غلاف كتاب “المتشائل” -(الغد)
كتاب جديد يروي حلم السينمائي مصطفى أبو علي
عمان – لأن مصطفى أبو علي كان يؤمن بأن الكاميرا بالنسبة إلى السينمائيين الفلسطينيين هي “كلاشينكوف سريعة التقاط الصور”، أصبحت كلماته في مؤسسة السينما الفلسطينية ملصقا جذابا تظهر فيه الكاميرا بندقية مشرئبة صوب السماء تعبيرا عن دور “الكاميرا والسينما الكفاحية الثورية”.
الروائي رشاد أبو شاور قال عن أبو علي “عندما كان يضحك يبدو كما لو أنه يجالد ثقلا يجثم فوق صدره، فضحكه أشبه بالتأوه، وكأنه تعبير عن حزن لا عن فرح”، بهذه الكلمات كتب أبو شاور مقدمة كتاب “المتشائل- المخرج السينمائي مصطفى أبو علي”.
ويعتبر أبو علي (1940 – 2009) هو مخرج سينمائي فلسطيني، مؤسس سينما الثورة الفلسطينية، وشارك بتأسيس وحدة السينما التابعة لقسم التصوير الفوتوغرافي في فتح العام 1968 وكان فيلم “لا للحل السلمي” الذي شارك بصنعه أول فيلم سينمائي فلسطيني ما بعد النكبة.
وأبو علي أحد مؤسسي جماعة “السينما الفلسطينية” في العام 1973 في بيروت، وشغل منصب رئيس مؤسسة السينما الفلسطينية في بيروت ما بين 1971 – 1980، وفي العام 1984 أسس ورئس مؤسسة “بيسان للسينما” في عمان، وأعاد تأسيس جماعة السينما الفلسطينية في رام الله في العام 2004.
ورأى أبو شاور، أن السينما الفلسطينية تطورت في الحقبة البيروتية، واستقطب أبو علي عددا من الشباب الطموحين، وساعدهم في تطوير مواهبهم، ومنهم من بلغ مستوى احترافيا في التصوير، وبعضهم أتقن مهنة الوقوف خلف الكاميرا، وإبداع أفلام تسجيلية قصيرة، ثم مضى في طريق الإبداع، في رحلته الفنية.
انهمك أبو علي في تحويل قسم السينما في الإعلام الفلسطيني الموحد إلى مؤسسة بمصورين باتوا محترفين بالخبرة، وعدد من المخرجين، ومحترفي مونتاج، وتوفير ما يلزمهم جميعا لإنجاز الأعمال بجهود فلسطينية وكان هناك عرب من عدة أقطار وبإرسالهم للمشاركة في مؤتمرات، وملتقيات، وفي دورات تأهيلية تضاعف من معرفتهم وخبراتهم وفق أبو شاور.
شريكة أبو علي الباحثة والكاتبة خديجة حباشنة تروي ذكريات أبو علي مع رواية “المتشائل.. حلم لم يتحقق”، قائلة “لم أر مصطفى معجبا ومتحمسا لعمل كمثل حماس أبو علي لتحويل رواية “المتشائل” للراحل “إميل حبيبي” إلى فيلم، رغم أن كل من قرأ الرواية من الزملاء والمثقفين حولنا أبدى استغرابه لهذه الحماسة، لاعتقادهم بعدم إمكانية تحويل رواية مثل المتشائل تعتمد على التورية اللغوية إلى فيلم سينمائي، وكان رد أبو علي أن “من الطبيعي أن يجدوا الأمر غير ممكن لأنهم ليسوا سينمائيين، هذه مهمة مخرج سينمائي”.
وأوضحت حباشنة أن رحلة أبو علي مع مشروع فيلم المتشائل لم تكن رحلة سهلة، فقد واجه بداية عدم وجود قناعة بين المثقفين والإعلاميين الفلسطينيين القريبين من والمؤثرين لدي أصحاب القرار بجدوى عمل فيلم عن رواية المتشائل، بعضهم لاعتقاده بعدم إمكانية تحويل الرواية إلى فيلم، والبعض كان يرى فيها رواية الشخصية الرئيسة فيها عميل للاحتلال وهذا لا يليق بالتعبير عن الشعب الفلسطيني المناضل، وآخرون اعتبروها عملا غير تعبوي.
تتابع حباشنة حديثها عن حماسة أبو علي للرواية بالقول “كان يرى في الرواية إبداعا غير مسبوق يعبر بحساسية بالغة وساخرة عما يعانيه الإنسان الفلسطيني تحت الاحتلال حتى عندما يضطر ان يكون متعاونا مع الاحتلال ليتمكن من تدبر شؤون حياته، وهو تعبير يقترب في بلاغته القبض على النقيض في النقيض، الأمل داخل المأساة، والحزن داخل الفرح والخيبة داخل النجاح”.
وأكدت حباشنة أن أبو علي رغم ما أنجز للسينما الفلسطينية ولقضية الشعب الفسطيني، حيث لعبت السينما الفلسطينية دورا مهما بالتعريف بالقضية وإيصالها إلى فضاءات واسعة، ورغم حزنه وإحباطاته التي عاناها من فهم وتقدير القيادات السياسية للسينما ولجهوده فيها، إلا أن أكثر ما كان يحز في نفسه أنه لم يحقق الأفلام الروائية التي حلم بتحقيقها وفي مقدمتها تنفيذ سيناريو “المتشائل”.
واخرج أبو علي العديد من الأفلام منها “الحق الفلسطيني”، (1967)، “لا للحل السلمي” (1969) بالاشتراك مع هاني جوهرية وصلاح أبو هنود، “بالروح بالدم” (1971)، “العرقوب” (1972)، “عدوان صهيوني” (1973)، “مشاهد من الاحتلال في غزة”، (1973)، “على طريق النصر”، (1974)، “ليس لهم وجود” (1974)، “تل الزعتر” (1977) بالاشتراك مع جان شمعون وبينو أدريانو، “فلسطين في العين” (1977)، وصدر له كتب “السينما الفلسطينية” (1975) بالاشتراك مع حسان أبو غنيمة.