأسى إن أخطأت.. المهنة صعبة التعلم، لأننا نكتب على النحاس بقلم بظفر صلب، وأحيانا نخاف الإصابة، وإذا لم يتعلمها الشخص وهو صغير لن يستطيع التعلم عندما يكبر، ولذلك توارثنا المهنة من الأجداد حتى أصبح اللقب الرسمى للعائلة هو الختام، نسبة لصنع الختم النحاسى”.
كادت المهنة أن تندثر بسبب الثورة التقنية والطباعة والتصوير، ولكنها مستمرة بسبب استعانة المصابين بإعاقات اليد أو كسور، لختم ليستطيع التعامل مع البنوك التى ترفض التعامل بالأختام الإليكترونية التى يسهل تزويرها.
يصعب تزوير أختام النحاس، حسب ما قال عماد ذكاء الختام الذى يمتهن حرفة صناعة الأختام منذ أن كان فى الثامنة من عمره، موضّحًا: “صعوبة تزوير هذه الأختام لأنها تُحْفَر على النحاس برسم عشوائى وليس طباعة، وإذا حفرت نفس الاسم مرتين لن يكون بنفس الشكل، وإذا كررتها ستخرج مختلفة فى كل مرة، ولذلك يكون كل ختم مثل بصمة الإصبع”.
ارتبطت الأختام النحاسية بمن لا يستطيعون الكتابة أو القراءة، ولكن ارتفاع أعداد من بدأ التعلم فى مشروعات محو الأمية أثر على الصناعة، ولكنها مازالت مرتبطة بمن لا يستطيع الكتابة ولو بشكل مؤقت.
وتابع عماد الختام: “بالتأكيد الأمية كانت سببًا فى انتعاش الصناعة فى الماضى، ولكن حاليا مازالت مطلوبة من شخصيات أصيبت بكسر فى اليد اليمنى أو مرض الرعاش، ولا تستطيع الكتابة، ولذلك يطلب منه البنك ختما نحاسيا وليس مطبوعًا على الكمبيوتر، لصعوبة تقليد النحاس”.
ويحكى عن ثروة كوّنها والده فى الستينيات، استطاع منها بناء منزل للعائلة، رغم أن صنع الختم كان ثمنه قرشين اثنين فقط عندما قررت الدولة استخراج بطاقات شخصية لكل المواطنين.
ويضيف: “بعد الستينيات بدأ العمل فى التراجع، وكان يأتى لنا كشوف كاملة لأختام عمال الزراعة، والآن قد أكون محظوظا إذا صنعت 10 أختام فى يوم واحد”.